غارة «إسرائيلية» إعلامية جنوب دمشق… ومسلّحو شرق حلب لوفد تفاوضي وزير الداخلية العائد للحكومة يكشف سرّ اللعبة: ذاهبون إلى الستين أو التمديد!

كتب المحرّر السياسي

حجم التغيير الذي يفرض نفسه في المعادلات الإقليمية والدولية لصالح سورية ودولتها ورئيسها وجيشها، أظهره أمس، ما جرى خلال ساعة من تصريح أدلى به الرئيس التركي رجب أردوغان متحدثاً عن إسقاط الرئيس السوري، ليعقبة تعليق من الكرملين يستهجن ما قاله أردوغان، فيجري اتصال مفاجئ من أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ينتهي بتوضيح عن الرئاسة التركية يدعو لعدم أخذ كلام أردوغان بحرفيته كأنّ المصدر للتصحيح هو الرئيس والكلام المسيء الذي استدعى التصحيح قد قاله أحدٌ سواه من المحسوبين عليه.

كأنّ المشاغبات على النصر السوري، أو منح حقن معنوية وهمية للجماعات المسلحة، باتا أكثر ما يملكه حلفاء ومشغّلو هذه الجماعات، من الحفلة الاستعراضية في مجلس الأمن التي يديرها فريق الحكم الفرنسي المنتهي الولاية والصلاحية معاً، ومثله فريق الأمين العام للأمم المتحدة المنتهي الولاية والصلاحية أيضاً، إلى كلام أردوغان وانتهاء بالغارة التي شنّتها طائرات «إسرائيلية» في جنوب دمشق رافقها سيل من التسريبات والفرضيات، ليتبيّن أنها مجرد دعم إعلامي للجماعات المسلحة ومشاغبة على النصر السوري في حلب، وأنّ المستهدف كان مبنى جنوب العاصمة السورية ولا إصابات ولا أهداف قيادية أو سلاح نوعي أو قوافل إمداد.

لم يلتفت المعنيون بالحسم في حلب وسائر جبهات سورية لهذه المشاغبات، لا من مجلس الأمن ولا من أردوغان ولا من «إسرائيل»، ولا بان من حركتهم في الميدان أنهم أقاموا لأيّ منها حساباً. فالجيش السوري يستعدّ لمعركة الباب، حيث الخطوط التركية الحمراء، ويتقدّم في حلب ويقضم المزيد من مناطق سيطرة المسلحين، الذين شكلوا ليلاً وفداً مفاوضاً منحوه كامل الصلاحيات بمعزل عن كلّ وفود المعارضة وقياداتها في الخارج، وجمعوا على التفويض الخطي تواقيع قادة الجماعات المسلحة واحدة واحدة، والوفد يضمّ أبو عمر حبو وحمزة الخطيب وأحمد الحريري وعارف شريفة وضياء العبسي، بينما على حدود القنيطرة والجولان واصل الجيش السوري والحلفاء كما في غوطة دمشق التقدّم وكأنّ الغارة الإسرائيلية لم تتمّ.

لبنانياً، مع المراوحة الحكومية المستمرّة كان اللافت كلام وزير الداخلية العائد لوزارته في الحكومة الجديدة، كوزير مسؤول عن إعداد قانون جديد للانتخابات وتقديمه لمجلس الوزراء لإقراره وإرساله إلى المجلس النيابي، والمسؤول تالياً عن الإشراف على الانتخابات وعن دعوة الهيئات الناخبة، وقد وضع الأمور بين حدّي السير بالانتخابات على أساس قانون الستين أو التمديد للمجلس النيابي الحالي، إذا كان المطلوب قانوناً جديداً، بداعي الحاجة للوقت للتهيّؤ لما يفرضه القانون الجديد على أجهزة وزارة الداخلية. ويبدو أنّ كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق ينقل النقاش حول الحكومة إلى المزيد من الوضوح وحسم الخيارات، فحكومة التمديد غير حكومة قانون الستين، كما يبدو من كلام الوزير.

المشنوق أطلق النداء الأخير: «الستين» هو البديل

تعيش المفاوضات على الصعيد الحكومي حالة من المراوحة وتبادل الشروط والاتهامات بالتعطيل بين القوى المعنية بالتشكيل التي لم تستطع حتى الآن إحداث اختراقٍ جدّي باتجاه معالجة الأسباب الظاهرية لولادة الحكومة التي تتمحور حول التمثيل «القواتي» «المنتفخ» وإسناد حقيبة أساسية للوزير سليمان فرنجية في ظل صراع أكبر يدور حول المعادلة السياسية والتوازنات التي ستحكم أولى حكومات العهد الجديد.

في ظل تضاؤل خيارات المعنيين دستورياً بتشكيل الحكومة أي رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلف في بلدٍ تحكمه الاعتبارات الطائفية والتوازنات السياسية وتأثير المحاور الإقليمية ويطفو على أزمات داخلية جمة ولا يستطيع حتى اتخاذ إجراءات استباقية للعاصفة المناخية التي تضرب لبنان وخلفت خسائر في الممتلكات والمزروعات في مناطق عدة، رغم تحذيرات المراصد الجوية في مطار بيروت، يبقى الرهان على عامل الوقت والانتظار علّه يصل بالحكومة الى بر الأمان. لكن أولى ضحايا التأخير سيكون قانون الانتخاب، وما كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس، إلا النداء الأخير للقوى السياسية ويُخفي في طياته إشارة انطلاق جدية لإجراء الانتخابات النيابية على قانون الستين لأن أي قانون آخر بحسب المشنوق يحتاج إلى وقتٍ لتثقيف المواطنين واستعدادات تقنية.

ونبّه المشنوق إلى أنه «إذا لم تتوصل القوى السياسية اللبنانية إلى اتفاق حول قانون انتخاب يقوم على صيغة نسبية عاقلة، فسنذهب حكماً إلى انتخابات نيابية وفق قانون الستين، نسبية عاقلة وليست نسبية حسابية». وأوضح في كلمة ألقاها في مؤتمر «الإطار القانوني للانتخابات البرلمانية» أنّ «لبنان سيظلّ بلا قانون ثابت يحكم العملية السياسية ما لم يتفاهم اللبنانيون بشكل حاسم على صيغة شراكة في ما بينهم»، مؤكداً أنّ «قانون الستين مرفوض من قبل الجميع علناً، وربما مرغوب فيه بشكل سرّي عند الكثير من القوى السياسية».

وربطت مصادر مطلعة في 8 آذار بين كلام وزير الداخلية وبين تعطيل تشكيل الحكومة، مرجحة لـ«البناء» إجراء الانتخابات المقبلة على قانون الستين لضيق الوقت أمام الحكومة لإقرار قانون جديد، مضيفة: «لا حكومة في المدى المنظور وإذا لم تنجز قبل الأعياد فقد تمتدّ لأسابيع عدة وربما أشهر».

حزب الله لن يضحّي بحلفائه

ولفتت المصادر نفسها الى أن «حزب الله مستعد أن يسهّل تشكيل الحكومة، لكن في النهاية هناك قواعد لعبة تحكم المعادلات وموازين قوى وهناك أطراف حليفة ولها حيثيتها ووزنها وغير مستعدّ للتضحية بها أو تهميشها بل سيدعم تمثيلها في الحكومة»، وتساءلت المصادر: وفق أي معايير سينال حزب القوات 4 وزراء ولديه 8 نواب في المجلس النيابي، بينما حركة أمل وحزب الله لديهما 27 نائباً وحصتهما الوزارية 4 وزراء وتنال القوات حصة موازية لحصة التيار الوطني الحر الذي يملك 21 نائباً؟

واستغربت المصادر «حديث بعض القوى التي حالت دون وصول الرئيس عون الى سدة الرئاسة طوال عامين ونصف العام عن محاولات فريق 8 آذار لاستهداف العهد الجديد وعرقلة تشكيل الحكومة، في حين تحاول «القوات» بغض طرف من التيار لإقصاء الوزير فرنجية عن التشكيلة الحكومية»، مشددة على ضرورة تمثيل المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال أرسلان في أي تشكيلة بمعزل عن عددها»، بينما أشارت مصادر مستقبلية لـ«البناء» إلى «إصرار الرئيس سعد الحريري على صيغة الـ24 وزيراً وتمثيل ما أمكن من القوى السياسية»، مستبعدة «العودة الى خيار الحكومة الثلاثينية».

الحكومة في خواتيمها؟

وقالت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«البناء» إن «عملية تشكيل الحكومة باتت في خواتيمها الأخيرة رغم النقاش والجدال الدائر حول بعض الحقائب التي هي على طريق الحلحلة لا سيما أن البناء الأساسي للحكومة قد تم الاتفاق عليه منذ الأسبوع الاول للتأليف وحصر التنافس حول بعض الوزارات الخدماتية التي يحاول كل فريق أخذها لتوظيفها في الانتخابات النيابية المقبلة». وشددت المصادر على أن «رئيس الجمهورية لن يسمح بأن يستمر النهج القديم في عملية تشكيل الحكومات، لكن لا يعني ذلك أن الرئيس بحالة كباش سياسي مع أي من القوى السياسية، بل هو الأب للجميع والضامن للوحدة والاستقرار وتمثيل كافة القوى هو ليس مع فريق ضد آخر». ونفت المصادر كل ما يشاع عن «نية لدى الرئيس عون لتوقيع مرسوم تشكيل الحكومة مع الرئيس المكلف بصيغتها النهائية الحالية إذا ما أصرت القوى السياسية على مطالبها وشروطها»، مبدية تفاؤلها بـ»تشكيل حكومة خلال الأيام القليلة المقبلة»، متحدثة عن «مخارج لحقيبة الأشغال العقدة الاخيرة يجري العمل على إيجادها».

وأشارت المصادر الى «رفض التيار إجراء انتخابات على قانون الستين»، نافية أي اتفاق مع القوات لعرقلة إقرار قانون جديد والإبقاء على الستين الذي يسمح باحتكار المقاعد المسيحية على حساب القوى الأخرى، مشيرة الى أن «التيار بانتظار ولادة الحكومة لتبدأ ورشة الإصلاح والتغيير من بوابة قانون انتخاب جديد»، لكنها أوضحت أنه في حال لم تنجح الحكومة في التوصل الى قانون توافقي، فإن التيار سيرفض التمديد وسيخوض الانتخابات على أساس الستين، ومن الطبيعي حينها عقد التحالفات الانتخابية مع القوات وسائر القوى الحليفة وتوزيع المقاعد بينها».

وعن استعداد «التيار» لإقرار قانون انتخاب جديد في المجلس النيابي في حال تعذّر ذلك في الحكومة، أكدت المصادر أنه «إذا دعا رئيس المجلس نبيه بري الى جلسة لإقرار قانون جديد للانتخابات فتكتل التغيير والإصلاح سيلبي الدعوة وسيشارك».

بري: العقدة ليست عندي

وجدّد الرئيس بري التأكيد على الإسراع في تشكيل الحكومة. ونقل النواب عنه بعد لقاء الأربعاء أمس، أنه «قدم كل التسهيلات لتأليف الحكومة، وأن العقدة ليست عندي بل هي في مكان آخر».

وقال بري إنه منذ بداية عملية التأليف أبدينا حرصنا على كل ما يؤدي الى ولادة الحكومة، وانتقلنا من تشكيلة الـ 30 الى تشكيلة الـ 24، كما قبلنا بالتخلي عن حقيبة وتحويلها الى وزارة دولة من أجل تسهيل العملية، فالمشكلة ليست عندنا ونحن ننتظر.

واتهم عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أيوب حمّيد «التيار» و«القوات» بأنهما «أساس المشكلة في تأليف الحكومة ولن نقبل بتحجيم النائب سليمان فرنجية».

عون: سنعمل لإعادة صلاحيات «الدستوري»

على صعيد آخر، وعد الرئيس ميشال عون رئيس وأعضاء المجلس الدستوري بالعمل، بالتعاون مع السلطات المختصة، على إعادة ما انتقص من صلاحيات هذا المجلس، لا سيما تفسير المواد الدستورية. وجاء موقفه خلال زيارته أمس، مقر المجلس الدستوري في الحدت، حيث قدم الى رئيسه الدكتور عصام سليمان تصريحين بأمواله وأموال زوجته السيدة ناديا عون، المنقولة وغير المنقولة، الأول لمناسبة انتهاء ولايته نائباً عن دائرة كسروان، والثاني لمناسبة بدء ولايته في رئاسة الجمهورية، عملا بقانون الإثراء غير المشروع.

.. وأوغلو في بيروت

وبعد زيارة الموفد الملكي السعودي أمير منطقة مكة خالد الفيصل وبعده وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى بيروت، يصل مساء اليوم وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، لنقل تهاني الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى الرئيس عون الذي يستقبله غداً الجمعة، الأمر الذي يعكس تنافساً في الأدوار بين السعودية وقطر وتركيا على الساحة اللبنانية. ويشمل برنامج زيارة الوزير التركي الرؤساء بري، وتمام سلام وسعد الحريري، ونظيره جبران باسيل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى