الحسن: الضربات الجوية لا يمكن أن تحسم المعركة على الأرض الشامي: حماية الأقليات شعار أميركي مقدمة للاعتراف بـ «إسرائيل» بطريركية الروم الكاثوليك: سلامة المسيحيين من سلامة المجتمع
دمشق ـ رانيا مشوح
كما بات جلياً من التصريحات الأميركية فإن الضربة العسكرية التي أعد لها أوباما عدته كاملة ضد تنظيم داعش على الأرضي السورية والعراقية ستبدأ في غضون الأيام الثلاثين المقبلة، وهو ما يطرح تساؤلات عدة: حول حقيقة استهداف داعش أم أنها الحرب المؤجلة التي حان وقتها على دمشق من بوابة مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات المتطرفة، ولماذا تلعب الولايات المتحدة على وتر مسيحيي سورية في هذا التوقيت بالذات.
التباس الموقف
رأى الباحث الاستراتيجي الدكتور تركي الحسن أن الموقف الأميركي فيه التباس كبير لأن من يريد قتال داعش عليه الذهاب والتنسيق مع من يقاتل داعش فعلياً، وبالتالي عليه الانعطاف للتعامل مع الدولة السورية. وأضاف الحسن في حديثه إلى «البناء» أن على الإدارة الأميركية أن تطبّق مضامين القرار 2170 الذي كان من أبرز بنوده منع الحشد والتمويل والتسليح، فإذا كانت الإدارة الأميركية صادقة في نيتها لمكافحة الإرهاب عليها أن تحقق هذه البنود أولاً.
في حين أكد عضو مجلس الشعب السوري الدكتور أنس الشامي أن الولايات المتحدة الأميركية منذ اللحظات الأولى التي صاغت بها سيناريو الشرق الأوسط الجديد، وضعت روايات لضرب النظام السوري، لكنها فشلت بفضل حنكة الساسة السوريين وحكمة القيادة السورية، كما شاهدنا بالأمس الإدارة الأميركية تحرّك الرأي العام حول الكيماوي السوري وفي المقابل نجاح الدبلوماسية السورية بسحب هذا الفتيل من فوهة المدفع الأميركي هي وحلفاؤها وعلى رأسهم روسيا.
وأضاف الشامي: «بعد فشلهم في استغلال الكيماوي، أنشأت أميركا ما يسمى بداعش البعبع الذي ظهر فوراً بعد التوافق على تسليم السلاح الكيماوي، فجاءت به لضرب النظام السوري متنكرة بحجة مكافحة الإرهاب» وتابع: «ندرك المراد لسورية وللمنطقة منذ أن بشرتنا كونداليزا رايس بالفوضى الخلاقة، هذه الفوضى التي نراها في المنطقة».
وأردف الشامي قائلاً: «أنا ومن موقعي الرسمي، أؤكد أن أي مسّ بسيادة سورية، ستكون نتائجه خطرة على المنطقة بأسرها وستتجاوز الحدود الجغرافية، وسيطاول رد فعل كل من يعبث بأمن سورية، كما أن الشعب السوري بات يدرك ما يحاك له، وأن أميركا وحلفاءها شركاء بما يحصل من قتل وتدمير وتهجير».
أكذوبة المعارضة المعتدلة
جددت الولايات المتحدة دعم المعارضة المسلحة التي اعتبرتها معتدلة ومدها بالمال السلاح، ويرى الحسن أن تلك الفصائل والتنظيمات على اختلاف تسمياتها، إما تابعة للقاعدة أو منتجة من الإخوان المسلمين. وأضاف من يريد محاربة الإرهاب عليه التنسيق مع القيادة السورية التي تعتبر في مثل هذه الحالة كنز المعلومات الأول في سورية .
فيما اعتبر الدكتور أنس الشامي أنه لم تعد هناك معارضة وطنية ولا غيرها فعندما تضرب سورية من عدو خارجي فمن ينتمي حقاً لهذا الوطن عليه التخلي عن انتماءاته الأخرى والوقوف بجانبه ،وأضاف نحن كشعب نقف خلف رئيسنا المنتخب وندرك ما يدور ويخطط لنا من مخططات قذرة.
بالنظر إلى الضربات المحتملة يتبادر سؤال، وهو هل بإمكاننا الثقة بالإدارة الأميركية بأنها ستستهدف المجموعات الإرهابية وأماكن وجودها أم أنها ستقوم بشن غارات على مواقع عسكرية وحيوية سورية خطط لها مسبقاً.
ويرى الدكتور الحسن أن الضربات الجوية لا يمكن أن تحسم المعركة على الأرض فالتاريخ شاهد على ما حصل في أفغانستان واليمن، وأشار إلى أن أي ضربة ولو كانت ضد داعش إذا تمت من دون تنسيق مسبق مع الحكومة السورية فهي بمثابة عدوان.
أميركا وداعش ومسيحيو سورية
صدم أوباما الرأي العام بتصريحه الذي أشاد فيه بدور الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد بحماية المسيحيين في سورية، لكن هذا الاعتراف لربما يحمل في طياته مضامين أخرى اعتبرها الشامي كلمة حق أريد بها باطل، فالمسيحيون شركاء في الأرض والتاريخ والحضارة وهم سكان أصليون، وأضاف: «حماية الأقليات هذا الشعار الذي بدأت تردده الإدارة الأميركية ليلاً ونهاراً أهو بوابة أرادت بها إقحامنا في دوامة ستكون نهايتها الاعتراف بدولة «إسرائيل» فلقد رأينا ما حصل من تمهيد لهذا المخطط من خلال الكلام الذي جاء على لسان الجنرال تيد كروز في العشاء الذي أقيم على هامش مؤتمر الدفاع عن مسيحيي المشرق حين هدد الحاضرين قبل خروجه مطروداً قائلاً إذا لم تقفوا إلى جانب «إسرائيل» واليهود لن نقف إلى جانبكم». وتعقيباً على ما حصل أصدرت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك بياناً أوضحت فيه أن البطريرك لحام جدد موقفه الرافض لتصريحات السيناتور كروز التي تصور المسلمين على أنهم أعداء للمسيحيين واليهود. وأضافت أن البطريرك رفض المشاركة في جلسة حول أوضاع المسيحيين لأنها ملتبسة في مواضعها ومن شخصية المتحدثين فيها، مبينة أن البطريرك لحام اعتبر ذلك خروجاً عن موضوع المؤتمر واستغلالاً للمناسبة من أجل إطلاق مواقف معادية للأنظمة والشعوب والعيش المشترك. في حين كان الشارع المسيحي في سورية يؤكد رفضه التام لأي حرب تشن على سورية بحجة حماية وسلامة المسيحيين، فسلامة المسيحيين وأمنهم من سلامة باقي شرائح المجتمع السوري مُصانة منذ آلاف السنين وإذا كان أوباما يريد الدخول في الحرب وضرب سورية بحجة حماية المسيحيين فإن كل مسيحيي سورية هم فارس الخوري. وعبر الشامي في هذا السياق أننا ندرك أن «إسرائيل» السرطان المستشري وما يجرى لأجل عيونها، فمنذ اللحظات الأولى قرر برنارد ليفي ضرب المشروع العربي الغائب منذ زمن بعيد لم تحمله إلا سورية.
هل حان الوقت لتدق دمشق ناقوس الحرب بمباركة عالمية؟ فقاعة الحرب ما زالت تجول في الأفق، لكن هل ستتمكن مرة أخرى الحكمة السورية من احتوائها أم أن الأيام المقبلة سترمي برذاذها على دمشق؟
ويبقى السؤال الأهم، لماذا حاز التنظيم هذه الشهرة والقوة والسيادة بفترة القصيرة؟ ولماذا اتخذ القرار بالقضاء عليه في مدة أقصر؟ فهل اختلقت أميركا داعش وتعمل على إبادته لشرعنّة ضربها لسورية أم أن الرئيس الأميركي تجاوز المبدأ وقرر أن يكون أول العلاج الكي؟