ثلاثون فنّاناً يحتفون بأثر عماد لاذقاني الخلّاق
كتبت رنا رفعت من اللاذقية سانا : تقيم جمعية «ارسم حلمي» الفنية معرضاً تكريمياً للفنان الراحل عماد لاذقاني لمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله، ويشارك في المعرض الذي يستضيفه مقهى «هيشون» في اللاذقية ثلاثون فناناً وفنانة من عدة محافظات سورية، وتتنوع الأعمال المعروضة بين التصوير والنحت والرسم على القماش وتتفاوت في مستوى المضمون والأسلوب والتقنية لتشكّل في مجملها بانوراما تشكيلية لافتة تعكس ثراء المشهد الفني من ناحية وعمق التقدير الذي يكنه هؤلاء المبدعون من ناحية أخرى للفنان الراحل الذي يعتبر أحد أهم الخزافين في سورية.
توضح رئيسة الجمعية الفنانة هيام سلمان «أن هذه الاحتفالية هي شكل من أشكال التقدير لأحد الفنانين البارزين في الخريطة التشكيلية السورية نظراً إلى خصوصيته الإبداعية التي أفرزت عشرات الأعمال المهمة، بالإضافة إلى ما تميز به من مكانة أكاديمية كمدرس في كليتي العمارة والفنون الجميلة في جامعة تشرين، ما دفعنا إلى توجيه دعوة مفتوحة لجميع الفنانين الراغبين في المشاركة، فكانت استجابة واسعة وسريعة صاغت هذا التنوع الجميل في المعرض. ولطالما كان الفنان الراحل علماً من أعلام الفن في المشهد السوري ومصدر ثراء إبداعي بالنسبة إلينا في جمعية ارسم حلمي لكونه رئيساً للجنة تحكيم معرضنا السنوي الدوري، فكان له الفضل في تقويم اعمال المنتسبين إلى الجمعية ونقدها على نحو بناء وفاعل ترك أثراً عميقاً في الشخصية الإبداعية لكل منهم من خلال بصمة خاصة طبعت أسلوب فنانينا الشبّان». وحول مشاركتها الخاصة، تقول إنها شاركت بعمل فني عبارة عن رسم على القماش استخدمت فيه قصاصات قماشية جمعتها من الخياطين، وهذا الاتجاه تعمل عليه في مشروعها الفني إذ تنفذ بداية التشكيل المطلوب على قطعة من القماش السادة الذي تخفيه جزئياً لاحقاً أو كلياً، تبعاً لضرورات الفكرة. أما موضوع العمل فيحمل في طياته الكثير من الفرح والحيوية تماشياً مع ما تميز به الفنان الراحل من حبّ للفرح والحياة.
من ناحيته، اعتبر النحات ماهر علاء الدين أن مشاركته في المعرض هي نتيجة حتمية لعلاقة إنسانية وفنية ربطته بالفنان الراحل على مدى عشرين عاماً وتعلم منه الفنانون كثيراً بعدما أثبت جدارته الإبداعية في حقل الاشتغال بالخزف خاصة، وأنه أحدث نقلة نوعية في هذا الميدان عندما حوّل الخزف من كتلة إلى لوحة جدارية فكان أسلوباً جديداً وسع آفاق العمل الخزفي ومنحه أبعاداً جديدة.
أما الفنانة ليلى نصير فعبّرت عن الخسارة الكبيرة التي أحدثها غياب مبدع بحجم الفنان لاذقاني الذي كان له فضل كبير في بناء جيل من الفنانين الجدد في المحافظة، خاصة أنه كان خلاقاً ومحباً للفن والفنانين، واتسم بقدرة نادرة على البذل والعطاء وتقديم الإرشاد والتدريب لكثير من الهواة والراغبين في السير على هذه الدرب.
كذلك يتضمن المعرض عملين للفنانة عناية البخاري وصفت كلاً منهما بأنه عبارة عن طباعة شاشة حريرية كوسيلة خاصة لتقديم العمل الفني الذي تريده، إذ تستخدم الشاشة كختم أو كوحدة بناء لعملها التصويري، وتقنية الطباعة لنقل تصوراتها الفنية عن الطبيعة التي تبسّط رموزها وألوانها للولوج إلى الجوهر، في إطار من البحث والتجريب والاكتشاف الذي عملت عليه لسنوات طويلة.
من ناحيته يقول الفنان رامي صابور: «شاركت في المعرض لأوجّه تحية كبيرة إلى فنان مهم فقدناه قدم شخوصه الفنية بطريقة خاصة، مركزاً في كل منها على الإنسان في مختلف حالاته، ما جعل من الشفافية سمة خاصة ملتصقة بأعماله، الى جانب ما يبرز فيها من تأثر واضح بالبيئة الساحلية التي يعيش فيها، ليثبت مرة أخرى أن الفنان هو ابن بار لبيئته ومحيطه الذي يسكن فيه. شاركت بعمل واحد يتناول الواقع الذي عشناه في السنوات الأخيرة والصخرة التي تعترض طريقنا ولا بد من ازاحتها لنكمل حياتنا. استخدمت فيها اللون الأحمر لأجسد الفكرة التي أريد، إلى جانب مساحات خضراء توحي في الأمل والسلام والخير رغم حجم الدم والدمار حولنا. ويمكن القول إنه عمل حداثي يحمل آفاقاً مفتوحة وأملاً متجدداً والكثير من التفاؤل بالمستقبل».