باريس تفشل في التقدم بخطة عملية للحرب على «داعش»
كتب المحرر السياسي
تمخضت جولة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للمنطقة بهدف تشكيل حلف للحرب على «داعش» ومن خلالها على الإرهاب عن خلاصة قوامها: غارات جوية كانت قائمة قبل الجولة لرسم خطوط حمراء لأيّ تمدّد لـ«داعش»، واستثناء المدن التي يحتلها «داعش»، خصوصاً الموصل من هذه الغارات، منعاً لتكرار تجارب القصف في أفغانستان وحصد أرواح المدنيين، وهذا يعني أنّ «داعش» لن يسقط ولن تسقط إمارة الخلافة التي بناها من الجو، وبالتوازي تعليق العمل في سورية تحسّباً لتداعيات لا يمكن السيطرة عليها، والأهمّ إبقاء تركيا، القوة الإقليمية التي لا يثير تدخلها ضدّ «داعش» فتنة مذهبية، خارج الحرب.
تركيا تواصل احتضان البنية الخلفية لـ«داعش» مالياً عبر بنوكها، واجتماعياً باستضافة عائلات بالآلاف لمهاجرين من دول العالم يقاتلون في إمارة «داعشتان»، كما تواصل ضخ المال عبر السوق النفطية كما يؤكد تقرير فرنسي تنشره «البناء» اليوم، وتوفر ظهيراً حدودياً آمناً على طول مئات الكيلومترات من حدودها مع سورية والعراق حيث تنتشر قوات «داعش».
إذن ماذا أنجز كيري في حلفه؟
بعد الفشل في استدراج إيران من البوابة العراقية، لدخول حلف تتقاسم عبره النفوذ في المنطقة مع السعودية وتتخلّى فيه عن حليفيها الأبرز سورية وحزب الله، صارت مهمة الحلف، بحسب تقرير كيري إلى الكونغرس، والذي تداولت مواقع مراكز الدراسات الأميركية تلخيصاً لأبرز نقاطه، تشجيع تيار ثقافي وديني إسلامي ينطلق من مصر والسعودية لإعادة الاعتبار للإسلام كدين منفتح ومتسامح، وتعرية مفاهيم «داعش» والإرهاب ونفي مرجعياتها الإسلامية.
على رغم أنّ الأمر في غاية الأهمية إلا أنّ تصدّره مهمة كيري يعني الفشل، وتأجيل كلّ استحقاقات المواجهة لأشهر طويلة، كما يعني أنّ الرهان صار على دفع القيادة السعودية للانتحار الديني بنحر الوهابية كمدرسة، يقول كيري منذ زمن إنها ولّادة كلّ الإرهاب وإنّ الدفع بالسعودية للتغيّر هو مدخل الخلاص من هذا الإرهاب.
بينما كيري يتوجه للثقافة، فرنسا ترعى أول اجتماع عسكري تخصصي لوضع خطة الحرب، فيخرج اجتماع باريس بلا خطة، ويكرّر المعلوم عن نوايا استهداف مواقع «داعش» على القشرة بالقصف الجوي لمنع التمدّد والتوسع.
لبنان المنتظر لنتائج التفاوض حول مصير العسكريين المخطوفين، يدرك حجم أزمته والفراغ الرئاسي والخطر المتمثل بالفوضى الأمنية والحاجة إلى المزيد من التحصين السياسي الذي يتمحور هذه المرة، حول مستقبل المجلس النيابي بين الانتخاب الذي يقول وزير الداخلية إنه ليس جاهزاً لإجرائها، والتمديد الذي يبدو متقدماً على رغم معارضة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليصير المنتظر هو ما سيُسفر عنه اجتماع مرتقب بين الرئيس بري والرئيس فؤاد السنيورة، ليعرف اللبنانيون نهاية الجدل حول المجلس وعلاقته بالرئاسة وحكماً بالتشريع.
ومساء أمس تردّدت معلومات عن توقيف الجيش في طرابلس مسؤولاً ميدانياً في تنظيم «داعش» سوري الجنسية.
وفيما تأخذ قضية الموقوفين الإسلاميين طريقها القضائي كبديل عن المقايضة المباشرة بينهم وبين العسكريين المخطوفين، تمنى النائب وليد جنبلاط على رئيس الحكومة تمام سلام في رسالة نقلها إليه وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور الإسراع في المحاكمات، الأمر الذي أكده وزير العدل أشرف ريفي في كتاب إلى الجسم القضائي لمناسبة بدء السنة القضائية الجديدة، مشيراً إلى أن المحاكمات قطعت شوطاً كبيراً.
من جهة أخرى، ورداً على مطالبة المسلحين الخاطفين «حزب الله» بالخروج من سورية، أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق «أن بقاء الحزب في سورية هو عظيم الحاجة للبنان والمرحلة اليوم تفرض أكثر من أي وقت مضى بقاء الحزب حيث هو لأن لبنان فرضت عليه معركة تكفيرية ومرحلة ما قبل عرسال ليست كما بعدها». ورأى أن «المعركة تستوجب تغييراً في الأولويات الوطنية». وقال: «ما بيننا وبين «داعش» وكل التكفيريين لا يمكن أن يكون حرباً كلامية بل بيننا وبينهم الميدان فقط ولن نستدرج إلى حرب بيانات معهم». وتساءل هل يقبل فريق 14 آذار بقرار رسمي حكومي بتكليف الجيش بسط سلطة الدولة على كامل جرود عرسال»؟
انتظار لقاء بري السنيورة
على الصعيد السياسي، ارتفعت وتيرة الاهتمام بالاستحقاق الانتخابي النيابي
على وقع المواقف التي ترددت أخيراً ولا سيما تكرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري رفضه التمديد ومن المقرر أن يكون هذا الموضوع مدار بحث خلال الأيام القليلة المقبلة ولا سيما مع وفد من قوى «14 آذار» برئاسة النائب فؤاد السنيورة. وكرر بري أمام زواره أمس أنه لم يطلع بعد على ما يمكن أن يحمله فريق «14 آذار». وأضاف إن الأصول والتجارب والمحطات السابقة أكان قبل الطائف أم بعده تؤكد حق المجلس في التشريع في أي وقت وأن هذا الحق ليس مرتبطاً بموضوع الشغور الرئاسي أو عدمه.
ومن المقرر أن يستقبل بري اليوم عضو كتلة القوات اللبنانية النائب جورج عدوان بعد أن كان التقى أمس عضو كتلة حزب الكتائب النائب سامي الجميل أمس.
وأوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري لـ«البناء» أن السنيورة لم يطلب موعداً بعد للقاء بري بسبب التحضير لتنصيب مفتي الجمهورية الجديد الشيخ عبد اللطيف دريان المقرر اليوم. ورداً على رفض بري التمديد للمجلس الحالي بسبب تعطيل عمله التشريعي، قال حوري: «نحن مستعدون للتشريع في المواضيع المهمة والضرورية مثل إقرار سلسلة الرتب والرواتب وموضوع الإفادات وبعض المسائل المالية»، مؤكداً أن المجلس يستطيع التشريع في أي وقت ولا علاقة لذلك للانتخابات الرئاسية لكن هذا الأمر يبقى في طليعة الأولويات لدينا».
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن البحث الفعلي بين بري وقوى «14 آذار»، سيتركز على مصير الانتخابات النيابية انطلاقاً من دفع المستقبل وحلفائه من أجل التمديد لمجلس النواب. ورأت المصادر أنه على رغم أن هذا اللقاء لن يبت الأمور نهائياً لكنه سيفتح الباب واسعاً أمام التمديد للمجلس. وأشارت إلى أن النقاش سيتمحور حول كيفية إخراج مجلس النواب من حال الشلل الذي يعاني منه منذ عدة أشهر نتيجة مقاطعة فريق «14 آذار» لأعماله، خصوصاً أن بري يرهن أي نقاش لموضوع التمديد بإقرار الفريق الآخر بإعادة النشاط التشريعي للمجلس بغض النظر عن ملف الانتخابات الرئاسية.
وفي سياق متصل، واصلت القوى السياسية تقديم ترشيحات نوابها وقيادييها، ووصل عدد المرشحين أمس إلى 289 مرشحاً، حيث قُدم أمس127 طلباً جديداً إلى دوائر وزارة الداخلية. ومن المنتظر أن يعقد وزير الداخلية نهاد المشنوق في نهاية مهلة تقديم الترشيحات منتصف الليلة المقبلة، مؤتمراً صحافياً يتناول فيه ملف الانتخابات والترشيحات.
تحرك دولي حول الملف الرئاسي
من جهة أخرى، توقفت مصادر نيابية عند حركة الاتصالات الخارجية التي يقوم بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت ديريك بلامبلي والذي زار طهران في الساعات الماضية وبعدها زار تركيا. وقالت لـ«البناء» إنه «على رغم أن هاتين الزيارتين وقد تتبعهما زيارات أخرى هي حتى الآن زيارات استطلاعية، إلا أنها تؤشر إلى وجود اهتمام «أممي بالملف الرئاسي». ولفتت إلى أن هذا التحرك يتواكب أيضاً مع حراك فرنسي بعضه معلن وبعضه الآخر بعيد من الأضواء، يسعى لتوفير الظروف التي تؤمن الاتفاق على مرشح توافقي في لبنان. وتحدثت المصادر عن أن الموضوع الرئاسي طرحه الفرنسيون في عدد من الاتصالات التي قاموا بها في المرحلة الأخيرة.
يوم بلا كهرباء
ووسط الأزمات السياسية، غاب التيار الكهربائي فجأة عن معظم المناطق اللبنانية أمس، وحملت مؤسسة كهرباء لبنان المياومين المعتصمين في مركزها الرئيسي المسؤولية.
وأشارت المؤسسة في بيان إلى «تعرض الشبكة لصدمة على خطي بوشرية – جمهور 66 ك.ف. ما أدى إلى انفصال كامل مجموعات الإنتاج عن الشبكة وبالتالي انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المناطق اللبنانية». ولفتت «إلى صعوبة تحديد وتحليل ما حصل بسبب النقص في المعطيات والمعلومات الدقيقة عن حالة الشبكة لحظة حصول الصدمة، وذلك لعدم توافرها في محطة الجمهور الرئيسية حيث تتم إدارة الشبكة حالياً بدلاً من إدارتها من مركز التحكم الوطني الموجود في المبنى المركزي للمؤسسة بسبب الوضع الذي لا يزال قائماً في هذا المبنى».
وجدّدت التحذير من أن هذا الأمر»بدأ ينذر بالتعتيم التدريجي في جميع المناطق اللبنانية بما فيها العاصمة بيروت وصولاً إلى التعتيم الشامل في حال استمرار هذا الوضع».
ورد المياومون في مؤتمر صحافي على إدارة المؤسسة مؤكدين «الاستمرار في الاعتصام»، وأضافوا أنه «لا يوجد أي عطل يستطيع قطع الكهرباء عن كل لبنان وهذه عملية استهداف ممنهج ضد المياومين».