المملكة المتحدة تنجو من امتحان تاريخي… اسكتلندا ترفض الاستقلال
رفضت اسكتلندا الاستقلال في استفتاء تاريخي هدد بتقطيع أوصال المملكة المتحدة وببث الاضطراب في القطاع المالي وتقليص ما تبقى من نفوذ بريطانيا في العالم، لكنها في الوقت ذاته تتطلع إلى سلطات جديدة أوسع.
وبدد التصويت لمصلحة الاتحاد الذي تشكل قبل 307 سنوات بواعث قلق ملايين البريطانيين ومن بينهم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي كان منصبه أيضاً على المحك، فضلاً عن الحلفاء الذين روعهم احتمال انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة في مختلف أنحاء العالم.
وبعد إعلان نتائج 31 دائرة انتخابية من أصل 32 دائرة حصل دعاة الانفصال على 45 في المئة من الأصوات، بينما حصل أنصار البقاء في المملكة على 55 في المئة من الأصوات. ومع ذلك اتفق قادة سياسيون من مختلف الأطياف على أن بريطانيا سوف تتغير إلى الأبد.
وأكدت رئيسة مقر فرز الأصوات ماري يتكيتلي رسمياً خسارة مؤيدي الاستقلال، معلنة أن النتائج النهائية للاستفتاء تشير إلى أن مليوني وألفي شخص تقريباً، أي ما نسبته 55,3 في المئة من سكان اسكتلندا عارضوا الانفصال عن بريطانيا، بينما صوت مليون وحوالى 618 ألفاً، أي 44,7 في المئة لمصلحة الاستقلال، مضيفة أن 51,84 في المئة من سكان اسكتلندا الذين يحق لهم التصويت شاركوا في الاستفتاء.
وهلل مؤيدو الاتحاد وتبادلوا القبلات واحتسوا النبيذ والجعة في غلاسكو أكبر مدينة في اسكتلندا، حيث فاز الانفصاليون في حين اعترف الرئيس القومي أليكس سالموند بالهزيمة في إدنبره التي دعم الناخبون فيها الوحدة مع المملكة المتحدة.
وقال سالموند: «قررت اسكتلندا بالغالبية ألا تصبح دولة مستقلة في هذه المرحلة. أقبل حكم الناس هذا وأدعو اسكتلندا كلها إلى أن تحذو حذوي في قبول القرار الديمقراطي لشعب اسكتلندا».
وأمام مقر إقامته في لندن قال كاميرون أمس إن مسألة استقلال اسكتلندا حسمت لجيل، وأضاف: «لا يمكن أن تكون هناك خلافات أو إعادة… استمعنا إلى الإرادة الراسخة للشعب الاسكتلندي».
وعلى حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قال كاميرون: «تحدثت للتو مع رئيس الحزب القومي الاسكتلندي أليكس سالموند وهنأته على الحملة الشرسة. أنا سعيد لأن الحزب القومي الاسكتلندي سينضم لمحادثات نقل السلطات».
وفي وقت سابق أمس، أوضح نائب رئيس الوزراء نيك كليج أنه يريد من الحكومة نقل سلطات جديدة لاسكتلندا، قائلاً إن رفض الاسكتلنديين للاستقلال يعكس ضرورة المضي في إصلاح دستوري أوسع في مختلف أنحاء بريطانيا. وقال: «أنا سعيد للغاية أن الشعب الاسكتلندي اتخذ هذا القرار بالغ الأهمية للحفاظ على الأسرة التي تضم بلادنا للأجيال المقبلة».
وألهبت الحملة من أجل الاستقلال حماس اسكتلندا التي يقطنها 5.3 مليون نسمة، لكنها أيضاً فرقت بين الأصدقاء والأسر من الجزر الاسكتلندية النائية بالمحيط الأطلسي إلى مدينة غلاسكو.
وعلى رغم تجنب تفكك المملكة المتحدة سادس أكبر اقتصاد في العالم والعضو الدائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يعترف حكام بريطانيا بأن استفتاء اسكتلندا سيؤدي إلى إعادة تشكيل الاتحاد.
وأمام صورة عملاقة للعلم الاسكتلندي بلونيه الأبيض والأزرق، أقر سالموند بهزيمته لكنه دعا السياسيين البريطانيين في لندن إلى الوفاء بوعدهم الذي أطلقوه في اللحظات الأخيرة قبيل الاستفتاء بمزيد من الصلاحيات لاسكتلندا. وأضاف قبل أن يحني رأسه: «ستتوقع اسكتلندا التزام ذلك بسرعة».
وكانت استطلاعات الرأي أظهرت زيادة في مساندة الانفصال قبل أسبوعين من الاستفتاء، ما أدى إلى تعهد بريطاني سريع منح مزيد من الصلاحيات لاسكتلندا في خطوة أثارت غضب بعض النواب الإنكليز.
وفي محاولة لاحتواء الغضب تعهد كاميرون التوصل إلى تسوية دستورية جديدة من شأنها أن تمنح اسكتلندا السلطات التي وعد بها وتعطي أيضاً صلاحيات لإنكلترا وويلز وإيرلندا الشمالية.
من جهة أخرى، رحب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فو راسموسن ببيان كاميرون بعد أن رفض الاسكتلنديون الانفصال. وقال: «المملكة المتحدة عضو مؤسس في حلف شمال الأطلسي وأنا على ثقة في أن المملكة المتحدة ستواصل الاضطلاع بدور قيادي في الحفاظ على قوة الحلف… أرحب ببيان رئيس الوزراء كاميرون بأن المملكة المتحدة ستبقى دولة موحدة».
وفي السياق، أشاد رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو برفض اسكتلندا للاستقلال عن بريطانيا باعتباره نتيجة إيجابية لأوروبا.
وقال باروزو في بيان أمس: «أرحب بقرار الشعب الاسكتلندي الحفاظ على وحدة المملكة المتحدة. النتيجة جيدة لأوروبا الموحدة المنفتحة الأقوى التي تمثلها المفوضية الأوروبية».
وفي تصريح يشير لدعوات داخل بريطانيا ولا سيما إنكلترا للانفصال عن الاتحاد الأوروبي قال باروزو: «ترحب المفوضية الأوروبية بحقيقة أنه على مدى الأعوام المنصرمة كررت الحكومة الاسكتلندية والشعب الاسكتلندي التزامهما تجاه أوروبا».
وفي مدريد رحب رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بنتيجة الاستفتاء قائلاً إنها أفضل نتيجة لأوروبا. وقال: «تفادى الاسكتلنديون تداعيات اقتصادية واجتماعية ومؤسسية وسياسية خطيرة».