لأنها «جينات» واحدة تركيا تتفهّم

معن حمية

طبيعي أن لا يتأثر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفظاعة إحراق جنوده على يد تنظيم «داعش» الإرهابي، لأنه ممن أشعلوا ناراً أحرقت عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال السوريين على مدى خمس سنوات.

طبيعي أن لا يرفّ له جفن، وهو الذي سجن وشرّد عشرات الآلاف من الأتراك ونكّل بهم على أثر محاولة انقلاب فاشلة.

ولعلّ أبلغ تعبير عن موقف أردوغان من عملية حرق جنوده، تمثل باستقباله أحد عناصر «داعش» على جريرة ابنته «بانا العابد» التي ذاع صيتها بالتغريد عن المأساة المزعومة وعن موت افتراضي لوالدها، في حين كان هو حياً يحمل السلاح لقتل الأبرياء.

مشهدان كافيان للتدليل على أنّ فعل الإرهاب واحد، وهو الإجرام وسفك الدماء، وأنّ أشكاله وطرائقه متعدّدة.

إنّ استخدام الطفلة «بانا العابد» وإشهارها كمغرّدة على «تويتر» كذباً ونفاقاً، لا يختلف عن استخدام الطفلة فاطمة شداد كانتحارية يفجّرها أهلها قبل أيام في قسم شرطة منطقة الميدان في دمشق.

كما أنّ قيام «داعش» بإحراق جنديين تركيين وهما حيّين، لا يختلف عن مشهد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة قبل عام، ولا يختلف عن مشاهد أكل الأكباد وجزّ الرؤوس. وكلّ هذه الأفعال الإجرامية الإرهابية الوحشية ارتكبتها المجموعات الإرهابية المتطرفة.

واقع الحال، أنّ من لم يجرّموا المجموعات الإرهابية وهم يرون بأمّ العين فظائع جرائمها على مدى خمس سنوات، لن تثور ثائرتهم ضدّ إحراق جنديين تركيين، فهم يتفهّمون دوافع التفنّن في القتل، لأنّ «جينات» الإرهاب واحدة.

وفي الحديث عن «الجينات» الإرهابية فهي تتشكل نتيجة فكر غرائزي ظلامي متوحش، يدعو إلى افتراس الآخر المختلف وقتله، ويهدف إلى تدمير المجتمعات الإنسانية قيماً ومفاهيم. مع الإشارة إلى أنّ العمل على تدمير مجتمعات إنسانية بعينها، وطمس حضارتها وتجهيل تاريخها، يشكل هدفاً مشتركاً واحداً لأصحاب «جينات» الإرهاب وأصحاب المشاريع الاستعمارية الكبرى. وهذا يتجلى بالتشاركية القائمة، فالإرهاب يقتل ويدمّر ورعاته يدعمونه بالمال والسلاح ويمارسون التعمية على جرائمه بالإعلام والخداع.

وعليه، فإنّ الحديث عن إمكانية أن يكون لتركيا الأردوغانية دور في الجهود التي تبذل لوضع حدّ لخطر الإرهاب، يحتاج إلى تدقيق أكثر في طبيعة التفكير الغرائزي لأردوغان وحزبه، ويحتاج إلى أدلة وبراهين على أرض الواقع.

لا تزال الطائرات التركية المسيّرة بأوامر أردوغان، تلقي الخزانات والقنابل الحارقة على مدينة الباب، وهي «تخطئ» في إصابة الإرهابيين فتقتل المدنيين العزل شيوخاً ونساءً واطفالاً!

لا تزال طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية تنفذ غاراتها على الرقة وهي «تخطئ» في إصابة الدواعش، وتنال من المدنيين الأبرياء!

من أشعل النار في سورية لا يزال يعمل على تسعيرها، وحده الجيش السوري ومعه حلفاؤه، يعملون على إخماد هذه النار، بوهج الصمود والانتصارات… وعلى انتصار مدينة حلب يعقد الرجاء بوأد النار، ووأد مشاريع التقسيم والتخريب والتدمير.

مَن دَعَمَ المجموعات الإرهابية لتعيث قتلاً وحرقاً وتدميراً في سورية وبحق السوريين، يتفهّم قيام داعش بحرق جنود أتراك.. إنه فعل «جينات» الإرهاب.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى