كرامي: النسبية هي الحلّ الوحيد لإصلاح الخلل الوطني الخطير
رأى الوزير السابق فيصل كرامي، أنّ «لبنان انزلق منذ سنوات إلى لعبة تعميق وتكريس التحاصص المذهبي، وهي لعبة يمكن أن تطيح بالوطن، إذ صارت المعايير المذهبيّة الأساس الذي يتحكّم في كلّ شأن من شؤون البلاد والعباد، والمؤسف أنّ هذا الواقع صار علنيّاً، ولم يعد بوسع أحد أن يتحجّج تارةً بالوصاية الإقليمية، وتارة أخرى بكلمة السر الدولية. فالمشكلة لبنانيّة بامتياز، والخروج منها يجب أن يكون لبنانيّاً بامتياز»،
وقال خلال رعايته حفل العشاء السنوي لحزب التحرّر العربي: «لست أنا، ابن عمر كرامي، من يحتاج إلى فحص دم في الوطنية والقومية، بل نحن من البيوت التي توزِّع شهادات معمّدة بالدم والتضحيات في الوطنية وفي القومية. إنّ التركيبة الحالية التي وصل إليها لبنان، تؤشّر إلى استهداف واضح للطائفة السنّية، وكأنّ الإصلاح لا يكون إلّا بِاقتناص صلاحياتها والمسّ بدورها، ونحن نلحظ تراخياً غير مبرّر في التصدّي لهذه الظاهرة. وهي ظاهرة لا تنفع الارتجاليات في معالجتها، بل لا بدّ من وضع استراتيجية شاملة وواضحة لذلك».
وأكّد كرامي أنّ «التنازلات بهذه الطريقة هي بيئة لتعزيز الفكر المتطرّف، وهذا يأخذ الطائفة والبلاد إلى منزلقات خطيرة. إذ يجب ألّا ننسى أنّه حين تقدم الأغلبية التمثيلية على تقديم التنازلات، فإنّ هذا يفضي إلى خلق التشنّجات ويشكّل المناخ المناسب لسيادة الخطاب المذهبي الضيّق، لأنّ ما أقدمت عليه يُعدّ خيانة وتحدّياً للمزاج الذي أعطاها موقعها، كما ليس من الصحيح بالمقابل الاعتقاد أنّ التغيير يستقيم بمنطق الغلّ وتصفية الحسابات كما يمارس البعض. لذلك، ندعو سماحة مُفتي الجمهورية إلى إطلاق مبادرة تجمع رموز الطائفة لبحث هذا الأمر الذي يُعدّ من الأولويّات».
وتوجّه إلى رئيس الحكومة سعد الحريري «بكلّ محبة وبكلّ وضوح» بالقول: «إنّنا كلّنا معك في حفظ مواقع وحقوق الطائفة، بغضّ النظر عن توافقنا أو اختلافنا في السياسة. فحذار حذار من المزيد من التنازلات»، متسائلاً: «ما هو الحلّ؟ وما هي الوسيلة لإصلاح هذا الخلل الوطني الخطير … ؟». وقال: «الحلّ، حصراً وقطعاً، لا يكون سوى عبر الانتخابات النيابيّة وفق قانون انتخابات يعتمد النسبيّة، ويعيد الانتظام الجدّي للعمل الديمقراطي، ولا يخاطر بإلغاء أحد، فلا يقوم هذا الوطن على الحذف والإلغاء. كلّ هذا لا يستقيم من دون قانون انتخابات يحترم الخصوصيات اللبنانية، ويحترم التنوّع اللبناني، ويحترم الدستور والنظام الديمقراطي، ويحترم الشعب مصدر السلطات، وقبل كلّ ذلك، قانون يخاف الله».
أضاف: «وعندما نصل إلى قانون النسبيّة يحتجّون بوجود السلاح، ويقولون لا للنسبيّة لوجود السلاح، إنّهم يضحكون على الناس، إنّها كذبة غير موفّقة للأسف. وهي كذبة تناقض المطلب التاريخي للطائفة السنّية، بالنسبيّة، وبإلغاء الطائفيّة السياسية، وهما تقرّرا في اتفاق الطائف، ولكن جرى تقويض الطائف»، وقال: «لا أجد مبرّراً لبعض القوى في خوفها من النسبيّة وتسويق هواجسها من تناقص حضورها السياسي بسبب تقلّص كتلها النيابيّة، بل إنّ التضخّم الحاصل في بعض هذه الكتل هو الذي يتسبّب بأزمة وطنية لها وللجميع. مجدّداً أسأل، ما هو الحلّ إذا لم تصل قوى السلطة إلى القانون المنشود؟ الحلّ الوحيد هو النضال بكلّ الوسائل السلمية والقانونية والشرعية، واستنهاض القوى الحيّة في المجتمع، وتحفيز النخب على التحرّك، والعمل على إيقاظ الوعي الشعبي».