روسيا لن تسمح بتمرير المشروع الفرنسي في مجلس الأمن وتعرض بديلاً عنه لحلب

قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أمس، إنّ روسيا لا يمكن أن تسمح بتمرير مشروع قرار أعدّته فرنسا يهدف لضمان وجود مراقبين دوليّين للإشراف على الإجلاء من المناطق المحاصرة في مدينة حلب السورية وحماية المدنيّين الذين لا يزالون هناك.

وقال للصحافيّين، من دون ذكر تفاصيل: «لا يمكننا دعمه. لا يمكننا السماح بتمريره، لأنّ هذه كارثة. لكن من الممكن وجود شيء آخر يمكن تمريره اليوم في مجلس الأمن، وسيحقّق نفس الأهداف».

وكشف تشوركين عن أنّ روسيا ستتقدّم بمشروع قرار آخر حول حلب إلى مجلس الأمن الدولي، مضيفاً أنّ «هناك طرق أنسب لتحقيق نفس الهدف، وهذا ما سنناقشه مع أعضاء مجلس الأمن الدولي».

وبحسب تشوركين، ينصّ مشروع القرار الفرنسي على «إرسال فوري لمراقبي الأمم المتحدة غير المجهّزين إلى منطقة شرق حلب الخطرة، وهذا قد يؤدّي لاستفزازات واضطرابات أكثر على الأرض»، مؤكّداً في الوقت ذاته أنّ «روسيا ليس لديها مشكلة على الإطلاق مع أيّ نوع من أنواع المراقبة. نحن فقط نختلف مع فرنسا حول كيفيّة تنفيذها».

وأشار السفير الروسي إلى أنّه عقد اجتماعاً بالأمس مع نظيره الفرنسي فرانسوا ديلاتر ووفد فرنسا إلى الأمم المتحدة، حيث ناقشوا مشروع القرار الفرنسي وأجروا عليه بعض التعديلات، «ولكن المشاكل الجوهريّة لا زالت موجودة».

من جهته، قال أمين سرّ المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، إنّ تحرير حلب هو نتيجة تحرّك إيران وروسيا وسورية وجبهة المقاومة.

وأشار شمخاني خلال استقباله الممثّل الخاص للرئيس الروسي حول سورية، ألكسندر لافرنتيف، إلى أنّه «في الوقت الذي ينشر فيه الغرب وداعمو الإرهابيّين في المنطقة الأخبار غير الحقيقيّة عن الوضع الإنساني في حلب، فإنّه لا يسمع أيّ صوت لضرورة إخراج الجرحى والكبار في السنّ في الفوعة وكفريا المحاصرتين من قِبل الإرهابيّين منذ أكثر من ثلاث سنوات».

وأوضح شمخاني بأنّ هناك ضرورة لتعزيز التنسيق بين مسؤولي إيران وروسيا وسورية نظراً للأوضاع المعقّدة في الأزمة السورية، مضيفاً أنّ «تحرير حلب جعل سياسات الغرب وحلفائه الإقليميّين في تأسيس ودعم المجموعات الإرهابية التكفيرية والدفاع عنها سياسياً وإعلامياً وعسكرياً محلّ رصد ومحاكمة من قِبل الرأي العام العالمي».

كما أكّد أنّ «أميركا وبعض دول المنطقة» لم تلتزم بتعهّداتها في ما يخصّ هدنات سابقة في حلب، لذا يجب أخذ ضمانات حقيقية حول وقف إطلاق النار.

وأضاف شمخاني، يجب تعزيز الدعم والمساعدات لسكّان حلب وتوفير الخدمات الضرورية لهم.

وفي سياقٍ متّصل، قال المتحدّث باسم القوات المسلّحة الإيرانية العميد مسعود جزائري، إنّ «خطّة أميركا لتقسيم سورية فشلت عملياً بتحرير حلب، وكذلك خططها لإسقاط الحكومة الشرعيّة في سورية، وبنظرة أوسع تمّ إفشال أحلام الشرق الأوسط الكبير الأميركيّة».

وأشار جزائري في حديث صحافي إلى أنّ تكتيك الأعداء هو تعدّد مناطق الاشتباك في سورية، مضيفاً أنّ أميركا تنتهج سياسة «الأرض المحروقة» في المنطقة.

وأكّد أنّ «تجربة الحرب والمقاومة في سورية، وخاصة حلب اليوم، تحمل الكثير من الدروس، وأبرزها أنّ العدو لا يمكنه الوقوف في وجه أيّ شعب مهما كان قوياً».

