تفاصيل صغيرة
الكلمة رصاصة، وليس أخطر من رصاص طائش. الكلمة سلاح، وكم من سلاح بِيد من لا يُحسن التصويب؟
يحدّثونك عن الحرب؟ حدّثهم عن الصمود، يحدّثونك عن الألم؟ قل يسبق مخاض الحياة. يذكّرونك بأعداد الشهداء؟ ذكّرهم بانتصاراتهم، وبأن دماء الشهداء عبر التاريخ أورقت صموداً وأثمرت نصراً.
يقولون لك إن عدد الضحايا. قل لهم إنها حرب وليست نزهة. وليست تسلية وليست قصة في كتاب. هي الحرب التي لطالما أبادت أمماً ودمّرت حضارات. هي الحرب التي تقتل إنسانية البشر وتفتك بالمبادئ والقيم. هي الحرب التي تكسر أرواحاً وتهشّم قلوباً. هي الحرب التي تجعلنا نعاني ونتألم ونفارق ونشتاق، نفقد أحبة ونعيش على ذكرى حضورهم. هي الحرب يا عزيزي… هي الحرب.
حرب لم نخترها. لكنها فُرضت علينا ونحن قوم لم نتعلّم الهروب من المواجهة. حرب لم نسعَ اليها. حرب سنوات ستّ كانت كفيلة بإبادة أكبر الدول وجعلها أثراً بعد عين. لكن، ولأنها «السيدة»، ولأنها «بلاد الشمس»، ولأنها «دار السلام»، ولأنها عاصمة الياسمين، ولأنها وطن لكلّ متمدّن، ستنتصر. سيكسر ياسمينها سيوفهم، وينتصر عطرُها على بارودهم، وستهزم حمائمُها صقورَهم، وستفتك نسورُها بوحوشهم.
ولأن فيها رجالاً نذروا أرواحهم لها، ولأن فيها عريناً وأسوداً، لن تنكسر. لن تنكسر.
وسيذكر التاريخ أنها انتصرت على مرتزقة الكون.
حلب انتصرت، وغداً سورية بعيونها الخضراء ستنتصر.
منى عبد الكريم