سلام: نواجه الإرهاب بكل ما أوتينا من قوة دريان: لا حماية للدين والإنسان إلا بحماية الوطن والدولة

بدعوة من رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الانتخابي تمام سلام، وفي احتفال حاشد أقيم في جامع محمد الأمين – وسط بيروت،، تمّ تنصيب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، في حضور الرئيس تمام سلام، وممثل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري النائب هاني قبيسي، والرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميل، والرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، وممثل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله وزير الصناعة حسين الحاج حسن، ورئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ممثلاً البطريـرك الماروني بشارة الراعي، إضافة إلى سفراء دول عربيـة وأجنبيـة ووزراء ونـواب حاليين وسابقين وشخصيات.

سلام

بداية تحدث رئيس الحكومة تمام سلام الذي أشار إلى أنّ عملية تنصيب مفتي الجمهورية، «تدشن عهداً جديداً في مؤسسة دار الافتاء». وقال: «إنّ الأنظار تتجه إلى دار الفتوى ومساهمتها الوازنة على المستوى الوطني، وذلك استكمالاً للدور التاريخي الذي طالما تولته في حياتنا الوطنية».

وأكد سلام أنّ الحكومة ستواصل العمل في كل اتجاه حتى إعادة العسكريين المخطوفين، مضيفاً: «نحن في الحكومة، نواجه ظاهرة الإرهاب بكل ما أوتينا. وقواتنا المسلحة من جيش وقوى أمنية تقوم بواجبها في هذا المجال، لكنّ المسؤولية الأكبر في محاربة جذور هذا الفكر التكفيري، الذي يعمل للتغلغل في صفوف الشباب المسلم، تقع في المقام الأول، على عاتق دار الفتوى وجميع المؤسسات الدينية».

وفي الشأن السياسي الداخلي، اعتبر سلام «أنّ تعطيل هذا الاستحقاق الرئيسي، الضروري لحسن سير عجلة الدولة، يلحق ضرراً بالغاً بالمسيحيين، فضلاً عن ضرره المؤكد على لبنان الذي يفقد كثيراً من معناه وجوهره، كلما تضاءل دور المسيحيين فيه وتراجع حضورهم في الحياة الوطنية». وقال: «إنني من على هذا المنبر، وفي هذه المناسبة الإسلامية، أجدد الدعوة إلى انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، المسيحي الماروني، اليوم قبل الغد». ولفت إلى أنّ «العلاقات داخل الطائفة الإسلامية، ليست في أفضل أحوالها، وليس خافياً على أحد أنّ احتدام التباينات السياسية في السنوات الماضية، فاقم النزعة المذهبية وجعل الأجواء الأمنية، للأسف، أقل مناعة تجاه الانزلاقات الأمنية المحتملة. وقد شهدنا في البقاع منذ أيام نموذجاً لذلك». وأضاف: «إننا جميعاً، مسلمين ومسيحيين، بكل مذاهبنا، في شراكة حقيقية، للحياة وللمصير، إما أن ننسجهما معاً أو لا تقوم لنا قائمة. إما أن ننهض جميعاً ومعاً، أو نسقط واحداً واحداً. فلا يمكن أي فئة أن تنجز مشروعاً خاصاً بها، وإن هي حاولت، ستخلق خراباً وتفشل».

وتابع سلام: «إنّ اللبنانيين يجب أن يكونوا على وعي كامل بأن لا كرامة لوطن يشعر بعض أبنائه بانتقاص كرامتهم، ولا أمن لوطن يشعر بعض أبنائه باختلال أمنهم، ولا قيامة لوطن يشعر بعض أبنائه بفقدان حقوقهم».

قبلان

ثم تحدث نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، الذي شكر المفتي محمد رشيد قباني «على ما أعطاه وسار عليه من تعاون معنا ومع الجميع». وقال: «إنّ دريان رجل المستقبل، وكم كنت أتمنى أن يكون السنّة والشيعة والدروز على طاولة واحدة، وكم كنت أتمنى أن يكون المسيحي والمسلم على طاولة واحدة، لأنّ لبنان بدون شقيه لا يكون لبنان، لبنان التسامح والمحبة والأخوة».

وأضاف قبلان: «ندعو ونصر على أن يكون لبنان دولة مدنية، تعطي للجميع حقوقهم».

وطالب الجميع بأن «يكونوا عقلاء ومحبين، وأن ننسى الماضي، أن ننزع السلاح من أيدي الناس، أن يكون السلاح بيد الدولة والجيش، ولن نقبل أن يظل العسكريون مخطوفين، ولنهب هبة واحدة، لنذهب إلى عرسال جميعنا وننقذ جنودنا من الإرهاب»، مطالباً بـ «الوحدة الوطنية لا بالوحدة السنية الشيعية».

حسن

ودعا شيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن، بدوره، إلى «دعم الجيش الوطني والقوى الأمنية بكل ما أوتينا من إرادة». وتوجه إلى رئيس الحكومة قائلاً: «نرفض تعجيز حكومتكم دولة الرئيس، وندعو إلى جعل الحوار الهادئ طريقاً لتذليل العقبات، وصولاً إلى تعزيز آليات النظام الديموقراطي، وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية».

مطر

وقال المطران مطر في كلمته: «إننا ندرك معكم أنّ العيش معاً يبدأ أولاً بين مكونات كل من العائلة الإسلامية والعائلة المسيحية اللتين تتآكلهما انقسامات حادة في الداخل على المستوى السياسي، ويقع ضحيتها لبنان وشعبه ومؤسساته الدستورية. ثم يتمكن هذا العيش المشترك من أن يتحقق على الصعيد الوطني بين المسلمين والمسيحيين. وعندئذ ينهض لبنان من كبوته التي تشوه هويته، وتعطل دوره، وتعود تنجلي ميزة لبنان، وتتواصل رسالته في عالمنا العربي المشرقي، وعلى ضفة المتوسط الشرقية، كرائد نهضة، وواحة تلاقٍ وحوار بين الديانات والثقافات، وكعنصر فاعل لاحلال العدالة والسلام، ونصرة الحق».

ممثل العاهل السعودي

أما ممثل العاهل السعودي سليمان بن عبدالله بن أبي الخير، فقال: «إننا كعلماء وطلبة علم ومؤسسات شرعية في المملكة العربية السعودية نضع أيدينا بأيديكم ونشد من أزركم وسنتعاون معكم تعاوناً بإذن الله تعالى سيحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويجعل هذا الدين نبراساً يضيء للعالمين الطريق ويهديهم إلى سواء السبيل».

مفتي الديار المصرية

وأشار مفتي الديار المصرية الشيخ شوقي علام إلى «أننا في عالمنا العربي والإسلامي بل والإنساني نواجه أخطاراً محدقة وتحديات جمة تكاد تعصف بالأخضر واليابس، ومن واجبنا اليوم وواجب الأمة التصدي لهذه الأخطار بكل الوسائل الثقافية والفكرية والفقهية، وهي مسؤولية وطنية، لأنّ هذا الخطر لا يطاول مذهباً بعينه أو فئة من المسلمين أو منطقة بعينها، إنما يطاول كل المسلمين والمسيحيين، بل والناس جميعاً». ورأى أنّ «مواجهة هذا الفكر وكشف زيفه وانحرافه هو من واجب الأمة على امتداد العالم الإسلامي، وإننا نكاد نجزم بأنه قد يصل إلى حدّ استحالة القضاء على التطرف والغلو والتكفير دون تفعيل دور المؤسسة الدينية، وذلك بغية تربية الناس على الفكر المعتدل الوسطي وتنشئتهم على روح الإسلام المرتبط بالأصل والمتصل بالعصر».

دريان

وفي الختام تحدث مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، مشيراً إلى أنّ مناسبة تنصيب مفتي الجمهورية «تستدعي الاهتمام، لما لدار الفتوى «من دور وطني وعربي وإسلامي»، مشيراً إلى أنّ «الظروف التي تمر بها منطقتنا، ويمر بها ديننا، وتمر بها بلادنا، وتمر بها أمتنا، هذه الظروف كلها تستدعي اجتماعاً، وتستدعي موقفاً، وتستدعي نضالاً ترتفع فيه كلمة الحق والخير والاعتدال في وجه التطرف، وسيول الدم والخراب والدمار والتهجير». وتطرق دريان في كلمته إلى الوضع الداخلي اللبناني، وسأل: «ماذا تسمون حالتنا نحن في لبنان، إن لم تكن قد بلغت حدود الجريمة الأخلاقية»؟ وأسف لأنّ «المجلس النيابي اللبناني لم يتمكن حتى الآن من الالتئام في جلسة مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، مع أنّ هذا المجلس قد تحول إلى هيئة انتخابية وأصبح انتخاب الرئيس الجديد الذي هو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي هو واجبه الأول». وقال: «لا تستطيع حكومتنا الاتفاق على طريقة أو نهج لإخراج جنودنا من احتجاز المسلحين الذين يبلغ بهم الإجرام أن يذبحوا بعض الجنود المحتجزين كأنما هم نعاج، تاركين أمهات وزوجات ثكالى، وجماعات مبتلاة بالغضب واليأس والأسى والخطأ والانتقام، ولماذا كل هذا؟ لأنه لم يجر الاتفاق على طريقة لحماية حدود الوطن وإعادة الاعتبار للدولة ودورها وسلطتها وهيبتها وعدالتها، وإعادة الاعتبار للإنسان في لبنان».

وأضاف دريان: «إنّ علينا اليوم وغداً أن نصون ديننا، ونصون إنساننا، برفض الفتنة والاستعلاء على المحنة، ولا حماية للدين والإنسان اليوم إلا بحماية الوطن والدولة. نعم، ورغم المرارات والاستنزافات، يبقى حب الوطن وتصبح حمايته من الإيمان، ولن نسمح لأحد أن يخطف منا ديننا أو وطننا أو سلامة إنساننا وأمنه واطمئنانه».

وأعلن دريان «التمسك بالعيش المشترك الإسلامي – المسيحي، وباتفاق الطائف، والالتزام بنهج السلم والسلامة والإسلام الكفيل بحماية الإنسان والأديان والأوطان».

كما أعلن «الاتفاق التام مع وثيقة الأزهر الشريف الصادرة بتاريخ 8 كانون الثاني عام 2012 والمسماة منظومة الحريات الأساسية الأربع: حرية العقيدة والعبادة، وحرية الرأي والتعبير، وحرية البحث العلمي، وحرية الإبداع الفني والأدبي».

وأكد دريان أنّ دار الفتوى «ستبقى عاملة من أجل السلم الأهلي والوطني، ومن أجل خير لبنان وشعبه».

وبعد انتهاء الحفل، توجه رئيس الحكومة تمام سلام والمفتي دريان سوياً من جامع محمد الأمين إلى دار الفتوى، وكان في استقبالهما حشود وجماهير من مختلف المناطق اللبنانية.

وسيتم عند التاسعة من صباح اليوم حفل التسلم وتسليم بين المفتي دريان والمفتي محمد رشيد قباني في دار الفتوى. وعند العاشرة، سيستقبل المفتي دريان، مفتي الديار المصرية الشيخ شوقي علام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى