البحرين… الى المقاومة
ناصر قنديل
– منذ ست سنوات يقف شعب البحرين في الشوارع يواجه كل استفزازات درع الجزيرة بقيادة السعودية، متمسكاً بالمسار السلمي. وشعب البحرين الذي تقوده اليوم حركة إسلامية لم يبخل على النضال العربي بالتضحيات في المراحل كلها. فكان تحت شعارات الليبرالية في الأربعينيات يطالب بالانتخابات، وتحت لواء جمال عبد الناصر في الخمسينيات يطالب بالتحرر، وتحت لواء اليسار يقود النضال النقابي الأشدّ طليعية في العالم العربي، فشعب البحرين لم يغادر الساحات ولا يمكن لأحد تسمية ثورته بالصحوة الطائفية.
– بقي إصرار شعب البحرين على المسار السلمي، رغم شلال الدم المسال بتدخّل سعودي، ورغم التجاهل شبه التام لما يُسمّى بالمجتمع الدولي قياساً بمزاعم الدفاع عن حقوق الإنسان حيث للغرب مصالح، فيصير قتلى تنظيم القاعدة شهداء ويصير مقاتلوها أبطال حرية، كما وصفهم لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا الأسبق على الحدود التركية السورية. وهذا الإصرار أكثر من صبر تاريخي، بل هو خيار استراتيجي، ربما يكون قد بلغ مراحله النهائية.
– ما جرى في البحرين من قتل بدم بارد بجرم لم ينل تحقيقاً ولا محاكمة لشبان اعتقلوا من حراك الشارع البحراني، ووجّهت لهم الاتهامات بتفجير آلية من آليات درع الجزيرة، وتنفيذ حكم الإعدام بهم من دون محاكمة فعلية، يقول إن السعودية التي أمرت بالقتل ترسم خطاً أحمر لقبولها بالتسويات في المنطقة. وهو التسليم بجعل شعوب بلاد الخليج عبيدا لآل سعود كشرط مسبق لتسويات خارج الخليج، وإلا فلا مانع لدى السعودية من بقاء الحروب مشتعلة وإنفاق كل المال والمجيء بكل المتطرفين والمرتزقة لخوضها. وهذا يعني تحويل السعودية عملياً وتدريجياً إلى أكبر فرصة لسيطرة داعش.
– سيطرة داعش على السعودية جغرافياً وسكانياً وعسكرياً، وتجذُّر مشروعه فيها يبدو خشبة خلاص داعش في ضوء الهزائم التي يُمنَى بها التنظيم في العراق، وصعوبة الصمود عندما تدور آلة الحرب عليه في سورية، وفي ضوء التسابق الأوروبي الروسي على منع داعش من الاستقرار في ليبيا، كبديل متوقع لداعش بعد العراق وسورية، فيصير المنطقي أن يبني التنظيم خطته نحو السعودية للسنتين المقبلتين، ولا يبدو أن حكام السعودية يمانعون بذلك أو لا يدركونه، بل يقولون للعالم عليكم أن تختاروا بين سيطرتنا بهمجيتنا على النفط، أو تسليمه لداعش بوحشيته.
– السعودية تضع المنطقة والعالم بين خيارَيْ التسليم بعبودية ذليلة لشعوب الخليج أو تسليم منابع النفط لداعش. والمقارنة بين ما جرى في العراق، وما قد يجري في السعودية يصير الأمر منطقياً. فالبيئة جاهزة شعبياً والولاءات للتطرف والتكفير والدم لدى مشايخ الوهابية تُظهرها فتاوى علنية.
– بين حدَّيْ هذه الثنائية لم يعد ممكناً لأحد مخاطبة شعب البحرين بطلب الصبر والتحمّل. فالمقاومة صارت خياراً لا يمكن لأحد استهجانه واعتباره تسرّعاً أو انفعالاً، وإذا كان السعوديون يريدون إضعاف نفوذ إيران في الخليج فهم ينجحون، بأن يجعلوا الشعوب تتمرّد على نصائح إيران بالتهدئة والتمسك بالسلمية، لأنهم يغتالون كل نداء للحكمة.