حلب ستكشف الصاغ من الجلب…!
محمد صادق الحسيني
العالم بعد حلب أمام امتحانات واختبارات ستعجّ بها الأسابيع والأشهر المقبلة!
الغلام السلجوقي انحنى نعم، وسلّم بالهزيمة في موسكو، لكنه لم يجثُ بعد على ركبتيه عند بوابات الشام ولا يزال يلعب عند الباب!
السعودي وصغيره القطري لا يزالان يمارسان التعمية ويحاولان الانتقام في البحرين ومصر وفي ساحات أخرى مرشحة…!
الأردن لا يزال يلعب الغمّيضة مع جيرانه ولم تصله بعد رسائل كفّ اليد عن سورية المقاومة والتحدّي…!
العراق لا يزال في البرزخ الأميركي، والحاكم في بغداد لا يموت فيها ولا يحيا، والحشد الشعبي تمّ حبسه في القمقم…!
وإيران التي نحبّ، العين عليها بقوة والعدو الدولي والإقليمي يحاول الانتقام تسللاً ونفوذاً وإنْ كان الإمام البصير فيها لهم بالمرصاد…!
ولروسيا الصديقة نتمنى أن تكون شديدة القوى مع الأعداء وتعزيز حلفها الصادق معنا، بتقليل الرهان على إمكانية تحوّل الشيطان الى ملاك…!
وأمور أخرى كثيرة لا تزال قيد الغربلة ينتظرها زمن نصر اليمن العظيم المرتقب بعد حلب…!
ويبقى المشهد الدمشقي الشهير الذي أطلّ علينا يوماً من قصر الشعب هو الحازم قراره والبصير بأمره والموقن بسرّه:
حلب الطريق الى تطهير كلّ سورية من اللصوص وقطّاع الطرق، ولا ثقة لنا والأهمّ لا رهان على مجرمي الحرب، الدوليين والإقليميين، أن يتحوّلوا الى ملائكة…
صحيح أنّ انتصار حلب سيعصف بالتحالفات التقليدية، وقد ينقل البعض من محطة الى محطة أخرى، لكن ما ينبغي أن نضعه بالحسبان جيداً هو أنّ ثمة فرقاً كبيراً بين ان يرضخ عدوك لك بسبب موازين القوى، فيظهر وداً مخلوطاً بطعم السم، تحضيراً لمعركة من نوع جديد، وبين أن يتغيّر الخصم او تتبدّل مواقع المتخاصمين في معادلة الحرب والسلام بناء على تغيّر وجوه ورموز ودخول قناعات جديدة الى حلبة المتصارعين…!
قد يكون اجتماع موسكو الثلاثي نصراً لموسكو وطهران فعلاً، لكنه لا يشكل أبداً تحوّلاً جوهرياً في سلوك أنقرة التي لا تزال ترزح تحت نظام بهلواني فاسد يلعب في الوقت الضائع بين إدارتين أميركيتين، ويستغلّ حاجة كلّ من موسكو وطهران له في الاقتصاد ليطيل في عمر حكومته الغارقة في تيه الأحلام الامبراطورية.
قمّة آستانة الكازاخية قد تكون أيضاً فرصة نخدم فيها الشعب السوري المظلوم من خلال تقصير أمد سفك الدماء الذي يمارس ضدّه، ولكن لن يكون ذلك قطعاً من خلال مقولة رابح – رابح الأميركية المخادعة والزائفة التي يحاول البعض الترويج لها في عالم الدبلوماسية، على حساب مقولة المقاومة أقصر طرق الدفاع عن استقلال الأوطان وحفظ سيادة البلدان ووحدة أراضيها…!
ليس أمامنا في سورية، كما في العراق، كما في اليمن والبحرين، وفي كلّ بلد يعاني من خطر الدواعش إلا بالانتصار على منهج التكفيريين وهزيمتهم ودفعهم للاستسلام وربح المعركة ضدّهم مقابل إذعانهم بالهزيمة والتسليم بأنّ اليد العليا باتت لنا نحن في محور المقاومة، وإنّ من لم يلحق بنا لم يبلغ الفتح والسلام…!
أما أن نمنح القاتل او مجرم الحرب نصف انتصار أو جائزة ترضية هنا أو هناك، فهذا ما لن تقبل به شعوبنا ولا يستسيغه عاقل…!
نحاور، نفاوض، نناقش، نجادل، ونبحث مع الصديق والخصم، لكننا لن نراهن ولن نثق بالعدو الأساس، أياً كان مظهره جمهورياً او ديمقراطياً، فالواقع والتجربة علّمتنا انّ هؤلاء لا أمان لهم، وأنهم يترجمون واقع الحال الذي يقول: كلما أتت أمة لعنت أختها…!
وهذه تجربة إيران وفي موضوع أقلّ تعقيداً من حيث وضوح جبهة المتخاصمين وأقلّ تشابكاً من حيث تداخل الملفات، وبعد كلّ الذي تمّ التهليل له والترويج له لمقولة رابح – رابح، ها هو البعض يصرّح في الصالونات الداخلية بأنه أخطأ بمنح ثقته ولو المؤقتة والمحدودة لجون كيري، صاحب الدمعة الكاذبة والمضللة والمخادعة على فيتنام…!
بعدنا طيّبين قولوا الله.