حلب: تداعيات تحرير الأحياء الشرقية
حميدي العبدالله
يمكن رصد تداعيات تحرير الأحياء الشرقية في ثلاثة اتجاهات.
الاتجاه الأول، التداعيات العسكرية. من الواضح أنّ تحرير الأحياء الشرقية سترتب عليه نتيجتان على جانب كبير من الأهمية في ما يتعلق بالحرب الدائرة الآن في سورية. النتيجة الأولى، أنه يحرّر قوة كبيرة من قوات الجيش السوري والقوى الرديفة والحليفة التي كانت معنية بالحفاظ على أطول خطوط تماس في كلّ أنحاء المناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة بعد سيطرة المسلحين على الأحياء الشرقية في حلب، سواء خطوط التماس الواقعة داخل مدينة حلب والفاصلة بين الأحياء الشرقية والأحياء الغربية، أو خطوط التماس التي تلتفّ دائرياً حول مدينة حلب التي كانت مطوّقة من جهاتها الأربع ما عدا ممرّ ضيّق يربط بين المطار والأحياء الغربية. تأمين خطوط التماس هذه في مواجهة أيّ هجمات للاستيلاء على الأحياء الغربية من المدينة استدعى حشد عشرات آلاف المقاتلين، اليوم وبعد تحرير الأحياء الشرقية، وفور الفراغ من استكمال هذه العملية، وما ترتب عليها من إبادة لعناصر النخبة في المجموعات المسلحة أثناء معارك تحرير حلب التي استمرّت أكثر من سنة ونصف السنة، يكون الجيش السوري وحلفاؤه قادرين على تحضير القوات الاقتحامية وأكثر من نصف قوات تأمين خطوط التماس لخوض معارك على جبهات أخرى، وهذا يعتبر تحوّلاً نوعياً في مجرى الصراع العسكري في سورية لا توازيه أيّ معركة أخرى انتصر فيها الجيش السوري على المسلحين.
النتيجة الثانية، أنّ قوة الإرهابيين المركزية التي كانت تتنقل بين الجبهات، سواء جبهات أرياف اللاذقية وحماة، تناقصت بنسب كبيرة بسبب المعارك التي خاضها الإرهابيون للحؤول أولاً دون محاصرة الأحياء الشرقية في حلب، وثانياً للدفاع عن هذه الأحياء. ومن الصعب تعويض هذه القوة التي أبيدت بسرعة تمكنها من استعادة قدراتها التي كانت عليها قبل معارك تحرير حلب، ناهيك عن الآثار المعنوية لهذا الانتصار على المقاتلين السوريين المؤيدين للدولة وعلى المقاتلين الذي يقاتلون إلى جانب الجماعات المسلحة.
الاتجاه الثاني، على المستوى السياسي، وقد لخصت وجهة هذه الاتجاه صحيفة «الديلي تلغراف» التي قالت حرفياً «سقوط حلب ستكون له تداعيات سياسية وجغرافية هامة».
والأهمّ في التداعيات السياسية أنّ الدول التي خاضت الحرب ضدّ سورية من أجل إسقاط النظام، أو تقسيم سورية، أو استنزافها لفترة طويلة أصبحت الآن مضطرة لإعادة النظر في حساباتها.
الاتجاه الثالث التداعيات الاقتصادية. إذ من المعروف أنّ حلب هي مرتكز الاقتصاد السوري، وكان تقسيم أحيائها والحرب الدائرة داخلها تقوّض أيّ قدرة على نهوض اقتصادها، ولكن بعد تحرير الأحياء الشرقية ستشهد حلب نهضة اقتصادية ستترتب عليها تداعيات إيجابية على مجمل الاقتصاد السوري.