النسبية… خارطة طريق للإصلاح الحقيقي
معن حمية
في العلن، القوى السياسية في لبنان كلّها هي قوى «إصلاحية» من الطراز الأول، وتعلن أنها تريد قانوناً جديداً للانتخابات النيابية يحقق صحة التمثيل، حتى الذين يرفضون النسبية، لا يقبلون بأن يعود نسب النسبية لغيرهم، وهم يبرزون صكّ ملكيتها منذ أن تمّ وضعها مرتكزاً في البرنامج المرحلي للحركة الوطنية قبل أربعة عقود ونيّف!
أما في السرّ، فحدّث ولا حرج.
كلّ فريق، صغيراً كان أم كبيراً، فاعلاً أو غير فاعل، يمثل أو لا يمثل، فإنه يريد قانون انتخابات مفصلاً على قياسه، ولكلّ أسبابه «الموجبة»، وهي الوصول إلى تحقيق صحة التمثيل! وبالمناسبة، فإنّ أيّ فريق في لبنان لم يعد يحتاج إلى خبراء ومشرّعين لكي يقدّم صيغة ما لقانون الانتخابات النيابية. فالصيغ توضع عادة وفقاً لـ «رؤية» الفريق صاحب المصلحة، وعلى أساس هذه «الرؤية» يتمّ تحديد جغرافية الدائرة والنظام الانتخابي، بما يتطابق مع قياساته الطائفية والمذهبية والفئوية، وبما يتناقض كلياً مع مبدأ المواطنة.
في العلن، الكلّ إصلاحيون بامتياز، لكنهم يختلفون على جنس الإصلاح. أما في السرّ فمعظمهم مصلحيون، ومتفقون على تحقيق مصالحهم الطائفية والفئوية.
في العلن، الكلّ مع قيام الدولة القوية القادرة والعادلة. أما في السرّ فمعظمهم لا يعرفون أسس قيام الدولة، ولذلك لا يزال بعضهم يريد «غيتوات»، وبعضهم الآخر لا يزال في مرحلة العبور الطويل الأمد الى الدولة.
في العلن، الكلّ يهتمّ بقضايا الناس الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ويطالب بالإنماء المتوازن لكلّ المناطق. أما في السرّ فمعظمهم متفق ومتفاهم على تقاسم الحصص والاغتناء بالصفقات باسم حقوق رعايا الطوائف والمذاهب.
الحقيقة الكاملة، هي أنّ معظم القوى في لبنان، تمارس النفاق، وتكذب على اللبنانيين. فهي لا تريد قانوناً جديداً للانتخابات يؤمّن صحة التمثيل، ويحقق مصلحة وطنية خالصة.
لمعظم القوى التي تدّعي أنها إصلاحية، نقول: كفى فصاحة في خطب الإصلاح، فأنتم لا تمتلكون الشجاعة لسلوك هذا الطريق، فبلوغ الإصلاح له ممر إجباري وحيد هو قانون انتخابات يقوم على ثلاث ركائز: الدائرة الواحدة والنسبية والانتخاب خارج القيد الطائفي. وهذا هو القانون الأمثل الذي يحقق صحة التمثيل ويشكل عامل تحصين لاستقرار البلد.
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعلن أمس الأول، أمام أعضاء السلك الدبلوماسي موقفاً واضحاً، شدّد فيه على ضرورة سنّ قانون جديد للانتخابات، مشدّداً على أنّ القانون النسبي هو الذي يؤمّن صحة التمثيل وعدالته للجميع، وبه يربح لبنان استقراره.
هذا الموقف لرئيس الجمهورية، نرى فيه خريطة طريق إصلاحية حقيقية، وندعو كلّ الوطنيين إلى الالتزام به، وإعلان موقف حازم وخطوات عملية برفض قانون الستين رفضاً قاطعاً ورفض كلّ قانون آخر لا يؤمّن صحة التمثيل وعدالته.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي