متى «يخذل» عون حزب الله؟
روزانا رمّال
يتساءل مرجع شيعي بارز لـ«البناء» عن مصدر مخاوف مزروعة في الشارع الشيعي بالتحديد المؤيد لحزب الله من سلوك التيار الوطني الحرّ في المستقبل وتبدّل أولوياته واختلاف محاذيره في العلاقة مع المقاومة، وفقاً لمصالحه الخاصة. فالزمن سيغيّر كلّ شيء وفق هذه النظرية فلم لا يتغيّر التيار بعد فوزه بسدة الرئاسة ولماذا يضع حزب الله ثقته كلها فيه؟
يجيب المصدر عن أفكار أسماها مادة «مفتعلة» بثت من أجل نقض كلّ خيارات حزب الله من باب التقليل من دقة وصحة رؤيته وضرب النزعة الوطنية التي عمل على الانتقال إليها بمجرد توجّهه نحو ثنائية مع فصيل مسيحي وازن مثل التيار الوطني الحر. فهناك دائماً مَن يريد التقليل من خيارات حزب الله في الداخل والخارج، هذا أولاً، وثانياً هناك مَن يريد البناء على مواقف مسبقة كان عون قد اتخذها في السنوات التي قضاها في المنفى إثر نظرته لمفهوم حزب الله ونشوئه كحركة مقاومة ترغب في تحويل لبنان إلى «دولة إسلامية» على غرار الجمهورية الإيرانية، اضافة الى موقف العماد عون «المتطرف» من النظام السوري غداة وجوده في لبنان وهو أساس نضاله وفحوى ثورته، إذا صحّ التعبير.
يضيف المصدر لـ«البناء»: «يغيب عن بال المتابعين لسيرة ومسيرة العماد عون وعلاقته بحزب الله أمران أساسيان أولهما أنه تحالف مع الحزب بعد اطلاع كامل على توجهه السياسي عن قرب واكتشاف مبادئ مشتركة بين تياره والحزب أكبر من تلك الخلافية، وذلك بعد سلسلة لقاءات وجلسات شرح وتوصيف متبادل لشكل لبنان الذي يريده الطرفان.
أما ثانياً والأهمّ تلاقي الفريقين عند مسألة ضرورة إنشاء تحالف اسلامي مسيحي على «امتداد الوطن»، وهذا يتكفل بتحصين البلاد من الفتن التي كانت تحوم في سماء لبنان منذ تفجير السان جورج الذي راح ضحيته الرئيس رفيق الحريري، وهو بيت القصيد، حيث استعر الخلاف الفئوي والفتنوي مذاك، فكان التحالف بوابة الخلاص للبنان لأنه بنى ذهنية جديدة عند اللبنانيين وأفرد مساحة كبرى من إمكانية التقارب على أساس فكري ومبدئي لا مصلحي فحسب».
وفي وقت يجد فيه اللبنانيون مسألة القلق من تموضع عون المستقبلي، كلما اقتربت الانتخابات النيابية أكثر مسألة مشروعة تبدو الفكرة بعيدة عن حزب الله قيادة وخطاباً. ويفيد هنا التوقف عند بعض ما جاء في كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الأخيرة قبل استكمال البحث في المسألة. فحول العلاقة مع الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر قال السيد نصرالله في حديثه إنها «علاقة ممتازة ولا يشوبها قلق، كانت وما زالت قائمة على الاحترام المتبادل والثقة العميقة»، نافياً كلّ ما قيل عن أنّ حزب الله طلب من عون إلغاء تحالفه مع حزب القوات اللبنانية، مؤكداً أنه عندما بدأ الحوار بين التيار والقوات تمّ وضع الحزب في هذه الأجواء.
كلام السيد نصرالله فيه الكثير مما يوحي بثبات الموقف بين حزبه والتيار الوطني الحر، على الرغم من أنّ التيار يتحالف مع مَن يعتبره حزب الله فريقاً أساء للبنان وصورته في الحرب الأهلية والتواصل مع «إسرائيل»، حيث تعتبر المسألة هنا رأس الحربة فكرياً ونفسياً عند حزب الله، فكيف يمكن الارتياح لتقارب يعيشه التيار الوطني الحر ويتمادى فيه مع فريق يحمل هذا التاريخ المريب؟
يذهب حزب الله أبعد من هذا بكثير، وعلى المستوى الحكومي حيث تخرج المخاوف لتترجم على طاولة مجلس الوزراء يقول «نحن لا نهتمّ بمسألة الثلث الضامن ولا نبني على أساسه اختيار الحقائب وعدد الوزراء في فريقنا، فالرئيس عون هو بالنسبة لحزب الله الثلث الضامن! وربما هذا يكفي.
قد تكون الإجابة على مسار وخيار طويل مسألة أساسية يتكفل بها الزمن بالنسبة لجمهور مؤيد للمقاومة ينتظر تمسّك مماثل بحزب الله كذلك الذي يظهره الحزب تجاه التيار على أسس استراتيجية لا تكتيكية في ممارسة السلطة وإطلاق المواقف إلا أنّ أكثر ما يجب أن يطمئن هذا الجمهور اليه هو العودة الى محطتين أساسيتين الاولى عام 2006 غداة حرب تموز والثانية عام 2008 لحظة قدوم موعد ترجمة وفاء الحزب لموقف عون المؤيد له في المحطتين على أرض الواقع، حيث كان مفترضاً أن يتمسك الحزب بخيار عون للرئاسة في لحظة كان قادراً على التخلي عن خياره التحالفي الذي لم يوصله للرئاسة، والذي لم يلعب دوراً مصلحياً بارزاً في لحظة كانت عودة العماد عون في ذروتها والنفس الشعبي متحمّسين لانتخاب تياره ولم يكن يشعر بمخاطر شعبية انتخابية تستوجب حلفاً عمودياً من هذا النوع. لتأتي لحظة عدم تخلي عون عن تحالفه مع حزب الله لحظة وموقفه من المقاومة وقت الاتفاق على الإتيان بالرئيس ميشال سليمان، وكان حينها حزب الله قد ربح المعركة الداخلية المعروفة بأحداث 7 أيار وبقي يتأمّل خيراً من هذه العلاقة.
الأهمّ، إذا كان عون لم يتخلَّ عن حزب الله او يخذله لسنتين في وقت الشغور بعد مرحلة الرئيس سليمان في وقت كان قادراً على الاصطفاف على ضفاف المواقف الخليجية من دول كالسعودية وقطر ومن ورائهما واشنطن في ذروة الحملة على سورية والاجتياح الغربي ومشاركة «محرجة» لحزب الله بالقتال في سورية، لماذا يتخلى اليوم بعد وصوله للرئاسة ولأية أسباب إذا انتفت الحاجة الانتخابية والغاية الرئاسية؟