عبد الحكيم مرزوق
ما هي أسباب الهستيريا التي أصابت الإدارة الأميركية وبعض دول أوروبا المتحالفة مع الإدارة الأميركية ضدّ سورية وضدّ من يدعمون سورية وفي طليعتهم روسيا التي وقفت إلى جانب الحق في مكافحة الإرهاب الذي صدّرته الإدارة الأميركية وحلفاؤها في المنطقة؟
ثمة أسباب عديدة تقف وراء تلك الهستيريا غير المعهودة ومن أهمّها أنّ تحرير حلب قد نعى مشروع الشرق الأوسط الجديد في المنطقة وأسقط مشاريع التقسيم التي كانت تسعى وراءها إدارة أوباما وحلفاؤها الأوربيون لأنّ تحرير حلب كان القشة التي قصمت ظهر البعير وأسقطت أوراقاً كثيرة من أيدي الأميركيين الذين شنّوا حرباً لا هوادة فيها ضدّ سورية وقيادتها لإضعاف سورية وإزاحتها من معادلة الصراع العربي الصهيوني، وما حصل كان انتصاراً على كلّ تلك المشاريع والآمال التي كانت معقودة على نتائج الحرب الكونية التي شنت منذ حوالي الست سنوات.
وقد شملت الهستيريا الأميركية الحليف الأول لسورية وهو روسيا الصديقة التي حاربت جنباً إلى جنب مع الجيش السوري وهي من أهمّ الأسباب الرئيسية في الانتصار على الإدارة الأميركية وهذا ما جعلها تتخبّط في قراراتها، فالإدارة الأميركية لم تتعوّد على الهزائم الكبيرة وخاصة الهزيمة التي تعرّضت لها في سورية وخاصة أنها تحارب سورية من خلال مرتزقتها الذين جلبتهم من كلّ أصقاع الأرض وهي التي كانت تخطط عبر غرف عمليات شاركت فيها أجهزة مخابرات دولية مثل سي أي آي و«الموساد الإسرائيلي» وأجهزة مخابرات عربية معروفة الهوية لا تخفى على أحد وقد قامت إدارة أوباما بالعديد من الإجراءات التصعيدية ضدّ روسيا في ردّ فعل وصفه بعض المحلليين بالطائش وغير المسؤول لإدارة أوباما في أيامها الأخيرة المتبقية وقال عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنها تعتبر خطوات غير ودية واستفزازية وهي تهدف إلى مزيد من تقويض العلاقات بين الجانبين ولم يكتف بذلك بل قال إننا لن ننحدر إلى مستوى ديبلوماسية المطبخ في ردّنا على العقوبات الأميركية وذلك في إشارة إلى اعتبار عدد من الديبلوماسيين الروس غير مرغوب بهم في الولايات المتحدة الأميركية وعددهم حوالى 35 ديبلوماسياً، ويمكن القول إنّ اغتيال السفير الروسي في تركيا يأتي ضمن ذلك السياق فهو نتيجة لهستيريا الإدارة الأميركية من مساعدة روسيا لسورية في حربها ضدّ الإرهاب والإرهابيين الذين تدعمهم إدارة أوباما.
وهناك الكثير من الإجراءات ومنها ملف الدرع الصاروخية حيث عملت واشنطن مع حلف شمال الأطلسي على توسيع نشاطها العسكري في دول بحر البلطيق وبعض دول أوروبا الشرقية وكان آخر تلك الخطوات العدائية تدشين أول قاعدة للدرع الصاروخية الأميركية في رومانيا والشروع ببناء موقع عسكري مماثل في بولندا وقانون الاتفاق الدفاعي الأميركي الجديد الذي وقعه أوباما وخصص بموجبه البنتاغون نحو ثلاثة مليارات وأربعمائة مليون دولار لما أسماه درع روسيا ويخفف القانون القيود على إمدادات الأسلحة إلى الإرهابيين في سورية وكذلك الأزمة الأوكرانية وشبه جزيرة القرم حيث ترفض واشنطن الاعتراف بانضمام شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول إلى روسيا على الرغم من أنه جاء نتيجة استفتاء شعبي جرى في آذار عام 2014، وكذلك الحرب على سورية حيث لم تنفذ الإدارة الأميركية تعهّداتها لموسكو بفصل من تسمّيهم واشنطن معارضة معتدلة عن التنظيمات الإرهابية وفق تفاهمات الجانبين.
كلّ ذلك الصراخ والعويل الذي أصاب إدارة أوباما في أيامها الأخيرة والهستيريا لم ولن تمنع الجيش السورية وحليفه الروسي ومقاتلي حزب الله من إكمال مسيرة الانتصار التي ستطال كافة الأراضي التي يقبع فيها الإرهابيون الذين سيطردون شرّ طردة وستتوالى الانتصارات السورية وستكون الأشهر المقبلة حبلى بالكثير من المفاجآت.
كاتب وصحافي سوري
Marzok.ab gmail.com