حياتنا الرياضية وخلافاتنا السياسية
ابراهيم وزنه
… وعلى نسق الحياة السياسية بكل تجاذباتها وانقساماتها وتحالفاتها لجهة اعتماد مبدأ تحديد طائفية المواقع الرئاسية والنيابية والمدراء العامين وموظفي الدرجة الأولى والثانية، وصولاً إلى استنساخ المشهد الطائفي والمناطقي على الحياة العسكرية والقضائية بكل قياداتها وضباطها وقضاتها وحتى عناصرها، كذلك تسير الحياة الرياضية اللبنانية من منظار الحرص على تشكيل لجنتها الأولمبية واتحاداتها الرياضية.
فالأمر المألوف ـ المتوارث ـ في رياضتنا اللبنانية، هو أن تلحظ عمليات تشكيل الاتحادات طائفية الأندية المنضوية إليها في المقام الأول والأساسي، فعلى سبيل المثال، اللعبة التي تضمّ غالبية من الأندية المسلمة لجهة مواقعها الجغرافية وهيئاتها الإدارية وهوية القيّمين عليها، لا بدّ أن يكون رئيس اتحادها مسلماً كألعاب كرة القدم وكرة اليد والملاكمة والمصارعة والجمباز وغيرها، والأمر نفسه ينسحب على الألعاب التي تكون في غالبية أنديتها ذات انتماء مسيحي، ككرة السلة والكرة الطائرة والتنس وكرة الطاولة والسباحة وسيف المبارزة وغيرها، فلا بدّ أن يكون رئيسها مسيحياً.
نعم، إنه وطن التنوّع لبنان، حيث الديموغرافيا والمناطقية تتحكّم في رسم الكثير من تفاصيل الحياة على أكثر من صعيد وفي كل الميادين، وبدوافع ما تمليه تلك الموروثات المقيتة تكرّست مع الوقت طائفية جميع المواقع الرياضية في معظم الاتحادات والجمعيات الرياضية واللجنة الأولمبية، حتى وصل المرض المذهبي مؤخّراً إلى الجسم الإعلامي الرياضي الذي ـ وللأسف ـ ما زال يبحث منذ وفاة رئيس جمعية المحررين الرياضيين السابق خليل نحاس عن شخصية جامعة وإطار جامع، لكن تعنّت بعض الزملاء والشروط التي تمليها بعض الجهات السياسية الساعية إلى تمدد يمنحها انتصارات رياضية إعلامية أدّى إلى تأخير موعد التلاقي تحت سقف «الاتحاد» أو «الجمعية»، وهذه الجهات غالباً ما تدعم المقربين دون إيلائها ميزان الكفاءة والشخصية أي اعتبار أو أهمية.
وبالانتقال إلى ما حصل مؤخراً من خرق واضح للميثاقية المعتمدة في تشكيل اتحاد كرة الطاولة، فقد أسفرت جرأة أحد طباخي الاتحادات عن شطب وإلغاء دور النادي الرياضي، علماً بأن الأخير هو أحد المكوّنات الأساسية في بناء الاتحاد لا بل في تخريج الأبطال وتنظيم البطولات وتحقيق الإنجازات، ما أسفر سريعاً عن إعلان النادي الرياضي انسحابه من الاتحاد ومن اللعبة أيضاً، وأمس في انتخابات اتحاد كرة السلة تراجع الحضور المسلم من 5 أعضاء من أصل 15 إلى 3، وهذا من تداعيات حصول معركة حقيقية بين طرفين مسيحيين التيار العوني مقابل القوّات اللبنانية .
ختاماً، وبناء على ما بيّنته، وباسم كل الرياضيين، أناشد السياسيين، بأن يسارعوا إلى ضبط التصرفات ولجم الجموح لمن أولوهم إدارة الملفات الشبابية والرياضية في أحزابهم، لأن معظمهم بات يتحرّك ويتصرّف بخلفيات حاقدة وثأرية وانتقامية و «شوفينية» أيضاً. بالله عليكم يا أصحاب القرار أينما كنتم نتمنى عليكم أن ترسموا الخطوط العريضة لسياسات رياضية واضحة ومنفتحة ومتواضعة ومنتجة، وكفى إمعاناً في تعاطيكم مع حياتنا الرياضية بكيدكم السياسي ونفسكم الإلغائي.