سلامة: نتطلع بإيجابية إلى إنشاء نظام دفع خاص بالدول العربية

أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «سعي مصرف لبنان الدؤوب إلى إقامة أفضل العلاقات مع المصارف المركزية العربية، وعلى الأخصّ البنك المركزي العراقي، لما لهذه العلاقة من أهمية في تبادل التقنيات المصرفية التي تتيح التقارب بين قطاعينا المصرفيين، ولهذا التقارب تأثير إيجابي على الاقتصاد في كلا البلدين».

وشدد سلامة خلال افتتاح ملتقى العراق المصرفي الثالث في فندق فينيسيا أمس، على أنّ «النظام المصرفي اللبناني يرتكز على تشريعات مالية مطابقة للمتطلبات الدولية وممارساتنا تتلاءم والأنظمة المتعلقة بالإدارة الرشيدة والامتثال، ما يحافظ على انخراط قطاعنا المصرفي في العولمة المالية ويصون علاقاته الجيدة مع المصارف المراسلة». ولفت إلى أنّ «النظام المصرفي اللبناني يرتكز أيضاً على التنسيق بين أجهزة التنظيم والرقابة، إذ يؤمن التبادل المفيد عبر حاكم مصرف لبنان للمعلومات المتوافرة لدى كل هيئة رقابية».

وأوضح أنّ «المشترع اللبناني وضع جميع هذه الهيئات الرقابية تحت إشراف حاكم مصرف لبنان، رغبة منه في تفادي أي أزمة تطاول النظام المصرفي في لبنان. علماً أنّ من أهم أسباب الأزمة المالية في 2008، غياب التواصل والتنسيق بين الهيئات الرقابية في كثير من الدول المتقدمة».

وقال: «يستند النظام المصرفي اللبناني إلى أنظمة دفع فاعلة ومتقدمة. ونحن نتطلع بإيجابية إلى المبادرة التي اتخذها صندوق النقد العربي لإنشاء نظام دفع خاص بالدول العربية».

وأضاف: «إنّ التغيرات التي يشهدها عالمنا تحضنا على التشدد في تطبيق المعايير الدولية وعلى الإيفاء المتواصل بالمتطلبات الدولية. وقد أكدت مجموعة «فاتفي» الغافي أنّ لبنان استوفى جميع الشروط المطلوبة منه من حيث القانون والممارسة. كما أنه واستناداً إلى منظمة الـ OECD فلبنان من بين الدول التي استوفت ما هو مطلوب منها لجهة مكافحة التهرب الضريبي. وبعدما طلبنا من صندوق النقد الدولي أن يضع دراسة حول قطاعنا المصرفي، جاءت النتائج مقبولة، وسننشر لاحقاً هذا التقرير على موقع صندوق النقد. إضافة إلى ذلك، أصدر مصرف لبنان تعاميم لإنشاء دائرة امتثال لدى كلّ المصارف، حتى لدى مصرف لبنان، ما يجعل من المنظومة المصرفية اللبنانية منظومة حديثة وقابلة للتعاطي دوليا مع المصارف الأجنبية لأنّ لديها الالية للتأكد من شرعية الأموال التي تمر عبر المصارف اللبنانية».

ولفت إلى أنّ «أصول المصارف اللبنانية العاملة خارج لبنان تقدر بـ38 مليار دولار أميركي منها رؤوس أموال تقدر بأربعة مليارات دولار»، معلناً «مواصلة مصرف لبنان مواكبة الانتشار المصرفي خارجياً، واضعاً ضوابط بحيث يكون لهذه المصارف الراغبة في العمل خارج لبنان جدوى إيجابية بعد أن تأخذ في الاعتبار تطبيق النموذج المصرفي اللبناني في أعمالها في الخارج. وقد صدر تعميم من مصرف لبنان في هذا الخصوص، وأن تمول انتشارها من إمكاناتها الخاصة بإصدار أدوات تصدرها بالعملات الأجنبية، وسيصدر قريباً تعميم لهذه الغاية».

محافظ «المركزي العراقي»

بدوره، نوه محافظ البنك المركزي العراقي د. علي العلاق بـ«المصارف اللبنانية التي كانت سباقة في الدخول إلى السوق العراقية على رغم البيئة المليئة بالتحديات وقد مكنتها ثقتها بإمكاناتها من الصمود والاستمرار والنمو»، متمنيا «استمرار تفاعلها مع المصارف العراقية لمساعدتها على تطويرها».

وتحدث عن «البنك المركزي العراقي والدور الذي أداه في ترميم الوضع المالي والاقتصادي في العراق وسد الخلل الحاصل في الميزانية والعجز المترتب عنها نتيجة تراجع أسعار النفط الرافد الحيوي للاقتصاد والذي وصلت نسبته إلى 75 في المئة».

وقال: «قدم البنك في هذا السياق نحو 23 تريليون دينار عراقي لدعم السيولة والخزينة وكان لذلك أثر مباشر في إيقاف حالة التداعي الخطيرة التي كان من الممكن أن تعصف بالبلاد».

وأضاف: «إن البنك المركزي العراقي قام كذلك بتحفيز النشاط الاقتصادي عبر إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بقيمة ناهزت 6 تريليون دينار، ويعد حجم هذه القروض من الأكبر في تاريخ البنك المركزي».

