قالت له
قالت له: قرّرت أن أترك الصبر معك وأن أدع مسالمتي جانباً، وأن أختبر روحي العدائية، فأردّ على كل تحدّياتك بأشد منها. وعلى تعدّياتك بما تجمّع لدى الجنّ والإنس من المكائد. فقد سئمت الاعتذار والسعي إلى كسب الرضا والتواضع والتراجع.
فقال لها: أثق بذكائك حدّ أني لا أصدق أنك تصدقين مزاعم المسالمة سوى في تمسكن التمكّن الذي تتّبعين، وادّعاء الضعف وأنت تستقوين، ولو تجمّع الإنس والجن بمكائدهم لما بلغوا مرتبة التمسكن والمظلومية التي تُظهرين، وفي العمق بخناق من حولك تمسكين، تتغندرين وتتغاوين وترسمين للحرّية حدوداً عليك وحدك تطبقين، ثم تقولين وماذا أفعل خارج المألوف، وأنت تتلاعبين بالحروف، لأنك تعلمين أن الأمر ليس في الحال بذاته، بل بالقياس للحال ذاته على الآخرين، وأنت لا تطبقين كمحقّق بوليسيّ، تتصرفين وتتمسكنين وتجمعين حولك المعجبين وتوزّعين الأسماء: هذا أخ وهذا صديق وهذا معجب، وهذا تعجّب وهذا يقرأ ما في كفّي، وهذا كان في صفّي. فلو تخبرينني ماذا بقي من مصادر القوة كي تهدّدي وماذا تدّخرين؟
فقالت: ما لا يمكن أن تفترض وما لا تستطيع أن تعترض.
فقال لها: أتلعبين؟
فقالت: دعنا نلعب حتى نتعب.
فقال: لعبة جديدة أم مكيدة؟ أم نتبارى بالقصيدة؟
فقالت: لعبة قاسية لئيمة.
فقال لها: أهجرك أو تهجرين؟
فقالت: يبدو أنك راغب بالهجر، تتخفّى باللعبة وتريدها في اللعب، وتقصدها جداً. وأنا بتّ أريدها جدّاً جدّاً جدّاً.
فقال: فلنجرّب ونكتشف في النهاية مَن المخرّب.
واستدارا، ظهراهما لبعضهما، ومشيا خطوة وخطوة وثالثة، وتلصّصت عين أحدهما على الآخر، فتبسّما ورجعا كما سارا، خطوة خطوة، واستدارا لعناق.