«حبيبي مش قاسمين»… تحليق في ضلع الحياة

أحلام عواد

وقفت رلى حماده ـ الكاتبة، بالمرصاد، في وجه الواقع المزيّف والمتشرذم. رسمت إنساناً محطّماً، يبحث عن برّ ا مان، يعيش متخبّطاً في كون من الانهيارات والمنحدرات، لكنه يتمسّك بالرمق، يحاول المضيّ قدماً، متجاهلاً، متسامحاً، يستمدّ الخلاص من الحلم، يقنع نفسه بأنّ الدنيا بألف خير… ولكن لِم؟ ن المجتمع يقولبه، ويكبّله في الصمت. لكنّ حماده ـ الكاتبة، تتوخّى إعادة ترميم ما تحطّم، في الإنسان، والحبّ، والزواج، والوطن والعروبة. تهدف، في تداعياتها العفوية، إلى إفراغ كلّ ما علق من مآسٍ في ذكريات التاريخ، لا عودة منها إلى ماضٍ مؤلم، طبع بدوره إنسان الحاضر، ورماه في فضاء من الصراعات والحقد والضياع. بل، أوّلاً، رغبةً منها في انتشاله من الاستمرار في الغرق في مستنقعات الانكسار. وثانياً، أعلنت بذلك، إنذارات وتنبيهات إلى أنّ الحوار والعطف يطغيان على الثأر، ويطلقان إنساناً حرّاً متجدّداً.

أليست «حبيبي مش قاسمين» إذاً، درساً في ا خلاق؟ ألم تكشف أمثولات في محاولة فهم ا خر، وا صغاء، وحُسن المعاملة والتضحية والشرف؟

ألم ترفض الكاتبة، الخسارات اللامتناهية، والموت البطيء، والحبّ المنقوص والمشلول؟

ألم تسلّط الضوء على سطوة العقائد والمفاهيم الاجتماعية البالية على الذهن والسلوك؟

ألم تصوّر آلام النفس البشرية، في غَلَبة الوهم على أحكامها، ما ينتج قراءة مغلوطة ومشوّشة، للآخر والذات؟

ألم تومئ إلى شخصيات تحاول تطهير ذاكرتها، من خلال جعل الحلم يوازي العودة إلى الواقع، ومن خلال دفن ا حلام؟

ألا تعلن خذلها بواقع، يعيش الإنسان فيه بانعزالية وانفرادية مطلقة؟

مزجت حماده ما بين الفكاهة والمأساة، بانسيابية لا مثيل لها، لتضرب الحديد على نار حامية، علّها تعالج قضايا من صميم واقعنا، سبق أن أدمت قلوب الكثيرين، فاعتمدت على الجرأة واللين على حدّ سواء، لتهدم ثمّ تبني. فهي بوضعها النقاط على الحروف، طاولت الفكر والوعي، بغية رفع مستوى الحسّ الشرقي وحثّه على الارتقاء.

صوّبت حماده عملها إذاً، ليخدم الإنسان بشكل عام، ليصالح ا زمنة، ليرفض الخنوع ويعلن الثورة.

أليست «حبيبي مش قاسمين» محاكاة للواقع، في سبيل تغييره، ثمّ خلق عالم مثاليّ يتوّجه الحبّ والتفاهم؟

«حبيبي مش قاسمين»، مسرحية كوميدية من واقع الحياة، كتبتها رلى حماده، وتولّى إخراجها موريس معلوف، فيما شاركها البطولة النجم عمّار شلق، وعُرضت على خشبة مسرح مونو بين 22 أيلول و16 تشرين الأوّل الماضي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى