ممرّ الأراضي الدافئة بين عرسال وجرودها هل يشعل معركة البقاع؟
جهاد أيوب ـ «البناء»
كشف مصدر معنيّ بملف العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة»و«داعش» في عرسال لـ«البناء» أنّ السعودية، وبعيداً من الإعلام، قامت اخيراً بلعب دور خطير وحساس وغير سويّ، أدّى إلى عرقلة القضية، وتسبّب في تأخير تحرير الجنود، وهو ما كان مأمولاً أن يحصل خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن السعودية ضغطت بوسائل وأساليب مختلفة على «داعش» حتى لا يتجاوب مع المساعي الهادفة إلى فك أسر العسكريين، وهذا ما جعل بعض الأصوات في فريق 14 شباط وتحديداً في تيار المستقبل ترتفع مطالبة بالإفراج عن بعض المسجونين والموقوفين الخطيرين في ملف الإرهاب في السجون اللبنانية.
وتابع المصدر الذي كان ضمن الوفد الذي رافق رئيس الحكومة تمام سلام إلى الدوحة: «السلطات القطرية كانت واضحة في كلّ كلامها معنا، ووضعت النقاط على الحروف في كيفية فكّ أسر الجنود، ولم تشر برمزية إلى الجهات المعرقلة، بل سمّتها بالاسم مباشرة، لذلك وعد الأمير تميم بن حمد بالمساعدة ولم يجزم بإنهاء الملف كلياً».
كما أشار المصدر إلى أنّ الجهات الداعشية التي اختطفت العسكريين تربطها علاقات مباشرة مع بعض الأفراد من آل سعود، وهؤلاء يعملون على تأمين المال وفرق الإعلام التي يتطلّبها «داعش»، لذلك حين ساهم الشيخ مصطفى الحجيري بأمر سعودي في خطف الجنود اللبنانيين، وإبقائهم في منزله، بعد توقيف أبو عماد أحمد جمعة، قامت مجموعة من «داعش» بمحاصرة المنزل وتمكنت أن تأخذ معها سبعة من الجنود المختطفين.
وقال المصدر إنّ الجانب القطري فتح أبواب التفاوض أمام الجانب اللبناني، لكن «داعش» رفض الوساطة بعدما كان وافق عليها، وعاد إلى موقفه السابق المُصرّ على مقايضة العسكريين المختطفين ببعض المساجين الإسلاميين الموقوفين لدى الدولة اللبنانية وبالتحديد أشخاص من السعودية وفلسطين ومن سورية والجزائر، إضافة إلى المطالبة بفتح معبر آمن لمسلحّيه للخروج من عرسال وجرودها إلى «الأراضي الدافئة كما يعتبرها داعش والنصرة»، وهذا الموقف المتشدّد جعل «جبهة النصرة» تستبعد الإفراج عن الجنود في القريب العاجل، معلّلة الأسباب بتعنت «داعش»، وبأنها لا تريد الإفراج عمّن لديها من مخطوفين فيما لا يطلق «داعش» المخطوفين لديه!!
وأكد المصدر أنه لا خلاف بين «النصرة»و«داعش» في عرسال، ولكن هنالك بعض النفور،و«جبهة النصرة» تعامل الجنود المخطوفين بطريقة أفضل من «داعش»، ولا تعمل على إهانتهم، وقد تساهلت «النصرة» مع المتفاوضين أخيراً، واكتفت بوضع شرط وحيد يتفق مع بعض شروط «داعش» كي تطلق سراح المخطوفين، والشرط هو أن تعمل السلطات اللبنانية على تأمين الممرّ الدافئ أو الأراضي الدافئة بين عرسال وجرودها والحدود السورية قبل فصل الشتاء من أجل ضمان استمرار وصول التموين يومياً ومن أجل توفير راحة العناصر الإرهابية، ويُشار هنا إلى أنه يوجد في عرسال فرن يؤمّن 30 ألف ربطة خبز يومياً لعناصر «داعش»و«النصرة»، ويُنقل جزء منها أيضاً إلى الأراضي السورية والجرود، وهذا يفسّر التسلّل الدائم واليومي من الجرود إلى عرسال حيث تقع معارك كثيرة لا يتمّ التركيز عليها من قبل الإعلام اللبناني، وآخرها المعركة التي وقعت فجر أول أمس بين الجيش اللبناني وبين المجموعات الإرهابية المسلحة».
واختتم المصدر بالقول: «كل من اتصلنا بهم أكدوا لنا أنّ ملف منطقة عرسال وجرودها ليس سهلاً، وهو سيستمرّ على خطورته حتى لو تمّ فك أسر العسكريين،و«داعش»و«النصرة» يخططان كما يتردّد لمعركة اجتياح البقاع قبل حلول فصل الشتاء، وهذه المعركة واقعة لا محال كما يجزم المصدر، والفيديو الأخير الذي وزع ليس عمل هواة، بل إنّ خلفه رسالة دامية، وقد يسبق معركة البقاع القصف الصاروخي العنيف على النبي عثمان، واللبوة، والعين، ورأس بعلبك، ومنطقة يونين، وبريتال من جهة الطفيل، وبعض المناطق المجاورة لعرسال وجرودها، وإرسال سيارات مفخخة إلى حواجز الجيش اللبناني في البقاع وصيدا، واغتيالات لبعض العسكريين والسياسيين اللبنانيين».