طربيه

وشدّد رئيس جمعية المصارف د. جوزيف طربيه على «التعاون المالي العربي الذي هو في الأصل رافد حيوي من روافد منظومة العمل العربي المشترك. والقطاع المصرفي اللبناني كان دوماً ويستمر مؤمناً بأولوية الشراكات العربية على المستويين الثنائي والجماعي. وحداتنا المصرفية تزخر بالمساهمات والرساميل العربية، ولنا في أغلب الأسواق القريبة والخارجية حضور مباشر من خلال وحدات وفروع تابعة في 33 بلداً عربياً وأجنبياً، ومن خلال شبكات علاقات تاريخية ومتجددة مع أصحاب الأعمال والمستثمرين، ومع الجاليات اللبنانية المنتشرة عملا واغترابا في البلدان الشقيقة والصديقة».

وأضاف «إنه قدرنا مبكراً بأنّ العولمة المالية ليست ترفاً ولا خياراً انتقائياً. ولذا ينخرط قطاعنا، كجمعية مهنية وكوحدات ناشطة، في ورشات مهنية تواصلية لمواكبة القوانين الدولية والسيادية في مكافحة الأموال غير المشروعة وسد منافذ الجرائم المالية والضريبية، جنباً إلى جنب المهمة الأساسية المتمثلة باعتماد ومحاكاة أحدث التطورات البنيوية والتكنولوجية والقانونية والرقابية والمحاسبية في عالم الصناعة المصرفية والتحاويل المالية عبر الحدود».

وتابع: «هذا مسار استراتيجي نوظف له الخبرات والجهود المضنية والمكلفة، يعززه ويضيف إليه التزام مصارفنا بمنظومة قانونية واجرائية ورقابية تكميلية ومتكاملة تديرها السلطة النقدية بكل مكوناتها بقيادة سعادة الحاكم رياض سلامة. هذا خيارنا وهذه رؤيتنا واستراتجيتنا المعتمدة في تحصين وحداتنا المصرفية، وتأمين سلامة عملياتها في الأسواق الداخلية والخارجية، وحفظ وتعزيز شبكة علاقاتها مع السلطات النقدية والمالية الخارجية والبنوك المراسلة».

ولفت إلى «أنّ المصارف اللبنانية تملك كجمعية مهنية وكادارات وكوادر تتولى مسؤولية وحدات ناشطة داخل لبنان وخارجه، رصيداً مشهوداً له بالنجاح والتألق في إدارة الأعمال والأنشطة المصرفية في مراحل الشدة والتأزم كما في مراحل النهوض والنمو. كما أنّ قطاعاتنا المصرفية بالإجمال محكومة وملزمة ولها كامل المصلحة في مواكبة وتنفيذ القواعد الدولية للامتثال وتجفيف القنوات المالية لتمويل الإرهاب ومكافحة تبييض الأموال والإسهام الجاد في منع التهرب الضريبي وسد منافذ أموال الفساد».

الحنظل

ولفت رئيس رابطة المصارف الخاصة في العراق وديع الحنظل إلى «أنّ القطاع المصرفي العراقي تأثر بشكل مباشر بالأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها العراق بسبب الهبوط في أسعار النفط العالمية والحرب على الإرهاب والركود الاقتصادي في المنطقة والعالم، ولكن بالرغم من ذلك تمكنت المصارف وباشراف مباشر وتعاون مثمر مع البنك المركزي العراقي من تشخيص التحديات التي تواجه المصارف وتحديد الوسائل الاقتصادية لتجاوزها وتوفير فرص جديدة لكي يستمر القطاع المصرفي العراقي في المساهمة في مواجهة تحديات ومخاطر الامتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتطبيق المعايير والأنظمة والقوانين الدولية والتي يتوجب عليها التزام القواعد الواردة فيها وتطبيقها ومن أبرز هذه المخاطر هي مخاطر السمعة وتأثيراتها على العلاقات المصرفية مع البنوك العربية والأجنبية المراسلة. وكذلك تطوير الهياكل التنظيمية والبنيوية للقطاع المصرفي، وتدريب الموارد البشرية المصرفية وتأهيلها بحيث بذلت الرابطة جهوداً واضحة في عام 2016 وتمكنت من تدريب أكثر من 200 موظف وضمن خطتها لعام 2017 استهداف تدريب 450 موظفاً في كل اختصاصات العمل المصرفي».

أبو زكي

ونوّه رئيس مجموعة «الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي بـ«واقع القطاع المصرفي اللبناني المؤهل لإقامة شراكة بناءة مع القطاع المصرفي العراقي»، وقال: «كان لبنان سباقاً في دخول السوق المصرفية العراقية بعد انفتاحها أمام القطاع الخاص. ففي أقلّ من عقد، بات في العراق 10 مصارف لبنانية تعمل من خلال نحو 25 فرعاً تتوزع بين بغداد والبصرة والنجف وإربيل والسليمانية. وباتت المصارف اللبنانية تمثل العمود الفقري للمصارف الخاصة غير العراقية».

وأشاد بـ«تجربة العراق في مجال القطاع المصرفي الخاص حديثة العهد نسبيا ونشأت في ظروف حافلة بالتحديات والمعوقات، لكن هذه التجربة تترسخ يوما بعد يوم بفضل رؤية البنك المركزي العراقي وإيمانه بأهمية مشاركة القطاع الخاص في تحقيق التنمية والنهوض الاقتصادي».

وختم: «إننا نسجل للمصارف اللبنانية العاملة في العراق التزامها القوانين والتعاميم وعزمها على توسيع نشاطها وتطوير خدماتها ومنتجاتها بفضل تجربتها الغنية في لبنان».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى