حكومة الوحدة بين الترحيب والتحفّظ والاعتراض على التمثيل النسائي والأولوّيات: قانون الانتخاب النسبي وحفظ الثلاثية وثوابت خطاب القسم

تراوحت المواقف من حكومة الوحدة الوطنية بين الترحيب والتحفّظ، ولا سيّما لجهة استبعد بعض الأطراف عنها وعدم تمثيل المرأة بالقدر الكافي، واعتبرت أنّ المطلوب من الحكومة إنجاز قانون جديد للانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي الكامل، وضرورة ارتكاز البيان الوزاري على ما ورد في خطاب القسم من تأكيد الثوابت الوطنية، ولا سيّما حق المقاومة في مواجهة الاحتلال بالاستناد إلى معادلة الجيش والشعب والمقاومة.

تهاني للحريري

وفي السِّياق، هنّأ الرئيس تمّام سلام رئيس الحكومة سعد الحريري على إعلان التشكيلة الحكومية، وتمنّى له في اتصال هاتفي تمّ بينهما «التوفيق في مهمّاته المقبلة، خصوصاً في المرحلة الحرجة التي تمرّ بها البلاد، والتي تتطلّب تكاتف الجميع خدمةً للمصلحة الوطنية العليا».

واستقبل الحريري في بيت الوسط القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري، في حضور وزير الثقافة غطاس خوري و نادر الحريري. وخلال اللقاء، هنّأ البخاري الرئيس الحريري بتكشيل الحكومة، متمنّياً له التوفيق في مهامّه.

كما اتّصل مُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بالحريري، مهنّئاً «بتشكيل حكومة وفاق وطني لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار وتطوير عمل مؤسسات الدولة وإجراء انتخابية نيابيّة في موعدها»، داعياً الجميع إلى «التعاون معها للتمكّن من إنجاز بيانها الوزاري في أسرع وقت، وتنفيذ كل آمال اللبنانيّين وطموحاتهم»، بحسب ما جاء في بيان المكتب الإعلامي في دار الفتوى.

من جهةٍ أخرى، ردّ الحريري على الرئيس نجيب ميقاتي الذي سأل الأول «ما إذا كان فعلاً لا يزال متمسّكاً بالعناوين السياسية التي ردّدها طوال السنوات الماضية، وشنّ حروباً شعواء بشأنها، وفي مقدّمها المحكمة الدولية الخاصة بقضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهل ما حصل فعلاً في تشكيل الحكومة وما قبلها يكرّس قولاً وفعلاً الثبات على هذه العناوين؟».

وقال الحريري: «نعم يا دولة الرئيس، وأنت أكثر من يعرف ذلك، علماً أنّنا لم نشنّ أيّة حروب، بل نحن من تعرّضنا للحروب والاغتيال والغدر».

لقاء الأحزاب

في غضون ذلك، توقّفت هيئة التنسيق للقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية خلال اجتماعها أمس أمام التطوّرات المحلية والعربية، وأصدرت في نهاية الاجتماع بياناً رحّبت فيه بـ«الإعلان عن تشكيل الحكومة للتعجيل بإنجاز قانون جديد للانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي الكامل»، محذّرةً من «أيّ محاولة لإجهاض هذا المطلب الوطني عبر صِيَغ تستهدف تمرير قانون انتخاب مختلط بين الأكثري والنسبي».

وأكّدت «ضرورة أن يرتكز البيان الوزاري على ما ورد في خطاب القسم من تأكيد على الثوابت الوطنية، ولا سيّما حق المقاومة في مواجهة الاحتلال بالاستناد إلى معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وكذلك التصدّي استباقيّاً لخطر الإرهاب التكفيري».

من جهته، قال رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل في مؤتمر صحافي: «هذه الحكومة لا تشبهنا ولا نرى أنفسنا داخلها»، مضيفاً: «لن نتخلّى عن ثوابتنا من أجل مقعد وزاري، ورفضنا أن نكون شهود زور في حكومة غير توافقيّة، وسننضمّ إلى المعارضة. وبالنسبة إلينا سنتطلّع إلى الانتخابات النيابية المقبلة التي هي آخر سدّ منيع لهذا التمدّد الحاصل».

