حركة أمل والتيار الوطني الحر على طريق «التطبيع»

روزانا رمّال

أكدت مصادر سياسية متابعة لـ«البناء» انّ العلاقة بين التيار الوطني الحر وحركة امل تخطو خطوات هامة نحو «التطبيع» لما فيه من انسجام مع هذا العهد. الامر الذي يبدو انّ حزب الله يشجع عليه او «يباركه» ضمن حلفائه في الصف الواحد. فمسألة الخلاف الذي كان قد ساد في مرحلة ما قبل انتخاب الرئيس أربكت حزب الله بين إرضاء الحليف و»حليف الحليف»، وهو اليوم يدرك أهمية الدخول الى مرحلة بعنوان آخر.

يضيف المصدر «تعزيز العلاقة بين التيار الوطني الحر وحركة امل أصبح اكثر من ضرورة حكومياً وسياسياً، ويبدو انّ الاتفاق على مسائل اساسية بين تعيينات وإقرار مراسيم النفط والاتفاق بين الأطراف الباقين نتيجة ملموسة لهذا التقدم، كما انّ النجاح في الوصول الى تثبيت العلاقة يذلل العراقيل التي قد تعترض الحركة السياسية في هذا العهد». ويختم المصدر: التيار الوطني الحر وحركة امل ليسا وحدهما المعنيين بالمصالحات المقبلة، فمصالحة من نوع آخر بين المردة والتيار الوطني الحر قد تتقدّم على النحو نفسه تدريجياً، واذا كان التوافق هو عنوان المرحلة السياسية الاستثنائية، فإنّ هذا يعني انّ فرص التقارب بين خصوم الأمس أصبحت أعلى من أيّ وقت مضى».

هذه المعلومات أكدتها إشارات الاجتماع اللافت الذي جمع بين المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على غداء في وزارة الخارجية، والذي شارَك فيه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي حكي أنه عمل على الوساطة منذ مدة بين «الحركة» و»التيار» من أجل طيّ صفحة التوتر والخلافات بين الطرفين. وعلم بهذا الشأن انها كانت إيجابية جداً مع اتفاق على متابعة التواصل والتنسيق.

بالنسبة للشارعين المتقابلين، والمتناحرين هو التعبير الأصحّ، وذلك منذ مرحلة الإعلان عن التقدّم في حظوظ العماد عون مقابل النائب فرنجية للوصول الى سدة الرئاسة، حيث حصد فرنجية الشارع الحركي بامتياز، فإنّ أيّ تقارب اذا تمّ سيسجل ارتياحاً يترجم على صعيد المواقف والسياسية والإعلامية بين الفريقين، خصوصاً انّ هذه المرة الاولى التي تنجح فيها حركة أمل في التناغم مع الحالة الجديدة، وهي دخول لاعب سياسي جديد على خط المشاركة في تركيب الطبخات السياسية والمخارج لملفات اقتصادية ايضاً وهو التيار الوطني الحر.

توقف اللبنانيون بمعظمهم أمام سلاسة مرور الملفات الحساسة على طاولة مجلس الوزراء في هذا العهد بالمقارنة مع الملفات العالقة نفسها في حكومة الرئيس تمام سلام، خصوصاً لجهة ملف التعيينات ومدير عام وزارة الاتصالات، إضافة الى إقرار مراسيم النفط وهو الملف الذي حاز على اهتمام شديد من الرئيس بري، خصوصاً في ما يتعلق بالحصة الموجودة في الجنوب، ولجهة إيجاد تخريجة مناسبة لتلزيمها لشركات أجنبية مقابل الخطر «الإسرائيلي» المحدق والذي يهدّد حقوق لبنان. هذا الاهتمام بالملف النفطي انسحب ايضاً على التيار الوطني الحر والرئيس عون الذي كان قد أولاه أهمية مسبقة وقد درس الوزير جبران باسيل الملف عندما كان وزيراً للطاقة. وثروة لبنان التي يحرص عليها أقطابه والمسؤولون فيه تبدو أنها كانت معلقة لحين بزوغ فجر الصفقة الرئاسية، وهنا يبدو أن وعود ما قبل الرئاسة أصبحت واقعاً ما بعد الرئاسة وكلّ من قدّم اعتماداً لضمان المرحلة وحفظ الحقوق وتقاسم الحصص ثبت مسألة ارتباط الخلافات بالحصص التي أصبحت مصنفة طائفياً ايضاً. واكثر من يشرح هذه المسألة اعتراض النائب وليد جنبلاط على ما تقدّم، معتبراً انّ المسألة هي إلغاء لطائفة الموحدين الدروز بأكملها.

وبالعودة الى المصالحة بين التيار الوطني الحر وحركة امل، يسافر معاون الرئيس بري وزير المالية علي حسن خليل لاول مرة الى خارج لبنان من ضمن وفد الرئيس عون في جولته الى السعودية وقطر، وهو الأمر الذي يبدو ايجابياً جداً. فالوزير خليل بشكل خاص سيعتاد كثيراً على التنسيق والتحاور مع الرئيس ميشال عون لدى ترؤسه جلسات مجلس الوزراء، إضافة الى ضرورة العمل مع وزراء التيار الوطني الحر وأولئك المحسوبين على رئيس الجمهورية ايضاً، وهو ما يفيد في تسيير اعمال الحكومة وفي المزيد من الإنتاجية بدلاً من التخفي وراء حساسيات من المرحلة الماضية بات التمسك فيها «بالياً» في عصر التوافق المفترض. واذا كان هناك من لا يعرف التغيّرات التي وقع فيها لبنان والحسابات الجديدة لما بعد تداعيات الازمة السورية، فانّ الرئيس نبيه بري يعرف جيداً ومن دون ادنى شك ما هوية المرحلة.

بالمحصلة، اياً يكن الفريق الذي يعمل على الدفع باتجاه هذه التفاهمات، فإنّ هذا سيعزز قوة لبنان في هذه المرحلة ويثبت هالة العهد في نفوس الأفرقاء بدون استثناء، من دون ان يعني هذا انّ «المايسترو» الذي يقود هذه اللعبة غير معروف بالنسبة للبنانيين، واذا كان هو الأكثر تأثيراً في الأزمة السورية، فهو من دون شك الفريق الأكثر نفوذاً في لبنان في هذه المرحلة ايضاً، وعلى هذا الأساس أكثر ما سيريح اللبنانيين انّ الاستقرار السياسي «المحلي» يدار بطريقة جديدة مغايرة عن مرحلة الوصايات العربية والغربية بأيادٍ ومعادلات لبنانية لبنانية، خصوصاً انّ اللقاء المقبل بين الوزيرين خليل وباسيل سيتمّ وفقاً لمصادر متابعة بضيافة اللواء عباس إبراهيم الذي تقول المصادر إنه تمّ الاتفاق بين الفريقين وبمباركة من حزب الله على توليه التنسيق وصولاً لصياغة تفاهم يطال السياسات الأبعد…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى