مختصر مفيد الثورات الأصيلة لا يهزمها فائض القوّة

تحاول الآلة الإعلامية لما يُسمّى بالمعارضة السورية منذ بداية الأزمة وتالياً الحرب في سورية تصوير فشلها بداية في تكرار النموذجين التونسي والمصري في سورية، وتالياً فشلها في تحقيق انتصارات عسكرية بشّرت بها مراراً، ومؤخراً في هزيمتها النكراء في حلب، بالقول إن فائض القوة الذي تملكه وتستخدمه الدولة السورية وحلفاؤها هو الذي فسر هذه المسيرة الموسومة دائماً بالفشل. وتربط هذه الآلة العلاقة بين فائض القوة والهزيمة بالمدنيين وما يلحقهم من الإفراط في استخدام القوة وخارج القواعد القانونية للحرب، ليواكبها الغرب بالحديث عن جرائم بحق الإنسانية ترتكب في صناعة انتصارات سوريا وحلفائها.

يوجد الكثير مما يمكن قوله في الردّ على كلام الغرب وحلفائه عن الحرص على المدنيين وحقوق الإنسان كمحرّك لغيرتهم على سوريا، مقابل سجلهم الحافل بالجرائم والصمت على جرائم حلفائهم، كما قال كل من مندوبَيْ روسيا وسورية في الأمم المتحدة رداً على مندوبة واشنطن، التي وصفها ساخراً المندوب الروسي بالأم تيريزا وهو يتذكر الجرائم الأميركية من القنابل الذرية في هيروشيما إلى ملايين الضحايا في حربَيْ فييتنام وكوريا وصولاً للعراق والملايين الآخرين من الضحايا، ليذكّرها مندوب سوريا بعد السجل العراقي والسجل الجزائري لفرنسا بالسجل اليمني للقتل المجاني والتجويع والحصار لحليفة أميركا وفرنسا، السعودية، والسجل الفلسطيني لحليفتهما إسرائيل .

لكن في هذا النقاش عن سجل الجرائم والقتل، ما يغيّب الحقيقة الرئيسية في ما يجري في سورية، من دون التورط في الرد الدفاعي على الاتهامات في الشأن الإنساني التي توجَّه لسوريا وحلفائها من مجرمين لا يستحقون الرد أصلاً. فالسؤال هو هل نجح الإفراط في تسييل فائض القوة في الحروب على حركات المقاومة والثورات الأصيلة في إلحاق الهزيمة بها؟

من كوريا إلى فييتنام إلى لبنان والعراق وفلسطين، وخصوصاً اليمن تسجل المقاومات الأصيلة والثورات الأصيلة النصر على فائض القوة والإفراط في استخدام القوة، والمقارنة مع اليمن قريبة للذاكرة وقريبة في الجغرافيا. وتنتمي الظاهرتان السورية واليمنية لمعادلات متشابهة، حيث التفوق الناري لسوريا وحلفائها، لا يقارن بالاستفراد الناري للسعودية وحلفائها، وبالمقابل مقدرة السعودية على فرض الحصار لا تقارَن بحجم الحدود المفتوحة التي لا تحاصَر والمفتوحة لحساب المعارضة، أما عن المقدرات المالية والتموينية المتاحة للمعارضة في سوريا والمغلقة على القوى الوطنية في اليمن فحدّث ولا حرج، ورغم الفوارق تنتصر المقاومة في اليمن وتُهزم المعارضة في سوريا، فيما تخوض المقاومة اليمنية حربها مع السعودية وهي تقاتل تنظيم القاعدة وتُهزم المعارضة السورية وهي تحالف تنظيم القاعدة.

الثورات المزيَّفة وحدها يهزمها فائض القوة.. .

ناصر قنديل

ينشر هذا المقال بالتزامن مع الزميلتين «الشروق» التونسية و«الثورة» السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى