عشق الصباح
السنون تقترب من حواف الرحيل، سنة أخرى تجيء، وأحلامي «على قدّها»… لن تنتهي الأحلام، ولا شوقي يتوقف إليك.
يوم حاصرني الصقيع، كنت وحيداً، وأكوام من الكتب والمجلات والصحف العتيقة وجمرات شوق لا تنطفئ. وكؤوس وزجاجات ومحبرة ملّت نزيف وجعي. وخيال يطوف من حولي كأنه أنت… كتبت إليك.
تمايَلت بقدّ ميّاس وغرفت من الدنان بكفَّيْها حفنة لامستها بثغرها. قطرت بلون كالعناب وقالت: أيها الغريب، اشرب نبيذاً معتّقاً؟ هي الأيام تفعل ما تشاء، وطِب عشقاً فقد حكمت عليك بأن تكون لياليك كلّها مسكونة بطيفي!
حتى ولو باعدت بيننا المسافات أو تمنّعت من الغنج إليك وصلاً، كأنك تسكنني. كنت حائراً ما بين الوصل والعتاب مسافة عشق منفصلة عن البوح.
يا للحنين! ويسألني الموج: ما بك حائر؟ احكِ كي ترتاح!
«شو نفع الحكي يا بحر؟»، والبوح يحتاج إلى فنان يجيد عزف قيثارة البوح، وأوراقي بعثرتها الريح وقد سكن الزمهرير في جسدي المتعب من الانتظارات!
لا الكتابات تُجدي، ولم يعد للكلمات وقعها، وأنا لا أملك إلا الكلمات.
أسفي على هذا الزمان فإنه للمنافقين وللدجالين وللذين يعرفون من أين يسرقون تعب الآخرين، ويتغنّون بأموال لا يعرفون كم يملكون. غارقون في الحياة وملذّاتها حتى صارت وجوههم أقنعة.
أنا لا أحبّ الأقنعة. وكلّ ما أملكه قلم ومحبرة وأوراق وحكايات وناي من قصب مجروح. أعيش وحيداً في مجتمع يتقن فنّ الحكي والدسائس والغدر. كم من الوجوه التي نتوهّم أننا نعرفها ما هي إلا أقنعة؟ ما أصعب أن تكتشف أنك كنت تعامل أقنعة ليس إلا. خذني إليك أتعبتني الانتظارات.
حسن ابراهيم االناصر