الخفايا والأبعاد… موقعة حلب أكثر من انتصار

جمال رابعة

انتصارنا في معركة حلب أمّ المعارك ، ليس عسكرياً فقط للجيش العربي السوري والقوات الصديقة والرديفة، بل هو انتصار سياسي بامتياز لجهة القرار الروسي بالحسم العسكري السريع خارج المعادلات الإقليمية والدولية، طالما انتظرناه وتوقّعناه.

معركة حلب، وما تمثّله هذه المعركة بنتائجها السياسية والاجتماعية والاستراتيجية. ومحاولة منهم التأثير والتشويش على نتائج معركة حلب، كانت هناك غرفة عمليات مشتركة تتزعّمها واشنطن خلصت لتحضير هجوم تركي والدخول إلى الباب.

وتمّ تجميد ما يُسمّى عمليات التحالف في الرقة، وإطلاق ما يسمّى التحضير مع قوات قسد والتحالف للهجوم على الرقة وتجميد العمليات في الموصل في محاولة منهم لتحقيق الهدف المرسوم بالهجوم على تدمر بقوات وأعداد كبيرة من الإرهابيين التكفيريين المجهّزين بأحدث الأسلحة والعتاد، أُعطيت الأوامر من غرفة العمليات في وقت انشغال العديد والعدد من قوات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة بمعارك حلب الشرقية لفرض شروط سياسية وعسكرية ميدانيّة لجهة المفاوضات والحوار، وإجبار الدولة السورية بمجرد الدخول بمفاوضات قادمة تمهيداً لخروج هذه المجاميع من العصابات التكفيرية إلى الأردن والسعودية، بعد أن تمّ تأمين قادة هذه المجاميع الإرهابيّة في الداخل التركي، وتأمين الحماية والبقيّة من قادة هؤلاء الإرهابيّين على الحدود السورية التركية، ورفضهم دخول البقيّة الباقية من هذه المجاميع. فالخيار الوحيد إمّا قتلهم، أو خروجهم إلى الأردن أو السعودية. بدأت تظهر بوادر ونتائج ماخُطّط لهؤلاء الإرهابيين التكفيريين في جرائمهم وإرهابهم في الكرك الأردنية، تمهيداً لتنفيذ أحد برامج المشروع الأميركي بعد أن فشل هذا المشروع في العديد من المراحل، وأُصيب في مقتل بسورية بفضل صمود الشعب والجيش العربي السوري والقيادة السياسية ودعم الأصدقاء والأشقّاء، بدءاً من التقسيم إلى استنزاف الدولة السورية مع إطالة أمد الصراع الميداني والعسكري، وإبقاء فتيل النار مشتعلة، مع اعتقادي بأنّ الهدف هو إشعال وانتقال هذه المجاميع الإرهابية إلى الأردن والسعودية، بدليل التصريحات التي صدرت عن قادة هذه المجاميع بإمكانية إنشاء دولتهم على أنقاض بني سعود، وانتقال هذا المشروع لجهة إشعال فتيل الحرب هناك بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبين هذه المجاميع الإرهابية، وقودها التسعير الطائفي والمذهبي وصولاً إلى تهديد كلّ المنشآت النفطية في منطقة الخليج. وهذا باعتقادي يتوافق مع السياسة الجديدة لترامب، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع في أسعار النفط لأرقام غير مسبوقة، وتتجاوز التوقّعات، بعدما تمّت سرقة نفط العراق واستنزاف نفط الخليج بأبخس الأسعار وتخزينها في آبار داخل الولايات المتحدة الأميركية واستثمار النفط الصخري، تستطيع من خلاله الإدارة الأميركة فرض حصار اقتصادي على الصين وجنوب شرقي آسيا والهند واليابان، وتعطيل برامج التنمية التي تحقّق نموّاً كبيراً في تلك الدول، إضافة إلى ذلك يحقّق حصاراً اقتصاديّاً لأوروبا، وستقع تحت رحمة هذا المشروع الكبير. من هنا، تبيّن لنا العودة إلى السؤال المهم، وهو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأسبابه: التصريحات المتكررة، وخطة عمل دونالد ترامب لجهة التوجهات السياسية والاقتصادية، والتصريحات المتبادلة حول الصين، وتصريحات حول إمكانية إلغاء اتفاقية الملف النووي الإيراني، وتصريحاته حول السعودية ومطالبتها بفواتير لتأمين الحماية اللازمة لعرشها المتهالك، المعضلة الأساسية والعقبة الكعداء في تحقيق هذا المشروع هو في آلية حماية هذا الكيان الغاصب لفلسطين، وما يمكن أن يكون مستقبله في ظلّ هذه التطوّرات العسكرية والسياسية في حال هذا الصِّدام والحرب، وبالعودة لأسباب واستهدافات هذه الحرب على سورية وتقسيمها على أساس عرقي وطائفي، وصولاً للقضاء على حزب الله وقوّته العسكرية، الضامن إقليمياً ووطنياً وما يشكّله من قوة رئيسية ضاغطة ومهدّدة لوجود الكيان «الإسرائيلي» المصطنع.

من هنا أهمية انتصار معركة حلب، فهي رسم للوقائع الاستراتيجية السياسية والميدانية على كلّ الأرض السورية، وتتخطّى بنتائجها الجغرافيا السورية.

باعتقادي، إنّ هذا المخطط لو قُدّر له النجاح، لتمّ تنفيذه في عهد ترامب كما هو مخطّط، حيث إنّ في السياسة الخارجية الأميركية، إن كانت في عهد جمهوريّين أو ديمقراطيين، فهي ثابتة. كلّ مرحلة تستكمل المرحلة التي سبقتها، وصولاً إلى تحقيق ما تمّ تخطيطه من خلال هذه الإدارة بما يخدم مصالحها الاقتصادية مسخّرة السياسة بقوّة العسكرة.

في هذا السِّياق، وتجنّباً لتداعيات ما يخطَّط له في المنطقة وحفاظاً على استقرارها، كان اجتماع الثلاثية، روسيا إيران تركيا، لوزراء الخارجية والدفاع في موسكو، الذي يفرمل الهيجان الأميركي في ما يصبو إليه واهماً.

من خلال ما تقدّم، يمكن القول إنّ الانتصار في حلب، إضافةً إلى خوف وحرص قوى العدوان على سورية وفي مقدّمتها الولايات المتحدة على أمن الكيان الصهيوني، ولا سيّما جزئية المخزون الصاروخي لدى حزب الله، حيث هدّد سماحة السيد حسن نصرالله باستهداف مستودعات الأمونيا في الكيان الصهيوني، ما يشكّل قنبلة نووية، كلّ ذلك فرمل التوجّهات الأميركية وغابت معها ودثرت كلّ غايات وأهداف المشروع الأميركي في المنطقة.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى