حلب لا تنهي الحرب لكنّها تحسمها

ناديا شحادة

الإنجاز العسكري الذي حقّقته الحكومة السورية والقوات الحليفة لها في حلب، ثاني أكبر مدن البلاد بعد العاصمة، والتي تُعتبر الجزء الأكبر أهمية للحلف المعادي لسورية، كونها عاصمة الشمال السوري وخط دفاع عن المناطق الوسطى والجنوبية وبوّابة الحلف المعادي للعبور جغرافياً إلى بقيّة الأراضي السورية ولمشاريع التقسيم كالمناطق العازلة والآمنة وما إلى هنالك.. هذه الأهمية الرمزية والاستراتيجية لحلب جعل تحريرها يُعتبر مقدّمة لحسم عسكري شامل، وهو في أفضل الظروف محطّة هامّة من محطّات الصراع التي ستُجبر ما يُسمّى بـ«المعارضة السورية» على القبول جديّاً بحلول سياسية لا تتناسب مع طموحاتها التي ظهرت في بدايات الأزمة، أو خسارة بقيّة المدن التي تسيطر عليها عسكرياً، فالنجاح في معركة حلب يعني أنّ الحكومة السورية باتت قادرة على قطف الثمار السياسية والعسكرية، فالحسابات الميدانية والسياسية هي الممكن الوحيد في صراع تتشابك فيه المواقف، وتتداخل فيه الألوان لدرجة أزالت الحدود بين ما هو أبيض وما هو أسود، وهو نصر يحمل في طيّاته مَخرجاً لنهاية الحرب. انتصار الجيش السوري في معركة حلب شكّل انقلاباً في المعادلة الاستراتيجية، وأسقط الرهانات ومزّق خارطة الإرهاب والمشروع الداعم له، الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة وإضعافها لفسح المجال لصعود كيان «القومية الصهيونية»، ما دفع بـ«إسرائيل» إلى استهداف سورية ومواقعها العسكرية، كما حدث في «الصبورة» وفي «مطار المزة العسكري» في دمشق، ترجمةً للقلق والهواجس التي يعيشها الكيان الصهيوني والحلف المعادي لسورية، حيث تناغمت ملاحم الحسم العسكري على الأرض مع زخم التصريحات الدبلوماسية من العواصم الإقليمية والدولية الداعم للمعارضة المسلّحة للمتاجرة بالملف الإنساني.

تحرير حلب لا يعني نهاية الحرب لكنّه يرسم نهايتها، فالمنتصر في حلب منتصر في غيرها والمهزوم فيها مهزوم في غيرها، فالزخم العسكري والمالي والتسليحي والدبلوماسي الذي وفّره الحلف المعادي لسورية للدفاع عن حلب قد لا يتوفّر في مناطق الصراع الأخرى، لا من حيث الإمكانيات ولا من حيث المعطيات، وما جرى في حلب سيغيّر مجرى المعركة كلّياً في سورية. يأتي تأكيد دمشق على ذلك على لسان الرئيس بشار الأسد، وفي جعبة دمشق وحلفائها خطط متعدّدة للمرحلة المقبلة..

نصر حلب الذي يُعتبر الانتصار الأبرز والأهم في كلّ ساحات المعارك في سورية، التي اختزلت الصراع الإقليمي والدولي، وفيها تحاربت كلّ أطراف الأزمة.

هذا النصر الذي فيه انتهت كلّ المعارك الكبرى، سينعكس إيجابيّاً في كلّ المناطق المشتعلة في سورية، فالجيش السوري سيتفرّغ وسيوسّع خياراته العسكرية في عدّة جبهات، وسيكون له تداعيات على كلّ الدول التي انخرطت في الحرب على سورية والتي دعمت الإرهاب فيها، لأنّها كانت بيضة القبان وحجر الأساس لمشروع التقسيم وإسقاط سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى