رياضيات في الكلام
بين ضفّتَيْ نهر الحياة وردة تطفو على سطح الماء، تتغير ألوانها وروائح عطرها بتغيّر المواسم. تلمحها العين ويرفّ لها القلب وترنو اليد لتمسكها. وتلك هي السعادة. في لهفة السعي ما قبل الوصول، حيث تقع ومضة الفرح الهاربة.
الكلام في لحظات الغضب إذا جاء، تفلت أوصاف خارج اللياقات. فهو فوران صابون بلا عمق في العقل والقلب، تكفي ابتسامة بلا اعتذار لمحو آثاره مهما كان الكلام قاسياً. أما إذا جاء يرسم معادلات عقلانية وتسلسلاً منطقياً، فلا يمحوه تكرار الاعتذار والتسامح، لأنه تفكير عميق نائم يستيقظ في لحظة تجرّؤ الكلام.
عندما يستطيب المرء أن يمنح وينال كل شيء لنفسه، ويستسيغ تنازلات الآخرين حقوقاً مكتسبة فهو مغرور، لا يقيم حساباً للتفوّق على لحظة الحقيقة القاسية. وعندما يتذكر الحقوق من دون القيام بالواجبات، فهو مستهتر يعيش على رصيف النجاحات الفارغة، وينبهر بنفاق الثناء والمديح. وعندما يشعر أنه محور الكون وأنه مؤهل لإذلال من هم أكثر جدّية ومسؤولية، وأوسع قلباً وأعمق عقلاً، فقد أصابه الغرور. وعندما يبكي حظّه على رغم كل ذلك لأن الله لم يهبه أناساً يفهمونه ويساندونه، فقد أصابه جنون العظمة، ولو كان الدمع الحارق يغسل خدّيه.