الدكتور ألبير أديب: أول عضو في الحزب يُسمح له بعدم تأدية الواجبات الحزبية
أورد الأمين جبران جريج في الصفحة 298 من الجزء الرابع من مجلد «من الجعبة» التالي:
«… أما الرفيق الدكتور البير أديب فقد جاءته منحة دراسية من الجامعة، فجاء يوماً الى الأمين فخري معلوف يعرض عليه هذه المسألة التي يعتبر أن عضويته في الحزب تسبب له مشكلة ربما أودت بالمنحة ولذلك جاء يستشيره بكيفية اعلان انسحابه، فنصحه الأمين فخري بأن يتقدم بطلب رسمي يعرض فيه وضعه ويقترح اعفاءه من ممارسة هذه العضوية فاقتنع وعمل بالمشورة، وتقرر حزبياً تلبية طلبه، فكان أول عضو في الحزب يسمح له بعدم ممارسة الواجبات الحزبية»
فمن هو الدكتور البير أديب ؟
عنه هذه النبذة بقلم العميد الركن أدونيس جوزف نعمة، الصادرة في مجلد بعنوان «دير القمر، عاصمة لبنان القديم»، لوالده المؤرخ العميد الراحل جوزف داود نعمة 1910-1994 .
ولد ألبير أديب نعمة في «مينرال ديل اورو» بالمكسيك في الأول من تموز 1908. والده سعيد اديب، وكان قد هاجر الى هناك بتشجيع من صهره اسكندر الخوري الذي أصبح في ما بعد رئيس مجلس الادارة في جبل لبنان. والوالد نفسه، وهو أخو أوغست باشا أديب، كان مدعي عام عموم المتن، وكان شاعراً بالعربية والفرنسية والاسبانية.. كما أتقن الانكليزية.
قضى البير فترة طفولته في مصر، حيث تعلّم في مدرسة «الفرير» بالاسكندرية، ثم انتقل مع والدته الى القاهرة حيث تابع دراسته في «الفرير» أيضاً حتى المرحلة النهائية. ولكنه، لضعفه في اللغة العربية آنذاك، أدخلته امه مدرسة «القديس يوسف» المارونية في القاهرة التي كانت موصوفة بتعليم اللغة العربية، فاستطاع بعد ذلك أن ينظم الشعر الطلق بالعربية، وكان. وهو في «الفرير»، قد نظم الشعر بالفرنسية.
وكتب ايضاً محاولات في القصة تلقّى عليها تهانئ من أدباء كبار، ولكنه بعد أن كتب كثيراً من القصص عاد الى الشعر الطلق، كما ترجم روايات عن اللغة الفرنسية.
عاد الى لبنان، فعّين رئيساً للقسم العربي في اذاعة «راديو الشرق»، ثم ترك وظيفته هذه لنزعته الاستقلالية إذ ان هذه الاذاعة كانت بيد سلطة الانتداب الفرنسية.
أصدر مجلة «الأديب»، التي ظلت الى زمن طويل، من 1942 الى 1983، كبرى المجلات الأدبية اللبنانية واحدى أكبر المجلات الأدبية العربية، ويمكن القول أن أكابر الكتّاب والأدباء في لبنان والعالم العربي قد تدرّجوا إما في مجلة «المكشوف» لصاحبها الشيخ فؤاد حبيش أو في مجلة «الأديب» لصاحبها البير أديب.
أقيمت له حفلة تكريمية في قاعة محاضرات وزارة التربية الوطنية ببيروت شارك فيها ادباء من البلدان العربية، ورجال دولة بينهم وزير الخارجية الأردنية يومذاك محمد أديب العامري، ألقى كلمته بالنيابة الاستاذ جان كميد.
احترقت مكتبته في حادثة خاصة، فذهبت قصائده الحرة طعماً للنار.. ولم يسلم منها سوى تلك القصائد المعدودة التي تضمنتها مجموعته الوحيدة «لمن» ؟
خلال الأحداث اللبنانية المعروفة أصبح منزله في محلة «الناصرة» ببيروت على خط التماس بين المنطقتين الشرقية والغربية من العاصمة، فاضطر الى هجره مقيماً عند ابنته حتى وفاته سنة 1985، وقد حلّت هذه الوفاة، ولبنان في خضم الأحداث.
ابنته هدى أديب شاعرة باللغة الفرنسية، ولها ديوان اسمه»Parenthese» وعدة مجموعات أخرى، وامتياز مجلته «الأديب» اصبح ملكاً للصحفي والطبيب الدكتور مصطفى جنيد الذي يصدرها الآن جريدة اسبوعية سياسية في طرابلس.. ولكنه يحتفظ بإسم ألبير أديب عليها كمؤسس لها.
ويبقى ألبير أديب، في تاريخ الحركة الأدبية اللبنانية، أحد أبرز الصحفيين الأدباء، وأحد رواد الشعر الطلق، أو الحر، الذي بدأه «أمين الريحاني» باللغة العربية مقتدياً في ذلك بالشاعر «وولت هويتمن» زعيم الشعر الحر في اللغة الانكليزية وفي الأدب العالمي.