لافروف لمسلّحي حلب: الانسحاب أو الموت… والجيش بعد الشعار إلى القلعة قبيل خطاب نصرالله… باسيل: حلفنا ثابتٌ والنسبية مشروعُنا والحكومة للجميع
كتب المحرّر السياسي
الصدمات الإيجابية المتلاحقة جعلت سقف التوقعات يرتفع في الملفين الإقليمي والمحلي، فبينما كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ينعى التعاون مع واشنطن مع اتهامها بالمماطلة في التوصل إلى اتفاق ينتهي بسحب المسلحين من شرق حلب، كان يحسم موقف حكومة بلاده بعنوان عريض، لا مجال أمام مسلّحي شرق حلب إلا الاختيار بين الانسحاب أو الموت. وفي موسكو كان رئيس الحكومة ديمتري ميدفيديف يلتقي رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في إطار اللجنة المشتركة للبلدين لمراجعة التفاهمات الاقتصادية، بينما كان الرئيس التركي رجب أردوغان يُبرم اتفاقية السيل التركي لمد أنابيب الغاز الروسي نحو ساحل أوروبا، بما يحمله من مكاسب نوعية لتركيا في سوق الطاقة وصرف نظر تركيا عن البدائل الافتراضية التي رافقت الحرب في سورية وتورّط تركيا فيها، ليعلن يلدريم في ختام المحادثات أنّ الحلّ في سورية يبدو اليوم أقرب من أيّ وقت مضى، فينزل كلامه على رؤوس المسلحين ومسانديهم كالصاعقة بعد كلام لافروف، ويُترجَم بنتائج سريعة عبّرت عنها حالة الفرار الجماعي لمسلحي الأحياء الشرقية في حلب، الذين خرج منهم مساء أمس قرابة الخمسمئة، وسلّموا أسلحتهم للجيش السوري، الذي كان يواصل تقدّمه النوعي المتسارع، بعد إحكام قبضته على حي الشعار الاستراتيجي، متقدّماً بسرعة نحو قلعة حلب، مع توقعات بتحوّلات نوعية ستشهدها الأوضاع العسكرية في الأحياء الشرقية لمدينة حلب خلال الأيام الفاصلة عن نهاية الأسبوع.
لبنانياً، كلام يدعو للتمهّل في قياس المهل الحكومية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتبديد للهواجس على لسان رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارحية جبران باسيل، في ملاقاة تدعو للتفاؤل للخطاب الذي يرتقبه الجميع من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والذي ينتظر أن يضع ثنائية التفويض المفتوح لرئيس المجلس النيابي نبيه بري في التفاوض حول الحكومة، والتحالف المؤسس على الثقة المطلقة مع التيار الوطني الحرّ بشخص زعيمه الذي صار رئيساً للجمهورية ورئيسه وزير الخارجية، وتمسّك بتطبيع العلاقات بين حلفاء المقاومة وخصوصاً العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المردة.
كلام باسيل أجاب بوضوح على التساؤلات المرافقة لمرحلة ما بعد الرئاسة تضمّن تمسكاً بالتحالف مع حزب الله فوق الثنائيات والانتخابات والرئاسات والحكومات، وبالتمسّك بتمثيل شامل للحكومة، القوميون والمردة والنائب طلال أرسلان وتمثيل سنّة الثامن من آذار والكتائب، وقانون للانتخابات على أساس النسبية يفصل مساره عن الحكومة، فلا مانع من السير به اليوم قبل الغد، يجمع التيار وحركة أمل كحليفين على البيان السياسي في دولة المواطنة.
مصادر متابعة قالت لـ «البناء» إنّ الاستثمار على كلام رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، بملاقاة كلام السيد نصرالله، سيتيح انطلاق مساعٍ حثيثة لحلحلة حكومية وبلورة قانون الانتخاب في الأسبوع المقبل، بالتزوّد بشحنة دافعة تتيح السيطرة على التعقيدات.
نصرالله يوضح الصورة الجمعة
مع وصول مساعي الرئيس المكلّف سعد الحريري لتأليف الحكومة إلى طريق مسدود بعد أكثر من شهر على التكليف، وفي ظل تصاعد وتيرة الاشتباك السياسي وتصلّب موقف حزب «القوات اللبنانية» واتهام حزب الله وقوى 8 آذار بالتعطيل، يُطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة متلفزة مساء الجمعة المقبل، لتوضيح الصورة الحكومية وتصويب المسار ووضع النقاط على الحروف ويتطرق فيها الى آخر التطورات والمستجدات السياسية الراهنة.
وسيبين السيد نصرالله بعد غدٍ موقف حزب الله من تشكيل الحكومة والأزمة السياسية والعلاقات بين الحلفاء والأطراف السياسية وسيردّ على اتهامات البعض للحزب بعرقلة ولادة الحكومة من دون تقديم الأدلة على ذلك.
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «كلمة السيد نصرالله مخصصة إلى الداخل اللبناني، وربما يتطرّق إلى الملف السوري في ختامها»، موضحة أن «جزءاً من مهمة خطابه هو احتواء التوتر بين الأطراف السياسية والدفع باتجاه حلحلة العقد لتشكيل الحكومة والردّ على مَن يريد إيقاع الفتنة بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ»، متوقعة أن «يتضمّن الخطاب مبادرة على خط بعبدا بنشعي». ولفتت إلى أن «حزب الله موجود على خطّ مفاوضات التشكيل ويطلع من رئيس المجلس النيابي نبيه بري على التفاصيل»، وقالت إن «أمل وحزب الله وبقية الحلفاء يعتبرون أن العقدة الأساس أمام التأليف حتى الآن هي سعي حزب القوات الى تكبير حجمه السياسي والوزاري داخل الحكومة الذي لا يعادل ما يملكه في المجلس النيابي، فضلاً عن محاولاته تحميل العهد مسؤولية التقيد بإلتزامات معينة».
وأكدت المصادر أن «شروط القوات تحت عنوان نيل حقيبة اسيادية هي التي أعاقت تأليف الحكومة وتمسكها بحقيبة الأشغال تعيقها الآن»، مبينة أن «مطالب القوات عقدة حقيقية أكثر من أي مطلب آخر لقوى 8 آذار إذ لا تزال حتى الآن متمسكة بالأشغال ولم تتنازل عنها للرئيس بري، ووفقاً للاتفاق مع الرئيس المكلف وتهدّد بالمطالبة بحقيبة سيادية من جديد إذا انتزعت منها وتعمل لتهميش المردة»، وتحدّثت المصادر عن «مساعٍ يبذلها حزب الله على أكثر من صعيد لتسهيل التأليف».
وقال مصدر في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» إن لا جديد على الصعيد الحكومي والأمور على حالها ووزارة الأشغال لا تزال تمثل أبرز العقد، فضلاً عن استعمال القوات الأسلحة والضغوط والإغراءات كافة لتهميش المردة لأهداف انتخابية»، مشدّداً على أن «الرئيس بري لن يتنازل عن الأشغال وأن تذليل العقد مسؤولية رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلّف وليس مسؤولية القوى السياسية الأخرى». ولفت إلى «عودة التداول بصيغة الحكومة الثلاثينية لتمثيل الأطراف كافة كمخرج لولادة سريعة للحكومة»، محذّراً من «نيات مبيتة لتطيير قانون الانتخاب لفرض انتخابات على الستين كأمر واقع».
عون سيفتح صدره لفرنجية
وأعربت مصادر التكتل عن تفاؤلها بـ«ولادة الحكومة قبل الأعياد متحدّثة عن اتصالات تحصل على هذا الصعيد، لكن خجولة ولا توحي بإنتاج حكومة في القريب العاجل»، موضحة أن «التيار الوطني الحرّ لا يوجه اتهامات لأحد بالتعطيل، إذ من حق كل طلب المطالبة بما يراه مناسباً للمشاركة، لكن الأمر تجاوز ذلك إلى المزايدات وتكبير في الأحجام». وأشارت إلى أن «العديد من العقد تمّ تذليلها في الآونة الأخيرة، لكن لم تصل إلى نهاية سعيدة وحزب القوات لم يعُد يشكل عقبة كما كان في بداية التأليف، حيث تم الاتفاق على حصة القوات بالتنسيق مع التيار ولا مشكلة بذلك».
وأكدت المصادر أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مصرّ على تشكيل حكومة في أقرب وقت ويسهل الكثير من الأمور أمام الرئيس المكلف وسيعمل على تجاوز عقدة الوزير سليمان فرنجية وسيفتح صدره له. وهو الذي كان يتمسّك بالتحالف مع رئيس المردة في عزّ الخلاف حول الرئاسة»، إلا أن المصادر نفت «علمها بأي صيغة لإخراج زيارة فرنجية الى بعبدا»، ووضعت رفع السقوف والمطالب في إطار العملية التفاوضية والكلام السياسي، مؤكدة أن ذلك «مستمر طالما لا تسوية حكومية».
ولفتت الى أن «التكتل سيشكل لوبياً نيابياً وسياسياً وشعبياً بالتنسيق مع الكتل الأخرى لرفض قانون الستين والعمل لإقرار قانون جديد في المجلس النيابي وعدم انتظار تشكيل الحكومة والسير بشكلٍ متوازن بين تشكيل الحكومة وإقرار القانون»، وشدّدت على أن «التيار يريد النسبية والقوات والمستقبل لا يمانعان إقرار قانون قريب من النسبية»، وأكدت أن «التيار يرفض التمديد تحت أي عنوان، لكنه سيذهب مكرهاً الى انتخابات على الستين إذا تعذّر إقرار قانون جديد».
وأكد الرئيس عون «أن لا خوف من التأخير في تشكيل الحكومة، وآمل أن تتشكل قريباً لتحقيق الأهداف التي حددناها وفي مقدمها محاربة الفساد الذي ينهش قدرات الدولة».
الحكومة إحدى هدايا العيد؟
وإذ وعد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل خلال إضاءة شجرة الميلاد في قصر بعبدا اللبنانيين بـ«الكثير من الهدايا لتقديمها إليهم» ما فسره مراقبون بأن تشكيل الحكومة إحدى هذه الهدايا. أشار باسيل بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والاصلاح في الرابية، «أننا نسعى ونطالب ونعمل لتمثيل الجميع من المردة والقومي والكتائب وسنّة 8 آذار والمير طلال ونعتبر أن حكومة الأربعة والعشرين تتسع للجميع، ونحن مع استيعاب الجميع في هذه المرحلة، لأنها حكومة انتخابات والعهد يبدأ فعلياً بعد الانتخابات. وهذه حكومة لا أعراف فيها ولا ثوابت وليست نموذجاً يُعتمد عليه لاحقاً».
ودعا باسيل الى «فصل مسار الحكومة عن قانون الانتخاب»، معلناً عن بدء «حركة سياسية نحفز فيها الجميع على إقرار قانون جديد، ونؤكد رفض قانون الستين والتمديد تحت أي ظرف». وأشار الى أن «تخريب العلاقة المسيحية – الشيعية لن يحصل لا نقابياً ولا نيابياً ولا حكومياً وكل مَن يعمل من هذه الضفة أو تلك من 8 أو 14 آذار سابقاً سيفشل». وتابع: «علاقتنا مع حزب الله بأقوى حالاتها، انما هناك البند الرابع أو بند بناء الدولة في التفاهم هناك خلاف عليه بالأولوية»، مضيفاً: «الناس أمنونا على بناء الدولة ولن نخذلهم لا نحن ولا حزب الله بترك دولتهم، وذلك من أجل التضحيات والدماء، واتفاقنا مع حزب الله على قوة لبنان ومناعته وعلى قوة كل لبنان وكل اللبنانيين. وهو لن يهتز».
وشدّد على «أننا ضد الثنائيات ونرفض أي إلغاء والبرهان المطالبة بالنسبية، ولماذا نطالب بالنسبية إذا كنا نريد إلغاء الآخرين؟ الجواب هو: لأننا نريد ترك المجال لكل الأطراف وقد اتفقنا مع القوات على عودة المسيحيين الى الدولة وليس على عودة الدولة الى المسيحيين، فالدولة لكل اللبنانيين ولا عودة لما قبل 1975».
ودعت كتلة المستقبل النيابية خلال اجتماعها في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة الى «تسهيل مهمة الرئيس المكلف للإسراع في إنجاز تشكيل الحكومة». وأكدت على موقفها الثابت الداعم لـ«الصيغة المختلطة لقانون الانتخاب بين النظامين الأكثري والنسبي، وتدعو لاعتماده».