بوتين: خطوتنا المقبلة في سورية هي وقف إطلاق النار على مستوى البلاد
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنّ روسيا تُجري مباحثات مكثّفة مع المعارضة السورية بوساطة تركيّة، مضيفاً، «اتفقت مع الرئيس التركي أردوغان على مواصلة محادثات السلام حول سورية في أستانا، وهي لن تكون بديلاً عن محادثات جنيف».
وأشار بوتين خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في ناغاتو في طوكيو، إلى أنّ الخطوة المقبلة في سورية هي وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
كما ذكر أنّه قال مراراً إنّ المطلوب هو توحيد الجهود حتى تكون مكافحة الإرهاب فعّالة.
من ناحيته، أكّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، أنّه يجري التخطيط لعقد اجتماع للمعارضة السورية وممثّلين عن الحكومة السوريّة بالاشتراك مع روسيا في كازاخستان.
وحول التطوّرات الأخيرة في مدينة تدمر السوريّة، قال الرئيس الروسي إنّ ما يحدث في المدينة هو نتيجة عدم التنسيق بين ما يُسمّى بالتحالف الدولي بقيادة واشنطن والسلطات السورية وروسيا.
وفي السِّياق، قال رياض حجاب منسّق هيئة الرياض، إنّ الهيئة مستعدّة للانضمام لمحادثات السّلام التي يعتزم الرئيس بوتين عقدها في كازاخستان.
تشوركين
من جهته، أكّد المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أنّ أعمال روسيا في سورية أسهمت في منع سيطرة الإرهابيّين على دمشق، وتحرير مساحات واسعة من البلاد وتقويض مواقع المتطرّفين.
وقال تشوركين في كلمة ألقاها خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي أمس، وركّز على بحث الأوضاع في الشرق الأوسط: «بفضل أعمال القوّات الجويّة الفضائية الروسية، تمّ منع سيطرة الإرهابيّين على دمشق، وتقويض القدرات العسكرية والاقتصادية للتنظيمات الإرهابية، وتحرير أراضي واسعة من قبضة المسلّحين ».
وأكّد تشوركين أنّ روسيا تُسهم أيضاً في ترتيب الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، بما في ذلك الداخلية والخارجية، «بهدف إيجاد توافق سوري شامل حول التسوية السياسية الدبلوماسية للأزمة».
وأشار تشوركين إلى أنّ موسكو كانت، منذ اندلاع الأزمة في سورية، تدعم بشكلٍ ثابت النهج السّاعي لحلّها عبر طرق سياسية «مع احترام سيادة البلاد ووحدة أراضيها».
واستطرد المسؤول الروسي، قائلاً: «نحن مقتنعون بأنّ لا بديل عن التسوية السياسية القائمة على الحوار الذي يشمل جميع الأطراف السورية، بالتزامن مع ضمان وقف الأعمال القتالية، ومنح إمكانيات إيصال المساعدات الإنسانية والاستمرار بمحاربة الإرهاب».
وقال تشوركين، إنّ المهمّة الأوليّة في سورية، بعد تحرير حلب، تتمثّل بـ«الوقف الكامل للأعمال القتالية واستئناف المفاوضات بين الأطراف السورية».
وأعاد تشوركين إلى الأذهان، أنّ السلطات السورية أكّدت مراراً على استعدادها لخوض العملية التفاوضيّة مع المعارضة.
مهمّة فصل المعتدلين
في السِّياق الميداني، أعلنت وزارة الدفاع الروسية انتهاء عملية فصل المعتدلين عن الإرهابيّين في مدينة حلب، مشيرةً إلى أنّ أكثر من ثلاثة آلاف وأربع مئة من عناصر المعارضة المعتدلة قد ألقوا أسلحتهم. كما أكّدت أنّ الجيش السوري سيواصل القضاء على المتطرّفين الرافضين للخروج من المدينة.
إلى ذلك، تمّ وقف عملية إخراج مَن بقيَ مِن المسلّحين في الأحياء الشرقية لحلب، وأنّ الحافلات الخضراء غادرت معبر الراموسة بعد استهداف المنطقة من قِبَل المسلّحين.
وبحسب مصدر عسكري، فإنّ آخر مجموعة خرجت من الأحياء الشرقية لحلب متوقّفة على أوتستراد الشيخ سعيد، وأنّه تمّت إعادة قافلة تحمل نحو 900 من المسلّحين وعائلاتهم إلى المناطق التي خرجوا منها في شرق حلب.
وأفاد المصدر بأنّ المسلّحين أخرجوا معهم أسلحة نوعيّة وأموالاً طائلة ومسروقات ذهبية بالحافلات، كما اصطحبوا معهم عشرات الرهائن من جنود سوريّين وأسرى في خرق صارخ للاتفاق. وأكّد أنّ الاتفاق لن يمرّ هكذا طالما استمرّ المسلّحون في خرقه.
وكانت وكالة سانا السورية قد أكّدت أنّ المجموعات المسلحة خرقت الاتفاق وحاولت تهريب أسلحة ثقيلة ومختطفين من الأحياء الشرقية إلى ريف حلب الجنوبي الغربي، وأنّ المسلحين استهدفوا برصاص القنص والقذائف الحافلات والسيارات على معبر الراموسة جنوب حلب.
وفي ذات السِّياق، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر مقرّبة من الجيش السوري، أنّ الأخير قرّر تعليق عمليات الإجلاء بعد أن غادر عدد من المسلّحين ومعهم رهائن من القوّات الموالية للجيش السوري.
من جهتها، نفت المجموعات المسلّحة في حلب استكمال عملية إخراج المسلّحين من المدينة، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية انتهاء عملية خروج المسلّحين والمدنيّين من الأحياء الشرقية لحلب، وأنّ جميع النساء والأطفال تمّ إخراجهم من الأحياء التي يُسيطر عليها المسلّحون.
الجيش السوري يواصل عمليّاته
الدفاع الروسية أكّدت أيضاً أنّ الجيش السوري يواصل عمليات تحرير الأحياء التي يوجد فيها مسلّحون في حلب، وأنّ مركز حميميم قام بإجلاء أكثر من 9500 شخص من مربّع سيطرة المسلّحين شرق حلب، وأنّ القوّات السورية تقوم بالقضاء على جيوب معزولة للمسلّحين.
من جهتها، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى توقّف عمليّات الإجلاء في حلب، وإبلاغ الصليب الأحمر والهلال الأحمر بضرورة مغادرة المنطقة.
يأتي ذلك بعد أن أتمّت الحكومة السورية، ولليوم الثاني على التوالي منذ صباح الخميس، الاستعدادات اللوجستية لإتمام عملية خروج المسلّحين من أحياء شرق حلب والقسم الجنوبي من هذه الأحياء، وذلك بعد خروج دُفعتين منهم ليل الخميس مع عائلاتهم باتجاه منطقة الراشدين 4 جنوب غربي المدينة، ليكون قد وصل عدد الذين خرجوا حوالى الخمسة آلاف شخص.
وأكّدت مصادر مطّلعة أنّه فورَ خروج الجماعات المسلّحة مع عائلاتهم، يُنتظر دخول مؤسسات الدولة إلى القسم الجنوبي من الأحياء الشرقية لحلب لإعادة تأهيل الطرق وإزالة السواتر الترابية والدشم، والعمل قدر المستطاع لإعادة الخدمات الأساسية لهذه الأحياء تمهيداً لتأهيلها وإعادة السكّان إليها، وخصوصاً أحياء العامرية والشيخ سعيد وصلاح الدين وسيف الدولة.
وقد أوضح مركز المصالحة الروسي صباح أمس، أنّه وبالتعاون مع السلطات السورية قام خلال الساعات الـ24 الماضية بإجلاء 6462 شخصاً، بينهم أكثر من 3 آلاف مسلّح و301 من الجرحى، من شرق حلب.
وأوضح بيان صادر عن مركز المصالحة الروسي، أنّ عملية الإجلاء جرت بمرافقة ضباط من المركز الروسي وموظفين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك باستخدام 9 قوافل تتكوّن من حافلات ركّاب وسيارات إسعاف.
وأضاف البيان، أنّ القوافل تسير في ممرّ خاص من حيّ صلاح الدين في شرق حلب إلى حيّ الراشدين 4 في غرب المدينة، حيث يركب المسلّحون وأفراد عوائلهم من هناك حافلات أخرى للتوجّه إلى إدلب.
وأكّد مركز المصالحة الروسي أنّه أُقيمت حواجز خاصة في الممرّ المذكور من أجل تأمين عملية الإجلاء، مضيفاً أنّ عملية إرسال حافلات إلى شرق حلب وركوب المسلّحين وإخراجهم تجري مراقبتها باستخدام طائرات من دون طيار وكاميرات بثّ مباشر من أجل تجنّب الاستفزازات.
ويتواصل خروج المسلّحين وعائلاتهم من الأحياء الشرقية لحلب، وقد غادرت قوافل عدّة إلى أحياء غرب حلب.
ومن المتوقّع أن يلي خروج المسلّحين دخول مؤسسات الدولة إلى الأحياء الشرقية للمدينة.
اتفاق «كفريا والفوعة»
أمّا في ما يخصّ الاتفاق القاضي بإخراج المدنيّين والجرحى من بلدتي كفريا والفوعة، فقد أُفيد بتوقّف عملية إجلاء الأهالي من البلدتين بشكلٍ كامل، وأنّه لا إجراءات جديدة ولا معابر بديلة في ما يخصّ هذا الاتفاق.
وكانت الحافلات المخصّصة لإخراج المدنيّين من كفريا والفوعة غادرت المنطقة بعد عرقلة المسلّحين للعملية، حيث قاموا بعرقلة عمليّة إجلاء المدنيّين والحالات الإنسانيّة من البلدتين المحاصرتين، مضيفاً أنّ لا صحة للأنباء بشأن توجّه الحافلات التي كانت في ريف حماة إلى حلب لتنقل أهالي البلدتين.
وذكر الإعلام الحربي أنّ المسلّحين استهدفوا معبر السقيلبية بريف حماة، الذي تمرّ عبره الحافلات في طريقها إلى كفريا والفوعة، في وقت قام فيه أهالي كفريا والفوعة بإغلاق معبر الراموسة جنوب حلب لحين تحقيق مطالبهم بإخراج الحالات الإنسانية من البلدتين المحاصرتين في ريف إدلب الشمالي.
ومن على حاجز تلّ باقلّو، وهو آخر حاجز للجيش السوري في مواجهة المسلّحين بالقرب من كفريا والفوعة، حيث تفصله بعض مئات الأمتار عن المسلّحين من حركة «أحرار الشام» و«جبهة النصرة»، أوضح مصدر إعلامي أنّه كان من المفترض أن تنقل الحافلات المتواجدة على أحد المداخل المواجِهة لحاجز باقلّو أهالي بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين، حيث كانت الأولوية في بادئ الأمر لإخراج الحالات الإنسانية والجرحى والمرضى وستقلّهم الحافلات منها.
ولفتَ إلى أنّ البلدتين الواقعتين في ريف إدلب تبعدان حوالى 60 كيلومتراً عن آخر حاجز للجيش في تل باقلّو.
وتحدّث المصدر عن وجود حوالى 29 حافلة فقط من أصل 189 حافلة في محافظة حماه، التي تتواجد في ساحات أخرى كانت بانتظار أن تقلّ عدداً آخر من أهالي البلدتين، لافتاً إلى جهوزيّة كاملة من جانب الهلال الأحمر والسلطات الأمنيّة وكلّ المعنيّين بهذا الملف لإخراج هؤلاء المدنيّين باتجاه المشافي ومناطق أخرى.