مناطق عازلة أم سايكس ـ بيكو جديد؟
جمال العفلق
الحديث عن مناطق عازلة ليس بالجديد، فما يطلق عليهم اسم معارضة سورية وهم بحقيقة الأمر ناطقين باسم دوائر القرار الاستخباراتي والممتدة من واشنطن إلى فلسطين المحتلة عبر الأردن وتركيا مروراً بجزء من بيروت وعواصم دول قالوا لنا إنها عربية وإسلامية.
اليوم بعد أكمال الدواعش المرتزقة ومعهم النصرة وما يسمى كتائب إسلامية لدورهم في نشر القتل وتمزيق كل المفاهيم الإنسانية والأخلاقية، جاء دور الأصيل في المعركة ليكمل المشروع الذي بدأ فيه ولكن هذه المرة علانية.
فأميركا اليوم نزلت إلى المعركة في شكل مباشر محاولة أن تعطي عدوانها على الشعبين السوري والعراقي غطاء أممياً، هذا الغطاء الكاذب بتفاصيله وأهدافه المعلنة. فتهديد أميركا لسورية بعدم اعتراض الطيران الأميركي إذا ما قرّر ضرب مواقع تدعي أميركا أنها ستكون لداعش في سورية هو اعتداء على بلد مستقل وفق القوانين الدولية وما تقوم به تركيا والأردن اليوم من محاولات واستعراضات إعلامية حول ما يسمّى مناطق عازلة هو كذلك الأمر عمل عدواني يهدف إلى إكمال مشروع الشرق الأوسط الجديد من خلال هذه الحرب المشتعلة التي تعتقد أميركا أنها الرابح فيها وطبعاً «إسرائيل» من وراء الستار.
ولا يمكن تبرير أي عدوان على سورية من هذا التحالف الذي صنعته أميركا وفق معاييرها الخاصة، وما تصريحات الأميركان والاستعراضات التي يقوم بها وزير الدفاع الأميركي ووزير الخارجية والحديث عن دور مجلس الشيوخ الأميركي إلا في حدود رسائل إلى موسكو تريد أميركا منها اختبار رد فعل حلفاء سورية على ما قد يحدث في المستقبل.
والمناطق العازلة التي يسوق لها الآن أردوغان داعم الإرهاب الأول والسعودية التي تدّعي الخلاف معه ولكنها ترسل الأموال للمرتزقة القابعين على الحدود التركية السورية وإعلانها عن إنشاء ما يسمى معسكرات تدريب على أراضيها لما يسمّى معارضة سورية من أجل محاربة داعش كل هذا يأتي في إطار إعادة تقسيم سورية إلى دويلات كما جاء تقسيم فرنسا إبان الانتداب الفرنسي لسورية منذ قرن من الزمن تقريباً. ويكمل الصورة الخائن لوطنه المدعو كمال اللبواني الذي تشدّق في «إسرائيل» باسم الشعب السوري وزار أحد أعوان نتيناهو طالباً منه أن يساعده في إقناع عصابات تل أبيب بدعم الجنوب، خصوصاً السويداء، وهو يعلم أي اللبواني أنه لم يفوّض من أهل سورية عموماً ولا من أهل الجنوب خصوصاً. فحديثه هذا جاء في إطار استكمال التقسيم النظري الذي رسمته حدود الدم الأميركية للمنطقة بهدف ضمان أمن «إسرائيل» والاستيلاء على المياه والثروات وضمان مستقبل قد يستمر مئة عام أخرى من أجل مصالح الشركات الأميركية لا الشعب الأميركي. واهمين أن أمن «إسرائيل» سيكون بتقسيم سورية ولبنان والعراق من جديد وإشغالهم بحرب طائفية يزيح عن «إسرائيل» همومها ويضعف المقاومة.
وكل ما ورد ليس بالجديد على الوطنيين العرب والمؤمنين بحق الإنسان بالحياة ولكن ماذا تنتظر هذه الأرض من الوطنيين والمنتمين لها؟
إن الدور الوطني اليوم يلزم الجميع بالتصدّي لمشروع التقسيم وذلك من خلال دعم المقاومة المتمثلة بالجيشين السوري والعراقي وكتائب المقاومة التي انخرطت في الحرب لا للتوسّع أو فرض هيمنة، بل من أجل حماية الأرض وحماية أهلها من حرب قطعان المرتزقة القادمين من كل أصقاع الأرض بمال السعودية وقطر.
وإذا ما تمّ مشروع التقسيم هذا فإن أول المتضرّرين هم الداعمون له لأن التجارب علمتنا أن أميركا بعد نجاح مشروعها أو فشله تتخلّى عن الخونة الذين دعموا مشروعها وتصفيهم واحداً تلو الآخر لدفن كل أسرارها معهم.
فالمناطق العازلة هي نفسها معسكرات موت منظم وما حادثة موت الأطفال السوريين على يد ما يسمّى وزارة صحة المعارضة بإعطائهم الطعوم السامة إلاّ دليل على تصفية لسكان المنطقة تطاول الصغير والكبير وحتى اليوم ما ثبت من خلال هذه الحرب على سورية والمنطقة ومن خلال أفعال ما يسمّى معارضة هو هدف واحد تدمير الإنسان قبل الأرض، فمن تجارة الأعضاء البشرية التي ازدهرت على الحدود التركية إلى الاتجار بالبشر في مخيمات الذل إلى انتشار الأمراض المعدية إلى منع التعليم أو تشويهه كل هذا يصب في إطار حرب الإبادة. فالمال السعودي والقطري والدور «العربي» الخارق بخدمة هذا المشروع لم يعد بالإمكان غض النظر عنه أو تجميله بمسميات أخرى. فلا مؤتمر جدة ولا مؤتمر باريس قدما شيئاً ما دام أصحاب القضية الأصل غير موجودين.
وما زلت كما غيري أراهن على وطنية أهل بلاد الشام والرافدين وعلى انتماء أهل هذه الأرض لأرضهم وعقيدتهم بأن الحياة من الله وأن الشهادة في سبيل الله والوطن.
كتب الشاعر العراقي : عبد الرزاق عبد الواحد –
يا صبر أيوب، لا ثوب فنخلعه
إن ضاق عنا… ولا دار فننتقل
لكنه وطن، أدنى مكارمه
يا صبر أيوب، إنا فيه نكتمل
وإنه غرة الأوطان أجمعها….