الداود

من ناحيته، رأى الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي النائب السابق فيصل الداود، في بيان له، أنّ تشكيل الحكومة «إنجاز للعهد الجديد تحقّق في الوقت المناسب لانطلاقته، أمام استحقاقات تبدأ بقانون الانتخاب، الذي نتمنّى أن يعتمد النسبيّة لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وأن تكون اهتمامات المواطنين من أولويّات الحكومة التي أعلن رئيسها سعد الحريري أنّه سيركّز على قضايا خدماتية كالكهرباء والمياه والنفايات والبطالة والنمو الاقتصادي، وهي عناوين نؤيّدها».

وقال الداود: «كنّا وما زلنا نطالب بتأمينها كحقوق للمواطنين على مؤسسات الدولة، التي لا يمكن أن تنهض وتلبّي مطالب المواطنين، إذا لم يُستأصل الفساد منها، وهو شعار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أكّدنا أثناء زيارتنا له أنّنا نقف معه في معركته ضدّ الفساد».

وأشار الداود إلى «أنّ الطائفة الدرزية حصلت على حقائب ثانوية بدلاً من حقائب سيادية وأساسية، وهي كانت دائماً مع أركانها منذ الاستقلال، إلى أن تمّ التخلّي عنها من قِبل النائب وليد جنبلاط، الذي همّش دور الدروز وأهمل حقوقهم في الوزارات كما في الوظائف التي كان يستأثر بها لحاشيته ومحازبيه، وسخّر الوزارات التي تسلّمها لمصالحه الخاصة وجنى منها المغانم وارتفعت ثروته المالية، في وقت تئنّ أكثرية الدروز من البطالة والفقر والعوز، كي يبقيهم جنبلاط مرتهنين له بزيارة أسبوعية لقصر المختارة، ليعطيهم سمكة بدلاً من الصنارة، حيث تغيب فرص العمـل لهـم، ليشتريهـم بالمـال السياسي».

الصفدي

وعلّق النائب محمد الصفدي على تشكيل الحكومة الجديدة عبر حسابه على «تويتر»، فقال: «يكفي أن تسرّع الحكومة الجديدة إصدار قانون للانتخابات النيابيّة على أساس النسبيّة لتحقّق بذلك إنجازاً وطنياً».

ورأى «أنّ استحداث وزارات للتخطيط ومكافحة الفساد وحقوق الإنسان يعكس نظرة صائبة لمعالجة مشاكل أساسيّة يعاني منها اللبنانيون». وقال: «نحن ننتظر من رئيس الجمهورية صدمة إيجابيّة تعيد للقضاء هيبته ودوره في بناء دولة الحق والعدالة».

مخزومي

ورحّب رئيس حزب «الحوار الوطني» فؤاد مخزومي، بـ«تشكيل حكومة العهد الأولى»، مهنّئاً عون والحريري والوزراء بـ«الحكومة الجديدة».

ودعا مخزومي الحكومة الجديدة إلى «العمل السريع لإعادة الهيبة إلى الدولة وتفعيل المؤسسات وبذل الجهود لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي». وقال: «إنّ العِبرة في إحداث صورة جيدة عن لبنان أمام اللبنانيّين والشباب تحديداً، وأمام العالم أيضاً».

وأثنى على «كلمة الرئيس الحريري، الذي وعـد بوضع قانون جديد للانتخابات يعتمـد النسبيّـة وصـولاً إلى حفـظ الاستقـرار الأمني ومعالجة أزمة اللاجئين». وتمنّى «التوفيق للرئيس الحريري والوزراء في صوغ البيان الوزاري والانطلاق الجدّي للتحضير للانتخابات النيابيّة في مـواعيدهـا المقـرّرة ربيـع العـام المقبـل».

أحزاب وجمعيات

من جهتها، اعتبرت رئيسة «حزب الديمقراطيون الأحرار» ترايسي شمعون، في تصريح تعليقاً على تشكيل الحكومة، «أنّ خطوة توزير رجل على رأس وزارة تعنى بشؤون المرأة ليست موفّقة أبداً»، وقالت: «هل يُعقل عدم وجود أيّ امرأة تتمتّع بالكفاءة اللازمة لإدارة تلك الحقيبة؟».

أضافت: «يبدو واضحاً التمييز ضدّ المرأة والدور الحيوي الذي ممكن أن تلعبه، هذا بالإضافة إلى اتّباع المحسوبيات الطائفية في التوزير بعيداً عن الكفاءة، والظلم والغبن الذي لحق بالأقليّات من خلال عدم تمثيل الطائفة السريانية الكريمة».

كماعلّقت منظّمة «كفى»، في بيان، على التشكيلة الحكومية الجديدة، وقالت: «نعم، ليكن في علمهم، لا طائفة في لبنان أكبر من طائفة النساء. لا هموم عند الطوائف أكبر من هموم النساء، والواضح أنّ الخوف على تمثيل الطوائف الذي لا يزال يلاحقهم لم يقابله أيّ خوف أو حرص على تمثيل النساء».

واعتبرت أنّ «الحكومة التي أُعلنت بالأمس، هي إدانة واضحة لجميع السياسيين الذين شاركوا في تشكيلها. فهم وجّهوا إهانة مباشرة إلى جميع النساء من خلال تشكيلة حكومية محض ذكوريّة، لن ينزع عنها هذه الصفة إشراك امرأة واحدة فيها».

وتمنّى رئيس حركة الإصلاح والوحدة، الشيخ ماهر عبد الرزّاق، في بيان «النجاح والتوفيق لحكومة العهد، في خدمة الوطن والمواطنين ومكافحة الفساد وتنظيم المؤسسات، خصوصاً وأنّ فيها استحداث وزارات جديدة».

وهنّأ عبد الرزّاق عون بأوّل حكومات عهده، آملاً أن يتضمّن البيان الوزاري الاعتراف بتضحيات المقاومة في سبيل حفظ لبنان من الخارج والداخل من كلّ الأخطار المهدّدة، سواء «إسرائيلية» أو إرهابية تكفيرية، معتبراً أنّ «معادلة الجيش والشعب والمقاومة أثمرت وحدة وطنية في السياسة الجامعة وحفظت أمن كلّ لبناني في داره».

وأكّد أنّ «الحكومة الجديدة أمام امتحان تاريخي هو إنتاج قانون للانتخابات على أساس النسبيّة الكاملة، لأنّ النسبية تعطي الحجم الطبيعي لكلّ القوى والأحزاب في لبنان».

وأكّدت «الجماعة الإسلامية» أنّ «التحدّي الأساسي أمام هذه الحكومة هو إجراء الانتخابات النيابيّة في وقتها وفق قانون جديد عادل يؤمّن صحة التمثيل على المستوى الوطني أولاً، والعمل سريعاً على حلّ مشكلات المواطنين في الخدمات الأساسية التي من أولى واجبات أيّة حكومة».

«صرخة وطن»

ودعا رئيس تيار «صرخة وطن» جهاد ذبيان الحكومة إلى تضمين بيانها الوزاري ثلاثية «الجيش، الشعب والمقاومة» والتي أضحت ثلاثية ميثاقية وأن تنكب على إقرار قانون إنتخابي جديد على أساس النسبية.

وفي بيان له استنكر ذبيان جريمة إغتيال المهندس محمد الزواري على أيدي الموساد «الإسرائيلي».

موغريني وآيرولت

دوليّاً، هنّأت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي نائبة رئيس المفوّضية الأوروبية فيديريكا موغريني في بيان، الرئيس الحريري على «إعلان تشكيلة مجلس الوزراء اللبناني الجديد»، معتبرةً هذا الأمر «محطّة أساسية أخرى نحو التوصّل إلى مؤسسات دولة تعمل بالكامل في لبنان، بما يعكس المسؤولية والانفتاح على التسوية لدى جميع الأطراف، والتي تجسّد مميّزات التقليد الديمقراطي للبنان».

وأشارت إلى أنّ «الشعب اللبناني يتوقّع من جميع الأطراف السياسية الفاعلة الاستمرار في العمل بالروحية البنّاءة نفسها، وفي جوّ من الوحدة الوطنية يؤكّد من جديد استقلال لبنان وسيادته على أساس الدستور واتفاق الطائف، فضلاً عن التزامه المستمر بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي، بما فيها القرار 1701».

وأشاد وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جان مارك آيرولت في تصريح، بـ«تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان». كما هنّأ الرئيسين عون والحريري ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، بالإضافة إلى كلّ القوى السياسية اللبنانيّة «لأنّها تحلّت بروح المسؤولية، وغلّبت مصلحة لبنان العليا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى