مقاطعة أمستردام وحدها لا تكفي

محمد شريف الجيوسي

تردّد على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال أنّ الفيلم الهولندي الإباحي نزل إلى الأسواق، وهو الفيلم الذي يسخر من النبي محمد، فتجدّدت الدعوة إلى مقاطعة البضائع الهولندية حصراً، من دون منتجات الكيان الصهيوني الذي ما زال يحتلّ أراضي عربية وينتهك المقدسات المسيحية والإسلامية، ويقتل ويأسر الأطفال والنساء والشيوخ والنواب ويدعم الإرهاب ويسرق المياه ويخرّب الاقتصاد ويحرق المزارع الحدودية مع الأردن ويلوّث مياه نهر الأردن، فضلاً عن سرقتها، ويطلق خنازيره باتجاه الأردن ويعلن في أناشيد مدارسه، صباح كلّ يوم أنّ الضفة الشرقية له أيضاً، ويصدّر الجواسيس ويعدّ لنا العدة.

وينسى الطيبون من أمتنا ودعاة مقاطعة هولندا فحسب، أنّ منتجي الفيلم الهولندي، ما كانوا ليتعمّدوا بهذه الوقاحة إطلاق الافتراءات بحق النبي محمد، لو لم تكن واشنطن وتل أبيب والاتحاد الأوروبي، وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والقوى الرجعية، تؤمّن لهم الحماية وتغطي تصرفهم المسيء إلى أهمّ رموز هذه الأمة.

إذا كانت غاية الانتصار لهذا الرمز حقيقية وصادقة، فعلينا ألا نجعل البردعة هدفنا فحسب، فعضّها لن يغيّر من واقع الأمر شيئاً، بل سيشغلنا عن الهدف الأهمّ، وهو الحصان ومن رتّب أمره…

علينا مقاطعة بضائع الكيان الصهيوني ووقف كلّ أشكال التطبيع الاقتصادي والثقافي معه، وإنْ كانت الدول، لأيّ اعتبار، غير قادرة على ذلك، فليرفض المواطن العربي وليس الأردني والفلسطيني فحسب، التعامل مع أيّ سلعة أو أيّ منتج له رائحة صهيونية «إسرائيلية» استيطانية.

ومثلما تتنفس هولندا من رئات واشنطن والاتحاد الأوروبي وتل أبيب، فإنّ الأخيرة تضرب بسيف واشنطن والاتحاد الأوروبي، وتتزنّر بدعم إقليمي، وعليه لا بدّ من مقاطعة المنتج الأوروبي الغربي والأميركي والتركي عضو حلف «ناتو».

من الحكمة مقاطعة كلّ منتج صهيوني وأميركي وأوروبي غربي أسهم في استعمار بلادنا وتقسيمها وما زال يعمل على ذلك، حيث يبثّ الفتن ويصنّع الإرهاب ويدعم الفتنويين التكفيريين ويحرف البوصلة ويدعم التفوّق والوجود الصهيوني الاستيطاني الاحتلالي الاستعماري العنصري التوسُّعي العدواني في المنطقة.

مقاطعة هولندا فحسب، ستشجع الآخرين على توسيع قاعدة الإساءة تضامناً معها، وستظهر هولندا وكأنها بلد صغير مستهدف، بمقاييس الغرب، في قضية تتصل بالمفاهيم الغربية بـ«حرية الرأي»، وسط صمت أصدقاء الغرب وواشنطن وتل أبيب في الإقليم، فيما يقصد باستهداف النبي محمد، ترويض العرب على الصمت وقبول المذلة والإساءة والخنوع، ابتداء بدينهم وكراماتهم ومروراً بحرياتهم واقتصادهم ومقدراتهم.

وعليه، ينبغي أن يكون الردّ شاملاً، باستهداف منتجهم الاقتصادي والاستعماري الثقافي، واستراتيجياتهم العدوانية الحربية الاستعمارية ومصالحهم، بعيداً عن استهداف معتقداتهم ومعتنقاتهم فذلك من شأن مجتمعاتهم والابتعاد عن كونها حرباً دينية، فهم يريدون ذلك، لعكسها علينا حروباً طائفية ومذهبية ودينية وإثنية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى