نصرالله متفائل بقانون الانتخاب… وبفرص تموضع وحلّ سياسي لسورية البيان الوزاري اليوم بنصوص رمادية… فلسنا ذاهبين إلى جولات مواجهة
كتب المحرّر السياسي
بينما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صانع الفيتو لحماية سورية، يتبادل التهاني مع الرئيس السوري بشار الأسد بنصر حلب، ويتبادل التشارك مع الرئيس التركي رجب أردوغان في استقراء المرحلة المقبلة، بعيداً عن انتظار واشنطن المنكفئة عن انخراط جادّ في الحرب على الإرهاب التي لا تزال تراها ترفاً لا يمسّ أمنها بتهديد وجودي كحال دول المنطقة، كما أظهرت العمليات التي استهدف بها داعش الجيش التركي وما تلاها من تهديدات، كانت واشنطن صانع الفيتو لحماية «إسرائيل» تنكفئ عن اللجوء للفيتو لمنع صدور قرار عن مجلس الأمن يُدين الاستيطان «الإسرائيلي»، بعدما انكفأت مصر عن مشروعها الأصلي وتبنّته بالنيابة عن الانكفاء العربي السنغال وفنزويلا ونيوزيلاندا وماليزيا.
هذا المشهد الذي حمل صورة عن العالم الجديد الذي يتهيأ للولادة، على أنقاض معادلات التحكم والهيمنة التي ترجمتها سياسة العدوان «الإسرائيلية» المفتوحة في المنطقة، وسياسة الهمينة الأميركية على العالم ومؤسساته الأممية، يأتي بالتأكيد تعبيراً عن الخسائر التي مُنيت بها كلّ من أميركا و«إسرائيل» منفردتين ومجتمعتين، سواء في حروبهما العسكرية المباشرة وما انتهت إليه من هزائم، أو رهانهما المشترك على إسقاط سورية وما انتهى إليه من سقوط.
العبرة للعرب هي الأهمّ فيما تبدو تركيا تقرأ، رغم تورّطها الأبعد مدى، أفضل من كلّ العرب فتسارع للتموضع على خط مصالحها، الذي يمكن أن يعيد حساباتها حتى تجاه الحلف مع «إسرائيل»، فيما يقيم بعض الحكام العرب حسابات أمنهم اليوم على وهم قدرة «إسرائيلية» موهومة على حمايتهم، ويمضون بعناد في مواصلة تمويل الحرب على سورية، وطلب الرضا الأميركي صبحاً ومساء.
الصوت العربي الذي مثلته المقاومة يوم حرّرت جنوب لبنان، وفقاً لمعادلة نصر العرب التي أعلنها يومها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من بنت جبيل، وكرّره بعد نصر المقاومة في حرب تموز 2006، لم يرتّب إلا مزيداً من الإنكار الرسمي العربي لخيار المقاومة وتآمراً على قواه، وصولاً للتورّط في الحرب على سورية قلعة المقاومة وسندها، وها هو الصوت نفسه بلسان السيد حسن نصرالله ايضاً، يتحدّث عن فرص جديدة لتموضع إقليمي بعد النصر في حلب.
كلام السيد حسن نصرالله الذي شرح معاني النصر في حلب، ورسم معادلة الحرب الطويلة على الإرهاب، حمل في طياته تفاؤلاً بحدوث اختراقات واقعية في المسار السياسي السوري، حيث تحوّلت الدعوة للحلّ السياسي من مجرد تأكيد للنيات إلى تفاؤل بفرص واقعية لم تكن متوفرة قبل سقوط الرهانات على ما سُمّي بملحمة حلب الكبرى وعاصفة الشمال، ما عاد ممكناً بعدها.
تفاؤل السيد نصرالله بتموضع جديد لقوى إقليمية كان واضحاً أنها تركيا رغم الكلام الصريح والقاسي بحق سياساتها ورهاناتها على داعش والنصرة، كما كان واضحاً أنها رسائل للسعودية عساها تعيد الحساب، شابهه تفاؤله بالشأن الداخلي، خصوصاً بشأن قانون الانتخابات النيابية وفرص التوصل لتفاهمات تنتج قانوناً يلبّي حداً من التطلعات ويجيب على الهواجس المشروعة للقوى والأطراف.
هذا التفاؤل بالتفاهمات يبدو تفسيراً منطقياً لعدم الإصرار على نصوص واضحة في البيان الوزراي، سواء بصدد القانون الانتخابي، أو خصوصاً حول المقاومة وسورية، وهو ما قال مصدر واسع الإطلاع عنه لـ«البناء»، إنّ المقاومة خلافاً للسابق لا تستشعر بأنها ذاهبة لمواجهات تستدعي التحصّن بنصوص تحفظ حق المقاومة وتحمي وجودها من التلاعب والاستهداف، فكلّ ما في المنطقة والعالم يقول إنّ المقاومة، التي تشكل طليعة متقدّمة في حلفها، هي في حلف الرابحين الذي سيخطب ودّه الآخرون، بينما الحروب ذات الأبعاد الدولية والإقليمية تفقد الكثير من زخمها لتصير الحرب على الإرهاب بديلاً حاضراً عنها، بعدما كانت الاستعدادات للحروب الإقليمية والدولية على محور المقاومة تستدعي التذخير بالتمادي ضدّ المقاومة في لبنان، وتفرض على المقاومة التمسك بنصوص واضحة لا تحتمل التأويل، بينما تجد نفسها اليوم معنية بالاكتفاء بالوضوح المبدئي والتساهل في التفاصيل تحت عنوان التسهيل.
البيان الوزاري الذي أقرّته اللجنة الوزارية أمس، وينتظر إقراره في الحكومة اليوم، وفي المجلس النيابي في جلسات الثلاثاء والأربعاء والخميس، سيعقبه انطلاق ورشة قانون الانتخابات الذي تبدو العقبة التي يمثلها النائب وليد جنبلاط أمام السير بصيغة تعتمد النسبية الكاملة أبرز ما قصده السيد نصرالله بالحاجة لمعالجته بالحوار.
نصرالله: انتصار حلب يفتح آفاقاً جديدة للحل
رسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المشهد الجديد في حلب لاستخلاص العبر العسكرية والاستراتيجية والإنسانية مما جرى وتقييم الإنجاز في سياق ما هو آتٍ. واعتبر السيد نصرالله أن تحرير مدينة حلب هو إنجاز كبير في معركة كبرى تخوضها قوى المقاومة في المنطقة في مواجهة القوى الإرهابية والدول الداعمة لها، لكن يدرك السيد نصرالله أن المعركة طويلة وتحتاج الى مزيدٍ من الصبر والصمود والقتال وتضافر الجهود والقدرات والتنسيق بين قوى المحور ما دامت إرادة القوى الخارجية مستمرّة بتقديم شتى أنواع الدعم للمجموعات الإرهابية، لكنه جزم بأن مشروع إسقاط النظام والدولة في سورية قد سقط وأن مشهدية حلب خلقت واقعاً استراتيجياً جديداً يعزز موقع محور المقاومة في إطار المعركة الدائرة في الإقليم، وفي الوقت نفسه دفع دولاً إقليمية الى إعادة النظر في سياستها إزاء سورية.
وأشار السيد نصرالله الى وقائع وصور جرت في ميدان حلب تحمل معاني عدة كالسماح للمسلحين بالخروج وبسلاحهم من الميدان، وظواهر أخرى تم التعامل معها بالأسلوب نفسه في المقابل لا تملك المجموعات المسلحة الثقافة الأخلاقية والإنسانية التي يملكها الجيش السوري وقوى المقاومة حتى في الحرب. ولفت السيد نصرالله إلى محاولة شيطنة معركة حلب من خلال الصور المسلطة والمفبركة والمقتبسة والإعلام الموجه وجاءت الصور والمعطيات والوقائع لتدحض كل محاولات شيطنة الجيش السوري وحلفائه، والأهم بحسب السيد أن الأولوية بعد الانتصار هي تثبيت الانتصار.
ووفقاً لمصادر مطلعة أكدت لـ«البناء» أن «المعركة المقبلة التي يحضر لها الجيش السوري والحلفاء ستكون في الأرياف القريبة من حلب لتنظيفها من المسلحين سواء الريف الشمالي أو الجنوبي أو الجنوبي الغربي لحماية المناطق المحرّرة من هجمات محتملة».
وأعلن السيد نصر الله أن «معركة حلب هي إحدى الهزائم الكبرى للمشروع الآخر وانتصار كبير للجبهة المدافعة والمواجهة للإرهاب». ولفت الى أن «الانتصار في معركة حلب لا يعني انتهاء الحرب ولكن بعد حلب نقول إن هدف إسقاط النظام سقط وفشل»، مؤكدًا أن «النظام الذي يسيطر في دمشق وحمص وحلب وحماه واللاذقية وطرطوس وغيرها هو نظام قويّ وموجود». رأى أنه «يجب الحفاظ على هذا الانتصار وحماية مدينة حلب من أيّة هجمات ستحصل ويجب تثبيته وترسيخه ليُبنى عليه ميدانياً وسياسياً، لأنه يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة أمام أيّ حل سياسي».
وفيما يخصّ الشأن الداخلي اعتبر الأمين العام لحزب الله أنه «يجب أن لا تكون هناك أية مشاكل لناحية البيان الوزاري بعدما تشكّلت الحكومة، ويجب أن يتمّ التوافق عليه»، مضيفًاً «يجب العمل على قانون الانتخابات، وهذه الحكومة يجب أن تتحمّل مسؤوليتها تجاه الانتخابات النيابية وأن لا تتهرّب من مسؤولياتها تجاه الوضع المعيشي ووضع الناس، ومن أولوية إجراء الانتخابات النيابية، وتابع: «لا نريد أن نسيطر على الحكومة، بل نقاتل من أجل تمثيل الجميع في الحكومة لمصلحة البلد، معلنًا تشجيعه «الحوار بين جميع الأطراف من أجل مصلحة لبنان». كما وأشار الى أن «النقاشات التي تحصل حول قانون الانتخابات هي نقاشات إيجابية، وهذا ما تبديه جميع الأطراف السياسية»، لفت الى أن «بلدنا يتجه الى الاستقرار السياسي كما الاستقرار الأمني، لكن يجب أن نكون على حذر مما قد تقوم به الجماعات الإرهابية نتيجة الخسائر التي تلحق بها».
أنصاري في عين التينة والضاحية
وواصل مستشار وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية حسين جابر انصاري جولته على المسؤولين، فبعد زيارته اللافتة في الشكل والمضمون للرئيس سعد الحريري في السراي الحكومي أمس الأول، التقى أمس الرئيس نبيه بري، وأثنى على «الإنجازات الميدانية الكبرى بتحرير مدينة حلب من براثن الإرهاب، وهذا في حد ذاته يُعتبر مؤشراً هاماً وقاطعاً على نجاح المواجهة التي يقوم بها الشرفاء ضد الإرهابيين التكفيريين المتطرفين». وأوضح أن الوفاق والتفاهم والانسجام تؤمن الحل المنشود والسريع لكل الملفات الإقليمية الملتهبة، كما زار أنصاري الأمين العام لـ«حزب الله» وكان عرض لتطورات لبنان والمنطقة.
الحكومة تقرّ مشروع البيان اليوم؟
وفي غضون ذلك، أنجزت اللجنة المكلفة دراسة البيان الوزاري برئاسة الرئيس سعد الحريري مسودة البيان، بعد اجتماع دام أكثر من ثلاث ساعات تم الاتفاق على جلسة لمجلس الوزراء تعقد اليوم عند الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر، وإذا جرت الأمور بشكلٍ طبيعي، وكما هو متوقع، سيحال البيان إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ومنه إلى المجلس النيابي، وتعقد جلسات المناقشة والثقة الأسبوع المقبل بين العيدين يومي الثلاثاء والأربعاء صباحاً ومساءً وإذا استدعى الأمر يوم الخميس.
وخلال الجلسة جرى اتصال بين الرئيس الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون. وعلمت «البناء» أن البيان الوزاري يتألف من ست صفحات، اعتمد مواءمة بين خطاب القسم والبيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام حول موضوع مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وخرج المجتمعون عن بند النأي بالنفس بالتأكيد على إبعاد لبنان عن الأوضاع الإقليمية المتفجرة، والسعي لإقرار الموازنة وقانون انتخابات عادل يراعي الميثاقية والتمثيل من دون أن يحدّدوا إن كان نسبياً أو أكثرياً. وتبنّى البيان الوزاري إلى حدٍ كبير ما ورد حول الأوضاع الاقتصادية والمالية في بيان حكومة الرئيس سلام، وأكد ضرورة دعم الجيش ومكافحة الإرهاب.