إلى ذلك، أعرب كبير مستشاري الرئيس التركي يالجين توبكو عن أمله بأن تؤدّي المحادثات السورية، التي يجري التحضير لها في العاصمة الكازاخستانية أستانا، إلى وقف إراقة الدماء في سورية.

وقال توبكو في حديث لوكالة الأناضول التركية: «آمل أن تسمح هذه المحادثات في وقف إراقة الدماء في المنطقة التي يسبّبها الإمبرياليّون الغربيّون».

وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، إلى أنّه بالتعاون مع نظيره التركي سيحاولان دفع الأطراف المتنازعة لاستئناف المفاوضات في أستانا، معتبراً أنّ تلك المحادثات ستكون استكمالاً لمحادثات جنيف السابقة. وقد عبّر الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف عن دعمه هذه المبادرة.

وقد شهدت السنوات الماضية عدّة جولات من المحادثات بين ممثّلي المعارضة المسلّحة والحكومة السورية في مدينة جنيف السويسرية، من دون أن تُسفر عن أيّ تقدّم حقيقي باتجاه حلّ الأزمة التي تعصف بسورية منذ أكثر من 5 سنوات.

ميدانياً، دخلت 15 حافلة إلى حيَّيْ الراشدين وخان طومان ومن ثم إلى مناطق أخرى، في أحياء حلب الشرقية التي ما زال يتواجد فيها عدد من المجموعات المسلّحة. كما تنتظر 50 حافلة أخرى عند معبر الراموسة لاستكمال العملية، بالإضافة إلى 4 سيارات تابعة للصليب الأحمر الدولي.

وتتحدّث المعلومات عن دخول 8 حافلات من أصل 120 حافلة إلى بلدتَيْ كفريا والفوعا المحاصرتَيْن في ريف إدلب لإخراج المصابين والمدنيّين، واحتراق 7 حافلات متّجهة إلى البلدتين جرّاء اشتباكات بين مسلّحي «جبهة النصرة» و«أحرار الشام».

وبحسب معلومات، فإنّ «جبهة النصرة» هي من قامت بإحراق الحافلات المتّجهة إلى كفريا والفوعة بهدف تعطيل إخراج المدنيّين، وأنّ «جبهة أحرار الشام» ترفض تعطيل تطبيق اتفاق إخراج المسلّحين من حلب والمدنيّين من كفريا والفوعة.

وعقب إحراق الحافلات، سادت حالة من التخبّط والتوتّر لدى قادة الفصائل المسلّحة وسط تهجّم واضح من القيادي في «جيش الأحرار» المشكّل حديثاً «داخل أحرار الشام» المدعو «أبو صالح طحان» على المسلّحين الذين قاموا بإحراق الحافلات بأنّ هكذا فعل من شأنه «تعطيل التبادل».

من جهته بثّ «عبد الله المحيسني»، الذي يشغل منصب «القاضي الشرعي» لـ«جيش الفتح» تسجيلاً صوتياً على حسابه الرسمي على «تلغرام» يدعو فيه المسلّحين إلى عدم الغدر والنقض بالاتفاق الذي وقّع عليه قادة الجماعات المسلّحة.

ويشمل الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه خلال الساعات الماضية تسليم الجماعات المسلّحة الموجودة في أحياء السكري والأنصاري وحيّ صلاح الدين للأسرى، وهو أمر أدّى إلى عرقلة الاتفاق سابقاً بعد أن حاولت هذه الجماعات إخراج أسرى معها من مدينة حلب، كما يشمل الاتفاق خروج المسلّحين بسلاحهم الفردي الخفيف وإخراج المصابين والمدنيّين من الفوعا وكفريا بعدد مماثل للخارجين من حلب الشرقية.

وفي سياقٍ متّصل، دمّر سلاح الجو 4 آليات ومدفعين لإرهابيّي تنظيم «داعش»، في طلعات على تجمّعاتهم ومحاور تحرّكهم في منطقة تدمر بريف حمص الشرقي.

وكانت وحدات من الجيش السوري قضت أول أمس على أكثر من 30 إرهابيّاً من تنظيم «داعش»، وأصابت عشرات آخرين، ودمّرت لهم 4 عربات مصفّحة، وسيارات مزوّدة برشاشات شرق المحطة الرابعة للنفط، وداخل مدينة تدمر.

وفي حماة، قصف الطيران الحربي السوري، صباح أمس، مواقع المسلّحين في بلدة طيبة الإمام بريف حماة الشمالي، من دون معلومات عن خسائر بشريّة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى