نجومية إغراءات «الستين» ألمع… هل يُطبَّع العهد ويُغتال التغيير؟

هتاف دهام

يتقدّم قانون الستين في ميدان السباق بين اقتراحات ومشاريع القوانين الانتخابية. انتشرت كلمة سرّ بين الأفرقاء السياسيين كالنار في الهشيم. وقِّعت الصفقة وفق لعبة خبيثة تروّج أن الانتخابات ستجري وفق القانون النافذ من منطلق أنّ كلّ الأطراف المتناقضة ستكون ضامنة لحفاظها على دورها وعلى حصتها بالحجم الحالي.

يدخل غمز وزير الداخلية نهاد المشنوق عن استحالة إنتاج قانون انتخاب جديد في الوقت المتبقي، وفق المعنيين، ضمن المقايضة السعودية. مقايضة تشترط تطمين الرئيس سعد الحريري في الداخل مقابل تقديم مساعدات للبنان، وتكرّس ثقافة جديدة في الحياة السياسية مفادها المقايضة على مطالب من الخارج لأجل مطالب من الداخل.

بيّن موقف المشنوق تمترُس الرئيس الحريري خلف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. أنزَلَ عن كاهل تياره الأزرق تعب مزايدة رفض الستين. سبقت ذلك دعوة رئيس حزب القوات سمير جعجع عبر صحيفة «القبس» إلى حلف رباعي يضمّ التيار الوطني الحر القوات اللبنانية الحزب التقدمي الاشتراكي تيار المستقبل، بمعزل عن القوتين الشيعيتين.

فهل تجري الانتخابات وفق قانون الدوحة؟

العواصف البرتقالية على أشدّها. سياسيو التيار الوطني الحر وقياداته ومناصروه «شيطنوا» الستين إعلامياً وتويترياً وفيسبوكياً. تحصيل تقدّم بالنسبة إليهم رهن التفاوض. لا يزال الوقت سانحاً لإقرار قانون جديد.

بعد انعدام فرض مختلطَيْ رئيس مجلس النواب نبيه بري والاقتراح الثلاثي، وضعت خيارات عدة على بساط البحث. يتقدّم التأهيل على الصيغ الأخرى.

يمتلك التأهيل، وفق مصدر متابع في مطابخ دراسة الأحزاب للقوانين الانتخابية لـ «البناء» فرصة إدراجه على جدول أعمال الهيئة العامة، من منطلق أنه يتضمّن تسوية اعتماد النسبية الكاملة في المحافظات من جهة، ومن جهة أخرى إجراء انتخابات تأهيلية على أساس الأكثري تأخذ بعيد الاعتبار حساسية القوى السياسية.

ليس دقيقاً على الإطلاق، وفق المصدر نفسه، أنّ فرصة إبصار قانون جديد النور انتفت. الكلام عن انتهاء المهل الدستورية غير دقيق. يستطيع وزير الداخلية في أواخر شباط دعوة الهيئات الناخبة لأنّ الانتخابات ستجري قبل 25 أيار، وفي الوقت نفسه تستمرّ المكونات السياسية في التفاوض حول القانون الانتخابي. إذا حصل الاتفاق يمكن للبرلمان إقرار القانون الجديد والتمديد للمجلس النيابي بضعة أشهر تقنياً لإنهاء التحضيرات اللوجستية والإدارية.

يملك التأهيل فرصة إقراره داخل قاعة ساحة النجمة أكثر من غيره من الاقتراحات الأخرى التي توزّعت بين الصوت المتعدّد المقيّد والمختلط ذي المعايير الموحدة. يجري البحث في الآليات «نسبة التأهيل وحجم المحافظة». لم يعترض تيار المستقبل عليه، كما فعل مع مختلط الرئيس بري.

يناقش المعنيون في حجم الدوائر مع مراعاة الهواجس. وفق المعنيين تمّ التفاهم في اجتماعات الأسابيع الماضية على تقسيم لبنان إلى تسع محافظات، هي: بيروت – جبل لبنان الشمالي (يضمّ أقضية بعبدا – المتن الشمالي – كسروان – جبيل) – جبل لبنان الجنوبي( يضمّ قضاءي عاليه والشوف)- صيدا – النبطية – البقاع (يضمّ زحلة – البقاعين الأوسط والغربي) – بعلبك الهرمل – الشمال (يضمّ أقضية طرابلس البترون الكورة – زغرتا بشري – المنية – الضنية عكار).

ينتخب المسلمون الشيعة السنة الدروز مرشحيهم المسلمين، وينتخب المسيحيون مرشحيهم المسيحيين. يؤهّل من المرحلة الأولى أول ثلاثة مرشحين عن المسلمين وأول ثلاثة مرشحين عن المسيحيين عن كلّ قضاء، ثم تُشكل في المرحلة الثانية لوائح كاملة متعدّدة في كلّ محافظة أو دائرة انتخابية، لتجري الانتخابات وفق النظام النسبي.

وفق المتابعين، تتولى عين التينة وكذلك بيت الوسط بشكل غير مباشر إقناع المختارة بالتأهيل، لجهة أنّ هذه التقسيمات تراعي هواجسه. لم تُلحق بعبدا بعاليه والشوف. لن يخسر بك كليمنصو مقعد راشيا – البقاع الغربي.

في موازاة ذلك، فإنّ الحديث عن إدخال تعديلات على قانون الستين بمعنى نقل المقعد الماروني في طرابلس إلى البترون ونقل المقعد الدرزي من بيروت إلى عاليه، ونقل مقعد الأقليات في بيروت من الدائرة الثالثة الى الدائرة الأولى، لا يزال في دائرة الكلام الإعلامي.

يبقى أنّ قانون الستين عبارة عن ترسيمات انتخابية. لا تكمن المشكلة وفق رئيس مركز «بيروت للأبحاث والمعلومات» عبدو سعد في حجم الدوائر، إنما في النظام الأكثري الذي علينا أن نتحرّر منه.

إنّ الستين كقانون نافذ ليس سوى تحطيم لآمال الناس بالتغيير، وضرب لأيّ تطوير للحياة السياسية ولو بالحدّ الأدنى، إذ إنه سيعيد إنتاج محدلة كبيرة تكرّس «الستاتيكو» الحالي الذي يحكم الحياة السياسية، وسيبقي توازنات المرحلة الماضية في «أبهى صورها».

إذا وقعت الواقعة في أيار المقبل، كما تمّ الترويج لها في كواليس الصالونات وبدأ تسريبها، فسيكون لبنان، وفق المصدر نفسه، أمام مجموعة خاسرين على رأسهم العهد الجديد وتحديداً شخص العماد ميشال عون لما يمثل من رافعة أمل للشعب.

… والنتيجة: استيعاب العهد الجديد وتطبيعه داخل قالب المحاصصة والقوى الحاكمة في البلد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى