هدف جديد لإدارة أوباما في سورية
حميدي العبدالله
تدرّجت الأهداف الأميركية في سورية منذ بدء الحرب عليها تبعاً للتطورات السياسية والميدانية.
في البداية كان الهدف الرئيسي إسقاط الدولة السورية على غرار ما حصل في العراق وليبيا، بذريعة تغيير «النظام الديكتاتوري»، وكان الرئيس أوباما يراهن على إمكانية حدوث مسار شبيه بتونس ومصر، أيّ سقوط النظام من خلال الحراك الذي جرى، لا سيما في عامي 2011 و 2012. وقد جاهر الرئيس الأميركي وجادل أمام ضيوفه الأجانب بالعمل على هذا الخيار لتحقيق هدف السياسة الأميركية في سورية.
عندما تبيّن لاحقاً، ابتداءً من النصف الثاني من عام 2012، أن ّهدف إسقاط النظام لم يكن هدفاً واقعياً، وأنّ إدارة أوباما كانت حساباتها غير دقيقة على هذا الصعيد، انتقلت إلى الحديث عن أهداف جديدة للسياسة الأميركية في سورية، هذه الأهداف موزعة على هدفين رئيسيين، الأول اقتسام السلطة بين عملاء الولايات المتحدة المعارضة وبين «النظام الحالي»، أو تقسيم سورية إذا لم يوافق النظام وحلفاؤه على ذلك.
تداخل العمل على تحقيق هذين الهدفين بالعمل على هدف ثالث، وضعته إدارة أوباما في حال فشلها في الوصول إليهما، وهو إطالة أمد حرب الاستنزاف، إذا تعذّر تقاسم السلطة، وإذا فشلت الخطط الأميركية في تكريس تقسيم سورية إلى منطقتين واحدة تقع تحت النفوذ الأميركي، والأخرى تكون تحت سيطرة الدولة السورية الحالية.
يبدو الآن، وتحديداً بعد المكاسب التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في مدينة حلب، سواء في أرياف حلب، أو في الأحياء الشرقية من المدينة، أنّ جميع هذه الأهداف لم تعد أهدافاً واقعية وقابلة للتنفيذ. فتقسيم سورية كان ممكناً لو تكرّست السيطرة على حلب من قبل حلفاء الولايات المتحدة، ولكن الذي حصل هو العكس. واستمرار حرب الاستنزاف بالقوة التي يراهن عليها لتقديم تنازلات من قبل الدولة السورية وحلفائها، هو الآخر خيار تضاءلت فعاليته بعد هزائم المسلحين في حلب، واقتسام السلطة لم يعد هدفاً واقعياً في ظلّ التطورات الميدانية الأخيرة. أمام هذه التطورات فإنّ الواقعية، تفرض على الإدارة الأميركية البحث عن هدف لسياساتها في سورية يتناسب والظروف الجديدة، ويبدو أنّ إعلان وزير الخارجية الأميركي الأخير عن حلّ للأزمة في سورية قائم على دمج المعارضة بالأجهزة الحكومية السورية، هو الهدف الجديد للسياسة الأميركية.
من الواضح أنّ عمر إدارة أوباما لا يمنحها فرصة للعمل لتحقيق هذا الهدف، ولكنها ستورث إدارة ترامب العمل عليه، وموقف ترامب الذي عبّر عنه في حملته الانتخابية، ينسجم مع هذا الهدف، ولا سيما عزمه على أن لا يكون هدف إسقاط الرئيس الأسد هو أولوية السياسة الأميركية.
قد يكون العمل على تحقيق هذا الهدف هو المخرج للولايات المتحدة من تورّطها في الحرب على سورية.
في مطلق الأحوال هذا ما تقوم به الدولة السورية الآن من خلال المصالحات، وهذا من شأنه أن يوفر أرضية سياسية ملائمة للتفاهم على حلّ بهذا المضمون.