دوافع هجوم داعش على دير الزور
حميدي العبدالله
منذ فترة طويلة يشنّ تنظيم داعش هجماته على دير الزور بهدف السيطرة على المدينة وعلى مطارها.
وعلى الرغم من أنّ القوات المسلحة السورية محاصرة منذ أكثر من سنتين إلا أنها صدّت جميع هجمات داعش على الرغم من أنها تقع في منطقة تمثل عمق سيطرة هذا التنظيم الإرهابي، وحتى قبل تعرّضه للضغط من قبل الجيش العراقي، أو الأكراد أو الأتراك في مناطق سيطرته في سورية، عجز داعش عن السيطرة على مدينة دير الزور ومطارها، بل أكثر من ذلك أنّ الجيش السوري استطاع في فترة سابقة من استعادة جبل الثردة قبل أن يعيد داعش السيطرة عليه بمساندة جوية أميركية. لماذا يستميت داعش اليوم للسيطرة على مدينة دير الزور ومطارها، وهو في وضع أسوأ مما كان عليه حاله في أيّ وقت سابق؟ لا شك أنّ هناك تفسيراً لدوافع داعش لتحقيق انتصار في دير الزور أبرز هذه الدوافع:
أولاً، قناعة هذا التنظيم الإرهابي أنّ الولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده يدعمان سعيه للسيطرة على مدينة دير الزور، في هذا السياق جاء العدوان الجوي الأميركي على قوات الجيش السوري في جبل الثردة الذي مكّن داعش من السيطرة على الجبل، وفي هذا السياق يأتي تجميد معركة الرقة لإعطاء فرصة لداعش لحشد قواته ضدّ الجيش السوري في دير الزور. تواطؤ الولايات المتحدة مع داعش لم يعد سراً بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي قال فيها إنّ واشنطن أرادت من خلال توسّع داعش الضغط على الدولة السورية للحصول منها على تنازلات في إطار أيّ مفاوضات لتسوية الأزمة في سورية.
ثانياً، داعش خسر مواقع هامة كثيرة في الفترة الأخيرة، ولا سيما في الموصل، وعلى جبهات ريف حلب الشمالي وريف الرقة، وباتت معنويات مقاتليه في أدنى مستوى لها، وهو بحاجة إلى مكسب ميداني لرفع معنويات مقاتليه، وبديهي أنّ حساباته سوف تتجه نحو مدينة دير الزور المحاصر منذ حوالى سنتين لتحقيق مثل هذا المكسب.
ثالثاً، الولايات المتحدة وجميع الدول التي استثمرت في الإرهاب باتت على قناعة أنّ سيطرة داعش على تدمر لم تغط على الإنجاز الكبير الذي تحقق في مدينة حلب، وبالتالي فإنّ أيّ تطوّر ميداني كفيل بطمس نتائج انتصار حلب، لا يمكن تحقيقه، في ظلّ توازن القوى القائم إلا في مدينة دير الزور. سيطرة داعش على هذه المدينة من شأنه أن يحتوي انتصار حلب، ويحدّ من تأثيراته الاستراتيجية، السياسية والميدانية الإيجابية.
لكلّ هذه الأهداف مجتمعة كان الهجوم الحالي لداعش على دير الزور.