ما بعد البث الحيّ لاغتيال سفير بوتين روسيا ستضرب بيد من «سوخوي»

معن حمية

اغتيال سفير روسيا الاتحادية لدى تركيا أندريه كارلوف، ليس عملاً إرهابياً من صنع فرد أو مجموعة أفراد، بل جرى التخطيط له بإتقان، وثمة إشارات تؤكد وجود صلة غير مباشرة بين المنظومة الإرهابية وأجهزة استخبارية غير معلومة الهوية حتى الآن.

ومن الإشارات اللافتة، ما تمّ تظهيره عبر البث التلفزيوني المباشر، فقد ظهر منفذ الهجوم بزيّ العناصر الرسمية التي تتولى أمر الحراسة والحماية، منذ لحظة إطلاقه الرصاص على السفير الروسي، مروراً بدقائق «خطابه» المتلفز الذي أعلن فيه أسباب ودوافع عمله الإرهابي!

الإرهابي الذي قتل السفير الروسي، حصل على متّسع من الوقت لقول ما أراد قوله بخصوص حلب، وهو كان يتصرّف بما يوحي أنه محميّ وغير مهدّد في حياته، قبل أن يلقى مصرعه بعيداً عن أضواء الكاميرا!

إنّها مشهدية إرهابية تستدعي طرح الأسئلة الكبيرة، وتحتاج إلى أجوبة مقنعة، وليس مجرد مواقف إدانة واستنكارات باهتة، لن تغيّر من هول العمل الإرهابي الكبير شيئاً.

الواضح من ردود الفعل الروسية على عملية الاغتيال، أنّ روسيا لم تكتفِ بما صدر من روايات أمنية، وهي تدقق جيداً في المشاهد التلفزيونية التي بُثت عن وقائع عملية الاغتيال الإرهابية، وتدقق في كلّ كلمة قالها منفذ الهجوم، وتأخذ بعين الاعتبار الفترة الزمنية الفاصلة من لحظة إطلاق الرصاص على سفيرها حتى لحظة تدخّل القوى الأمنية.

الروس المعروفون ببراعتهم الاستخبارية، لا يمرّون عرضاً على ما حصل، وهم لا يتعاملون إطلاقاً مع سياقات الروايات الأمنية والإعلامية التي تصدر عن غيرهم. وكلّ ما هو أمام رجال الاستخبارات الروسية، أنّ عنصراً إرهابياً دخل قاعة معرض الصور بزيّ الحراس وببطاقة رسمية وأطلق الرصاص على السفير الروسي ومن ثم ألقى «خطاباً» متلفزاً.

إنّ ما قاله منفذ الهجوم الإرهابي في الوقت الذي «أعطِيَ» له، لا يختلف في مضمونه واستهدافاته عن الخطاب الذي تروّجه الدول الراعية للإرهاب في حملاتها لنصرة الإرهاب في حلب تحت عناوين الإنسانية وحماية المدنيين، الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة، حول جدية مواقف الإدانات الدولية والإقليمية لعملية اغتيال السفير الروسي، في وقت يتبنّى أصحاب هذه المواقف ما أعلنه منفذ الهجوم الإرهابي!

ما من شك في أنّ روسيا تبحث جدياً عمّن يقف وراء الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة سفيرها، وهذا البحث لن يكون في الدائرة التي حدّدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أيّ «جماعة غولن»، لأنّ الروس يدركون أنّ هذا الاتهام ليس دقيقاً، وهو محاولة من أردوغان لإصابة عصفورين بحجر واحد.

تركيا تدرك أنّ اغتيال سفير فلاديمير بوتين، لن يمرّ بلا أثمان كبيرة، فهل تستطيع تركيا دفع هذه الأثمان بوقف دعم المجموعات الإرهابية والانخراط في الحرب ضدّها، وهل الولايات المتحدة الأميركية تقبل بذلك؟

الأجوبة الفصل في مقبل الأيام القليلة، فالصورة والتسجيل لمنفذ الهجوم الإرهابي اللذين حاول الإرهاب من خلالهما إرعاب روسيا، قد يكونان آخر صور وتسجيلات الإرهاب… لأنه من المؤكد أنّ روسيا ستتعامل بحزم، وستضرب بيد من «سوخوي»…

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى