الخطر في تأبيد قانون الستين… أو تمرير ما شاكله
معن حمية
النظام الطائفي في لبنان، ولاّدة للأزمات والحروب الداخلية، وما من سبيل لتقويض هذا النظام الطائفي، ووضع حدّ للأزمات والحروب، إلا بقوانين عصرية تؤسّس لدولة المواطنة المدنية الديمقراطية العادلة والقوية، وهنا قانون الانتخابات نقطة الارتكاز.
إنّ عملية إصلاحية شاملة وجذرية في لبنان، لا يمكن أن تنطلق وتصل الى خواتيمها المرجوة في ظلّ ذهنية التحاصص الطائفي، وفي ظلّ شرعنة عمليات السطو التي تستلب إرادة الناس بواسطة قوانين انتخابية طائفية متخلفة، يتمّ استيلادها من رحم نظام سياسي طائفي، كما هي الحال في قانون الستين، أو ما شاكله من مشاريع قوانين لها ذات المفاعيل الكارثية.
ما حصل من توافقات وتفاهمات لبنانية، أدّت الى انتخاب رئيس للجمهورية وإلى تشكيل حكومة جامعة، وإلى قرارات بخصوص الثروة النفطية، كلّ ذلك على أهميته، لا يعني أنّ لبنان أصبح سليماً ومعافى، فهناك قضايا اجتماعية واقتصادية ومعيشية وإنمائية وبيئية ضاغطة، وهي تحتاج إلى معالجات جدية وحلول جذرية.
الثروة النفطية توفر للبنان موارد أساسية وتمكنه من مواجهة الأزمات الاقتصادية وأزمة المديونية، لكن هذه الثروة لن تحقق استقراراً اقتصادياً، طالما أنّ لبنان يفتقد إلى سياسات اقتصادية تحقق الرخاء والعدل الاجتماعي، ومهدّد بمشاريع الخصخصة التي هي من وصفات «وروشتات» صندوق النقد والبنك الدوليين.
أن تستقرّ أوضاع لبنان وتستقيم، لا بدّ من صيغة جديدة تحصن وحدة لبنان واللبنانيين، وهذه الصيغة هي قانون جديد للانتخابات النيابية، يحقق صحة التمثيل. والقانون الأمثل هو الذي يقوم على أساس الدائرة الواحدة والنسبية خارج القيد الطائفي. ولبنان بحاجة ماسة إلى مثل هذا القانون لأنه يؤسّس لقيام الدولة الحقيقة ويعزّز المواطنة ويلغي الطائفية والمذهبية والتعليب والاستئثار والمحاصصات.
الخطر كلّ الخطر، في تأبيد قانون الستين، أو في تمرير قانون للانتخابات النيابية يسدّد حاجات مصلحية لهذا الفريق الطائفي أو ذاك. ومن غير الجائز لأيّ طرف طائفي في لبنان أن يفتح على حسابه، ويضرب مصلحة البلد والناس عرض الحائط بإعلانه عدم السير في قانون جديد للانتخابات لا يرضي طرفاً طائفياً آخر.
إنّ قانون الانتخابات يجب أن يحقق صحة التمثيل لكلّ اللبنانيين، وأن يشكل مرتكزاً حقيقياً للإصلاح، وصيغة القانون هي التي تبيّن مدى الجدية في معالجة القضايا كافة، وطرح أيّ صيغة لا تحقق صحة التمثيل وعدالته، يعني أنّ كلّ الخطوات والقرارات والتوافقات والتفاهمات ناقصة ومن دون أيّ جدوى.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي