نصرالله: معركة حلب انتصار كبير لجبهة المقاومة يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة أمام حلول للأزمة السورية
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «أنّ إحدى أولويات الحكومة الجديدة هي إجراء الانتخابات، إنما يجب عليها أن تتحمّل مسؤولياتها الكاملة في كلّ المجالات والاهتمام بحاجات الناس ومطالبهم»، مشدّداً على «أنّ حزب الله يؤيد النسبية الكاملة في قانون الانتخاب».
وخلال لقاء مع الطلاب الجامعيين في التعبئة التربوية في حزب الله، دعا السيد نصرالله إلى «إجراء نقاش حول ذلك مع مختلف القوى السياسية». وقال: «نحن نريد القانون الأمثل والأنسب وأيضاً لا بدّ من الأخذ بهواجس الجميع بعين الاعتبار، وإننا نرفض العودة إلى قانون الستين».
وأشار السيد نصرالله إلى ما «كان دائماً يُقال إنّ حزب الله يريد السيطرة على البلد»، مؤكداً أنه «لو جاء كلّ البلد وقال لنا خذوا الحكومة ورئيس الحكومة وكلّ البلد نحن سنرفض هذا الأمر لأنّ هذا الأمر مجافٍ للعقل والمنطق».
وشدّد على «أنّ حزب الله يريد الشراكة لأنّ قدر ومصلحة هذا البلد هو الشراكة بين الجميع»، داعياً إلى «الحذر الدائم والتعاون والتعاضد للحفاظ على الوضع الأمني والاستقرار في لبنان».
وإذ أشار إلى «أنّ النقاشات التي تحصل حول قانون الانتخابات هي نقاشات إيجابية وهذا ما تبديه جميع الأطراف السياسية»، لفت إلى أنّ «بلدنا يتجه إلى الاستقرار السياسي كما الاستقرار الأمني لكن يجب أن نكون على حذر مما قد تقوم به الجماعات الإرهابية نتيجة الخسائر التي تلحق بها».
وأكد السيد نصرالله «أنّ ما تحقق في حلب سببه التضحيات التي قدّمت من قبل الدولة والجيش والشعب في سورية وبفضل المقاومين، الذين كان لديهم العزم على الانتصار، فالانتصارات في سورية هي نتيجة وجود قيادة وجيش وشعب وحلفاء ومقاومين أصرّوا على منع سيطرة داعش والنصرة على سورية». ولفت إلى «أنّ معركة حلب عمرها سنوات ولكن منذ أشهر كانت هذه الحرب متواصلة وبشكل كثيف، وإنّ تبرير الجماعات المسلحة الهزيمة في كلّ معركة حلب بموضوع حجم الدعم وعدم قيام الدول الراعية بتقديم الدعم الكافي، كلّ ذلك غير صحيح لأنّ حجم الدعم الذي قُدِّم لهذه الجماعات بالأموال والرجال والسلاح من الداخل والخارج كان دعماً غير طبيعي وباعتراف الأميركي ويمكن مراجعة هذه التصريحات».
وأضاف: «إنّ معركة حلب انتصار وتطور كبير وبالغ الأهمية لجبهتنا، وهي في المقابل هزيمة للفريق الآخر وبعد معركة حلب سقط هدف إسقاط النظام في سورية».
ورأى السيد نصرالله «أنّ انتصار حلب يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة أمام حلول للأزمة السورية». وقال: «هذا هو الحلّ السياسي الذي عطّله الأميركي والسعودي وغيرهما، فحلب غيّرت الكثير من الحقائق لدى هؤلاء. هذا الإنجاز هو إنجاز لكلّ الذين ضحوا وسقطوا في حلب ومن موقع الحلفاء بعد الله الفضل هو للقيادة والجيش والشعب في سورية لأنّ السوريين هم من أخذوا القرار بالصمود والمواجهة»، متسائلاً: «لو أنّ السوريين لم يتخذوا هذا القرار فماذا كان سيفعل الحلفاء»؟
وقال السيد نصرالله «إنّ ما قدّمه العالم وبالأخصّ الدول العربية من مال وسلاح وذخيرة ودعم إعلامي وسياسي للإرهاب في الحرب على سورية يفوق عشرات المرات ما قُدِّم للمقاومة الفلسطينية من قبل العالم والعرب على مدى عشرات السنوات»، مضيفاً: «حتى على مستوى الكلام والمؤتمرات تمَّ دعم الجماعات المسلحة أكثر بكثير من دعم المقاومة الفلسطينية، وما لم تفعله هذه الدول للجماعات الإرهابية أنها لم ترسل الجيش السعودي والقطري والإماراتي كما حصل مع التركي الذي بات يشاهد أولاده يقتلون على الأرض السورية. حتى ما قُدِّم للجماعات الإرهابية في أفغانستان لا يُعتبر شيئاً قياساً بما قُدِّم لها في سورية».
وإذ استنكر إقدام تنظيم «داعش» الإرهابي على حرق جنديين تركيين في سورية، أكد السيد نصرالله أنه «يجب على كلّ مسلم في العالم أن يُدين هذا الوحش والقاتل الهمجي الذي يرسل بناته لتنفيذ عمليات انتحارية باسم الله».
وأوضح «أنّ تركيا اليوم تتلظى بنار داعش الإرهابي وأنقرة تستمر بدعم هذا التنظيم في العراق»، معتبراً «أنّ الحكومة التركية مدعوة اليوم إلى موقف حاسم من داعش». وسأل: «إلى متى ستستمر الدول الراعية للإرهابيين بتقديم الدعم لهؤلاء؟ ألا يدعو ما حصل في الكرك الحكومة الأردنية إلى التوقف عن دعم الإرهابيين»؟
وتطرق السيد نصرالله إلى الوضع الإنساني، فقال: «لقد أتوا بصور لمجازر العدو الصهيوني في الضاحية الجنوبية وغزة وقالوا إنها في حلب كما أتوا بصور لأطفال جياع في اليمن، وكلّ العالم يعرف أنّ آلاف الأطفال في اليمن يموتون جوعاً بسبب الحصار السعودي. فهل دخلت الجماعات الإرهابية إلى أي منطقة وتركت الناس يخرجون بشكل سالم من دون قتل أو تنكيل، كما فعل الجيش العربي السوري»؟
وفي الشأن البحريني، اعتبر السيد نصرالله «أنّ ما حصل هناك مؤخراً يدلّ على أنّ النظام البحريني لا يعمل بعقل وما زال يصرّ على ارتكاب الحماقات، وكاد أن يرتكب حماقة جديدة لولا تصدّي الشعب البحريني وأهالي الدراز والبلدات المحيطة للشرطة التي حاولت الاعتداء على منزل الشيخ عيسى قاسم».
من جهة أخرى، شدّد أمين عام حزب الله على أنّ الجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية ترتّب مسؤولية دينية وأخلاقية على جميع المسلمين والمسلمات وعلى علمائهم ومفكريهم وعلى العامة بضرورة رفض وإدانة واستنكار هذه الجرائم والأعمال البشعة التي تقوم بها هذه الجماعات».
وقال السيد نصرالله إنّ «الإسلام كدين ورسول الإسلام لم يتعرّضا لهذا المستوى من الإساءة والتشويه على الصعيد الإعلامي والشعبي والسياسي كمّاً ونوعاً كما حصل خلال السنوات الماضية سواء لكمّ التجاوزات أو لقدرة الإعلام على إيصال هذه التشويهات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية». وتابع: «قبل ست سنوات كنا نواجه الإساءة للرسول عبر بعض الأفلام والرسوم لكن منذ عدة سنوات بتنا أمام مشهد مختلف وبالتحديد ما جرى على أيدي الجماعات الإرهابية المسلحة التي تدّعي أنها تنتسب للإسلام ولرسله وتكتب على راياتها لا إله إلا الله محمد رسول الله».
وأكد السيد نصرالله «أنّ ما قام به هؤلاء الذين يدّعون زوراً وبهتاناً الانتساب للإسلام من حرق وقتل وسبي ومجازر جماعية ومن تدمير لكلّ إرث حضاري إسلامي مسيحي أو غير ديني له قيمة تاريخية وحضارية وما يرتبط بالحجر والثقافة والبشر، هو مجزرة شاملة على مختلف المستويات قام بها هؤلاء التكفيريون». وقال: «هؤلاء يقدّمون كلّ هذه النماذج البشعة وباسم الاسلام ورسول الإسلام لذلك يجب الإدانة والاستنكار الدائم والمستمر وبكلّ الأشكال والأساليب».
وكان السيد نصرالله جدّد التبريك لجميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين «بالأعياد العظيمة والمجيدة»،
وفي أجواء البرد والثلج، توجه «بالتحية والسلام إلى كلّ المرابطين والمتواجدين في الميدان من ضباط وجنود ومقاومين سواء على الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة أو على الحدود الشرقية وفي فلسطين وسورية واليمن في كلّ خطوط المواجهة». وقال: «التحية لكلّ من يدافع عن وطنه وأمته بوجه الغزو الذي تتعرض له أمتنا».