أردوغان.. و«الشيزوفرينيا»!
نظام مارديني
مَن يقرأ ويراجع تصريحات أردوغان منذ بداية العدوان على سورية وحتى اليوم، يتبين له أنّ هذا الشخص مريض بالفعل ومصاب بـ «الشيزوفرينيا».. يعيش في العصور الوسطى، حاملاً سيف «دون كيشوت» محارباً الهواء أو بـ «السكايب»، إلا أنّ هذه التصريحات اليومية إذ تدل على إفلاس صاحبها، فإن الغاية منها إظهار نفسه في موقع المهاجم الدائم على خصومه وأعدائه، غير أن الواقع هو غير ذلك إذ يشير إلى موقفه الضعيف في الدفاع عن نفسه وسياسته الداخلية والخارجية المتهوّرة، ما يذكّرنا بقول الشاعر أبو تمام: «إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي ولم تستحِ فافعلْ ما تشاءُ».
ليس غير الجاهل مَن يعتقد بأن أردوغان يتصرف من منطلق اجتهاد شخصي، أو من «أهواء» تقع خارج دوره، او أنه يرتكب زلات لسان هنا وهناك، فإن حماسته السياسية وكثرة تصريحاته ولجاجة تلميحاته، تقطع الشك باليقين في أن أردوغان الجامح لا يزال يستقبل الحمام الزاجل المرسل من الرياض والدوحة لاستعمال الأراضي السورية العراقية كساحة تصفيات حساب إقليمية ودولية، ولكن تصريحه الأخير الذي يركز على شخص الرئيس السوري بشار الأسد وقبله رئيس الوزراء العراقي العبادي، يشير إلى رعونة وتخبّط هذا الشخص على صعيد السياسات الخارجية التركية، وليس قليلاً أن تصفه الخارجية السورية بـ «الطاغي الإخواني المتطرف الذي جعل من تركيا قاعدة للمجموعات الإرهابية»، في حين عبر الكرملين عن دهشته واعتبر «تصريح أردوغان كان مفاجئاً بالنسبة إلينا، وهو غاية في الخطورة، لأنه يتنافر مع التصريحات التركية السابقة ويتعارض مع فهم روسيا بصفتها الدولة الوحيدة التي تتواجد قواتها المسلحة في سورية بصورة شرعية»..
المفاجئ في تصريح أردوغان تجاه الرئيس الأسد استمرار غياب الرؤية السليمة لمجريات الأمور في سورية والعراق، كما في انعدام تحسباته للتحولات الدولية التي بدأت تتكشف بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية وفوز دونالد ترامب فيها، والاستعداد الأوروبي لاستقبال رئيس فرنسي جديد، وهو فرنسوا فيون الذي سبقته مواقفه تجاه روسيا وسورية إلى أذهان قادة أوروبا، ولكن الغريب هنا هو في غياب أي موقف حكومي تركي، بضرورة تنبيه أردوغان بوجوب الانضباط والتزام حدوده التي وضعت تركيا في فوهة بركان، داخلي وإقليمي وأوروبي، ما يذكّرنا بقول توماس كارليل: «يمكنني القول إن أعظم الأخطاء هو أن يكون المرء غير مدرك الأخطاء التي يرتكبها».
تدفع تصريحات أردوغان خلال الفترة الماضية، إلى التأكيد من أنه يعيش «شيزوفرينيا» كاملة، خصوصاً بعد استعادته الحرفية للرؤيا العثمانية تجاه سورية والعراق، ولكنه هل يدرك أننا نشهد اليوم الفصل الأخير من قصة «داعش» «النصرة»، وأن الجيشين السوري والعراقي يرسمان الآن نتائج انتصارهما الميداني، في الموصل وحلب؟
لشوبنهاور: «يمكن للمرء أن يفعل ما يشاء، لكنه لا يستطيع أن يريد ما يشاء»!