الأزمة الاقتصادية تهدّد الصحافة الورقية في الجزائر

دخلت الصحافة الورقية في الجزائر مرحلة عصيبة منذ فترة بسبب تراجع المبيعات وشحّ مصادر الإعلانات الحكومية والخاصة على حدّ سواء، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على البلاد منذ أكثر من عامين.

وزاد الوضع سوءاً دخول الصحافة الإلكترونية على الخط بفعل اتساع دائرة مستخدمي شبكة الإنترنت، مثلما تسبّبت الفضائيات المحلية الخاصة، في استقطاب المزيد من الباحثين عن الخبر وقت حدوثه.

وتشير إحصائيات نشرها مكتب الاعتماد والتوزيع المتخصِّص في نشر إحصائيات العديد من وسائل الإعلام العالمية، إلى تراجع كبير في طبع عدد من الصحف الجزائرية الواسعة الانتشار في عام 2014، بسبب انخفاض مبيعات نسخها الورقية.

وتوضح إحصائيات أنّ صحيفة الشروق اليومي عرفت تراجعاً في متوسط الطبع بـ2 في المئة أي أقلّ بنحو 21 ألف نسخة من 2013 ، بينما تراجع متوسط طبع يومية الوطن التي تصدر باللغة الفرنسية بـ4 في المئة أي أقلّ بنحو 1400 نسخة من 2013 ، كما تراجع متوسط الطبع اليومي لجريدة «الخبر» بنحو 20 في المئة مقارنة بسنة 2013 أي أقلّ بنحو مئة ألف نسخة .

ومن أبرز الصحف التي توقفت لأسباب مالية، صحيفة «المجاهد الأسبوعي» العريقة التي تأسست عام 1956 أثناء حرب التحرير ضدّ الاحتلال الفرنسي، وتحولت بعد الاستقلال إلى لسان حال حزب جبهة التحرير الحاكم، قبل أن تقرّر التوقف عن الصدور قبل بضعة أشهر بسبب الأزمة المالية، كما لحقت بها يومية «الأحداث» الخاصة.

وعرفت الجهة الغربية من الجزائر توقف عدد من اليوميات، منها «صوت الغرب» بنسختيها العربية والفرنسية و«المصير»، وهي صحف صغيرة محلية لا تطبع ولا توزع إلا في المحافظات الغربية.

وكان جلّ هذه الصحف يحصل يومياً على ربع صفحة من الإعلانات الحكومية بما يبقيها على قيد الحياة، لكنّ تقليص الحصص الممنوحة لها دفع إداراتها إلى إبلاغ الصحفيين والعمال بعدم قدرتها على الاستمرار في الصدور.

وتعدّ الشركة الوطنية للنشر والإشهار الجهة المحتكرة للإعلانات الحكومية، وإليها يعود الفضل في بقاء واستمرار الصحف الصغيرة، لأنّ القطاع الخاص على محدودية نشاطه يفضل الصحف ذات الانتشار الواسع مثل «الخبر» و«الشروق» و«النهار» و«الوطن» و«ليبرتي».

وهناك صحف أخرى تصدر بشكل مضطرب كما هو حال جريدة «اليوم» التي تأسست عام 1998.

وقد مسّت الأزمة صحيفة الخبر تأسست عام 1990 حيث تقلصت مداخيلها من الإعلانات وتراجعت مبيعاتها فاضطرت إلى رفع سعر نسختها اليومية، خصوصاً أنها لا تستفيد منذ 1998 من الإعلانات الحكومية، قبل أن تعود إليها في شهر كانون الأول 2016.

ونتيجة الأزمة المالية، قرّر المساهمون في مؤسسة «الخبر»، وجميعهم صحافيون مخضرمون، بيعها لرجل الأعمال يسعد ربراب في صفقة بلغت قيمتها حوالي أربعين مليون دولار، لكنّ اعتراض الحكومة على الصفقة وإبطالها بقرار قضائي أعاد الصحيفة إلى أصحابها.

وتعدّ الصحف الحكومية الأقلّ تضرراً من الأزمة، لأنها تحصل على حصص إعلانية تكفيها، كما أنها تحظى بمعاملة خاصة لدى المطابع الحكومية رغم أنّ مبيعاتها لا تكاد تذكر، لكنّ دعم الدولة لها يضمن استمرارها.

وقد زاد دخول الصحافة الإلكترونية على الخط في متاعب الصحافة الورقية رغم أنها لم تصل بعد مرحلة متقدمة من الانتشار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى