وقف نار يستثني النصرة وداعش ومَن معهما… بلا واشنطن والرياض حزب الله: نحن نقرّر موعد خروجنا من سورية… وحوار «القوات» وارد

كتب المحرّر السياسي

الإعلان عن وقف النار في سورية واستثناء جبهة النصرة ومَن معها وتنظيم داعش من أحكامه، وبدء تطبيق أحكامه منتصف ليل أمس، شكل أولى الثمرات العاجلة لنصر الجيش السوري وحلفائه في حلب، كتطور طبيعي للحسابات التركية الناجمة عن قراءة أهم وأقوى الاختبارات للخيار العسكري تحت شعار إسقاط النظام والسعي لإسقاط الرئيس السوري، وبعدما توفرت لهذا الاختبار كل الأسباب التي يمكن حشدها للفوز به، وكانت النتيجة الفشل، والاضطرار للتدخل مع موسكو وطهران لتأمين مخرج آمن للجماعات المسلحة التي تعمل تحت العباءة التركية، من دون المرور بالقيادة الرسمية للمعارضة ومن دون المرور بكل من واشنطن والرياض، كحليفين رئيسيين لتركيا بالحرب.

معادلة تركيا والجماعات التي تعمل تحت رايتها، هي أن هزيمة حلب ستتكرّر إذا بقي الخيار العسكري هو المعتمد، فما توفر لحرب حلب عسكرياً وسياسياً لن يتوفر لسواها، والعناد هنا انتحار. وخلال شهر من المفاوضات نجحت أنقرة بجلب الكتلة الرئيسية من الجماعات المسلحة إلى التوقيع على الاتفاق الذي ينص على وقف للنار تتوّجه مفاوضات سياسية بلا شروط مسبقة في أستانة خلال شهر، عنوانه التفاوض لبلوغ حلّ سياسي والاحتكام في كلّ خلاف لصناديق الاقتراع وفقاً لنص القرار الأممي 2254، ومعلوم سلفاً مضمون هذه الصيغة ونهاياتها، مهما تعالت الأصوات وارتفع الصراخ عن المواقف المتشدّدة حول الرئاسة السورية في زمن تسويق الاتفاق، فهو لا يتعدّى تغطية الانخراط في تفاهم يعرف أصحابه استحالة أن يشكل معبراً لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه وهم ينجزون الانتصارات العسكرية، فكيف وهم يأتونه مهزومين.

مثل حديث الفصائل المسلحة عن الرئاسة السورية الحديث التركي عن انسحاب حزب الله من سورية، بحث عن شعارات وتعويض إعلامي لخطة الهزيمة، فما عجزت عنه تركيا والسعودية و«إسرائيل» ومعهم أميركا بالقوة، لن يتحقق بالصراخ الإعلامي، وحزب الله على ضفة المنتصرين، ووجوده في سورية كما كان الردّ من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو، تشرّعه تفاهمات الحزب مع الدولة السورية الشرعية.

ردّ حزب الله على الكلام التركي أثناء زيارة وفده برئاسة رئيس مجلسه السياسي السيد إبراهيم أمين السيد للتهنئة بالأعياد في بكركي، مؤكداً أنّ حزب الله يقرّر متى يغادر سورية، وهو باقٍ هناك حتى هزيمة مشروع الإرهاب وقواه، بينما كان الكلام اللافت هو ما قاله رئيس المجلس السياسي للحزب عن العلاقة بحزب القوات اللبنانية رداً على سؤال حول فرص الحوار بينهما بعدم استبعاد ذلك بقوله «إنّ الظروف في لبنان ستفرض نوعاً من التواصل ونأمل أن يصل الى مدى سياسي معيّن ونحن منفتحون على هذا الموضوع».

بعد أن أنجزت القوى السياسية الحلقة الأخيرة من التسوية بمنح أولى حكومات العهد ثقة المجلس النيابي، دخلت البلاد فرصة عيد رأس السنة ليطوي العام الحالي مرحلة فراغ سياسي دامت عامين ونصف العام ويفتح العام المقبل مرحلة سياسية جديدة باتت محط آمال اللبنانيين الذين عانوا ثقل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وشلل المؤسسات الدستورية وتداعيات الحرب السورية.

فماذا يخبئ العام 2017؟ سؤال يجرّ خلفه الكثير من الأسئلة يرددها كل مواطن رغم موجة التفاؤل والثقة التي يجمع عليها السياسيون حيال العهد الجديد وحكومته الأولى، هل ستنفذ حكومة الوفاق الوطني بنود بيانها الوزاري أم سيبقى حبراً على ورق؟ ماذا عن قانون الانتخاب الضائع بين القوانين المختلطة والنسبية ومراسيم النفط المجمّدة في مجلس الوزراء والموازنة المنسية منذ العام 2005؟ وهل ستتمكن من النفاذ الى إمبراطورية الفساد المحصّنة ومواجهة الفاسدين؟ وهل ستجد الحلول للائحة الأزمات التي لا يتسع المجال لذكرها؟ وكيف ستتعامل حكومة الحريري مع خطر الإرهاب الداهم على الحدود الشرقية وخلفها وأزمة النزوح السوري؟

الحريري: سندعم الأجهزة الأمنية

رئيس الحكومة سعد الحريري الذي بدأ أمس، ممارسة صلاحياته ومزاولة نشاطه في السراي الحكومي كرئيس لحكومة أصيلة دستورياً وميثاقية نالت ثقة شبه الإجماع السياسي والطائفي، بدأ العمل رغم عطلة الأعياد التسويق لعنوان «استعادة الثقة» الذي وضعه لحكومته بين أوساطه الحزبية والشعبية أولاً كمقدمة لاستعادتها لدى عموم اللبنانيين ثانياً. وأشار الحريري الى أن «الحكومة ستباشر على الفور بدراسة المشاريع الحيوية وحل المشاكل التي يعاني منها المواطنون في كل لبنان، وفي مقدّمها أزمة الكهرباء والمياه وأزمات السير وملف النقل العام وغيره». وأضاف خلال استقباله حشداً من ممثلي عائلات وشخصيات بيروتية جاءت لتهنئته بتأليف الحكومة ونيلها الثقة: «نحن السياسيين يجب أن نضحّي من أجل البلد، حتى ولو بالسياسة، فالاستقرار هو الأساس ويجب ألا نوقف البلد من أجل الخلافات السياسية القائمة بين الأفرقاء ولا نضع العصي في الدواليب، لأنه تبين أن الخلافات السياسية الجذرية ليست طائفية ولا مذهبية بل سياسية بحتة».

وخلال استقباله مساء أمس في السراي الحكومي على التوالي وزير الدفاع يعقوب الصراف وقادة الأجهزة الأمنية، أثنى الحريري على دور الجيش والقوى الأمنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد وعلى الجهود المبذولة لمكافحة آفة الإرهاب، وقال: «إن الحكومة لن تألو جهداً في سبيل توفير كل مقومات الدعم للجيش والقوى الأمنية لتتمكّن من الاستمرار في القيام بمهماتها في الحفاظ على أمن الوطن والمواطن».

وفي تعليق ساخر على جلسات الثقة في المجلس النيابي، غرّد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على تويتر قائلاً: «وفي ساحة الفناء في مراكش أكد لنا ساحر معروف أن اللقاء الديموقراطي أعطى الثقة بالإجماع». وأرفق تغريدته بصورة له ولزوجته نورا جنبلاط مع عرّاف».

وبحسب ما علمت «البناء» فإن جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل ستبدأ فوراً بمناقشة الملفات الحياتية والمعيشية لإيجاد الحلول لا سيما أزمة النفايات والكهرباء وغيرهما وبالتالي ستثبت لكل اللبنانيين أنها ستكون حكومة منتجة منذ الجلسة الأولى بعد نيلها ثقة المجلس وستكسب ثقة الشعب بالعمل، وأنها ستولي مطالب المواطنين أهمية كبيرة ولن تمنعها مهمة إقرار قانون انتخاب أو إجراء الانتخابات من تلبية هذه المطالب. كما علمت أن جدول أعمال الجلسة التي ستُعقد في بعبدا لم ينته فريق الرئيس الحريري من وضعه على أن يُعرض على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فور الانتهاء من إدراج كل البنود.

حزب الله في بكركي

ومن بكركي أطلق حزب الله سلسلة مواقف في الوضعين المحلي والإقليمي، كان أبرزها إعلانه أنه باقٍ في سورية لمواجهة المشروع الإرهابي الذي يعيش في مراحل الهزيمة، ولن يخرج حتى هزيمته بالكامل، وخلال زيارة قام بها وفد من الحزب برئاسة رئيس المجلس السياسي السيد إبراهيم أمين السيد لتهنئة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعيدَي الميلاد ورأس السنة، أكد السيد بعد اللقاء أن «الزيارة كانت لتقديم التهاني لمناسبة عيد الميلاد باسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وقيادة الحزب». وأشار إلى أن «ما حصل في تحرير حلب يشكل خطوة في مسار هزيمة المشروع الإرهابي، وهذا مطلوب أن يستفيد الجميع منه لبناء الاستقرار والوحدة الوطنية والتصدّي لهذا المشروع وتداعياته».

وأشار السيد الى أنه «على المستوى الفكري والسياسي، الحلّ الأمثل للبنانيين هو النسبية الكاملة ولبنان دائرة انتخابية واحدة، ولكن نحن لسنا وحدنا وهناك قوى سياسية بعيدة عن هذا الطرح، وإذا تمسك كل طرف بفكرته وبقي بعيداً عن الآخرين يعني لا ينجز أي قانون، وما لا يُدرك كلّه، لا يُترك جلّه». وقال: «نحن منفتحون على أي صيغة قانون للانتخابات، ولكن إذا استطعنا أن نحقق بعض الخطوات للوصول الى النسبية، فهذا لمصلحة اللبنانيين، والمخرج للتمثيل العادل هو الذهاب الى النسبية».

وفي ردّه على سؤال حول دعوة تركيا كل الأجانب للخروج من سورية، قال: «نحن لسنا موجودين بقرار تركي أميركي أو سعودي إنما في إطار التعاون بيننا وبين الدولة السورية لمواجهة المشروع الإرهابي المنطلق من سورية الى المنطقة، فعندما نرى المصلحة مناسبة للخروج نخرج وليس التزاماً بقرار تركي وإلى الآن نحن في مواقعنا في سورية ونواجه هذا المشروع، وهو في مراحل الهزيمة، وسنبقى من أجل هزيمته بالكامل».

وعن حوار قريب بين «حزب الله» و«القوات اللبنانية» قال السيد: «الظروف في لبنان ستفرض نوعاً من التواصل، ونأمل أن يصل الى مدى سياسي معين ونحن منفتحون على هذا الموضوع».

وضم الوفد أعضاء المجلس محمود قماطي، مصطفى الحاج علي، محمد سعيد الخنسا، وذلك في حضور الأمير حارث شهاب والمطران سمير مظلوم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى