ريشا إلى الحرية سالماً ووزراء وشخصيات سياسية وروحية أمّت منزله مهنّئة وخطة أمنيّة شاملة للبقاع للقضاء على عصابات الخطف والسرقة
بعد ثلاثة أيام على اختطافه من أمام متجره في قب الياس، أُفرج فجر أول من أمس عن سعد ريشا من دون دفع فدية مالية.
وقد جاء هذا الإنجاز نتيجة مفاوضات ووساطة قادها مسؤول البلديات في حركة أمل بسام طليس، بتكليف من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي. وبعد ترك ريشا، أبلغ طليس بمكان وجوده، وعمل على نقله إلى مركز مخابرات البقاع في ثكنة أبلح ومن هناك نقله رئيس فرع مخابرات البقاع العميد علي عواركة مع طليس إلى منزله في قب الياس، حيث كان في استقباله حشد من الأهل والأصدقاء.
وشكر ريشا «جميع المسؤولين الذين عملوا جاهدين للإفراج عنه»، كما شكر الخاطفين لأنّهم «لم يذلّوني ولم يتعرّضوا لي بالسوء، وكانت معاملتهم لي جيدة».
وأكّد أنّه منذ لحظة اختطافه ووضعه في السيارة لم يرَ أيّ شيء إلى حين عودته إلى منزله.
بدوره، هنّأ طليس ريشا لعودته سالماً إلى منزله، وقال: «كلّفني الرئيس برّي التعاون مع العميد علي عواركة للإسراع في الإفراج عن ريشا»، مؤكّداً «أنّه لم يتمّ دفع أيّ فدية، ولم نفاوض حول هذا الموضوع، ذلك أنّ لا كرامة الرئيس برّي، ولا كرامة الأجهزة الأمنيّة والعسكرية ولا كرامات أهل البقاع وفاعليّاتها تسمح بالتكلّم عن دفع فدية مالية مقابل الإفراج عن سعد ريشا».
وناشد طليس الدولة «أن تقف بحزم اتجاه أبنائها وناسها»، شاكراً الأجهزة الأمنيّة ومطالباً «بمزيد من الاهتمام والتخفيف عن الناس، لأنّ ليس من المطلوب أن نقوم بوساطات لا نحن ولا غيرنا».
مهنّئون ومواقف
وعقب عودة ريشا إلى الحرية، تلقّى التهاني من عدد من الشخصيات السياسية، التي شدّدت على أهميّة تطبيق خطّة أمنيّة لتوقيف المجرمين والمخلّين بالأمن وحماية المواطنين وصون استقرار البلاد.
وفي السِّياق، أجرى رئيس الحكومة سعد الحريري اتصالاً هاتفياً بعائلة ريشا، مهنّئاً بسلامته ومطمئنّاً إلى صحته.
وأبدى الحريري اهتمامه الشخصي بكلّ ملابسات عملية الخطف، مؤكّداً متابعته سير التحقيقات الجارية في خصوصها حتى النهاية، تمهيداً لملاحقة الخاطفين وإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصّة.
من جهته، توعّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خاطفي ريشا باقتراب لحظة القبض عليهم، وبإنهاء ظاهرة الخطف واجتثاثها من البقاع ومن كلّ لبنان. وكشف أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي هو أوّل المطالبين بذلك.
وأكّد في بيان وزّعه مكتبه الإعلامي، أنّه اتّصل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيسَين برّي والحريري، واتُّفق على توجيه تحية إلى أهالي بريتال على موقفهم المشرّف باستنكار الجريمة وإدانتها دفاعاً عن العيش المشترك في البقاع.
وقال: «إنّ إطلاق سراح ريشا لا يعني أبداً وقف ملاحقة الخاطفين، بل إنّه لا تراجع قبل سوقهم امام العدالة لمحاسبتهم وإنزال أشدّ العقوبات بهم»، مؤكّداً أنّ «لا تسوية مع الخاطفين أو غيرهم من المجرمين المرتكبين، وأنّ الرؤساء الثلاثة يتابعون هذا الموضوع جملةً وتفصيلاً إلى حين إنهاء هذه الظاهرة من البقاع وكلّ لبنان».
وهنّأ وزير العدل سليم جريصاتي عائلة ريشا والبقاع بالإفراج عن ريشا، خلال زيارة إلى منزل الأخير في قب الياس. وقال: «أنا اليوم في البقاع لأقول إنّنا جميعاً متكّئون على جبل اسمه فخامة الرئيس العماد ميشال عون، الذي منذ اللحظة الأولى للخطف تواصل مع الوزراء المختصّين ومع الأجهزة المختصة القضائية والأمنيّة والعسكرية، وبتوجيهات واضحة قال: «أريده الآن الآن الآن سالماً معافى»، مردفاً: «هذه أول حادثة خطف تحصل في بداية هذا العهد الواعد الصادق القوي، وبالتالي أدّى الرجل قسطه اتجاه خطاب القسَم عندما قال عمود الاستقرار هو الأمن، ومن ثمّ السياسة، ومن ثمّ الاجتماع والاقتصاد والمال».
وتابع: «الأمن أولاً وأخيراً، وهذه الآفة التي تضرب بقاعنا الحبيب وخاصّة البقاع الشمالي ستتوقّف. لا تفاوض مع المجرمين والقتلة، وأنا كوزير عدل أتعهّد الملاحقة المستمرّة، ولدى الأجهزة أسماء وجزء منها معروف، وأعدكم بأنّ العدالة سوف تأخذ مجراها لأهل البقاع».
وزار وزير الإعلام ملحم الرياشي منزل ريشا مهنّئاً بسلامته. وعقب الزيارة، أكّد الرياشي أنّه «ستكون هناك خطة أمنيّة شاملة ستُدرس في مجلس الوزراء للقضاء على عصابات الخطف والسرقة في المنطقة».
ورأى النائب نقولا فتوش، أنّ «عملية الخطف الدنيئة والفاجرة التي تعرّض لها رجل الأعمال سعد ريشا، والمفاوضات والتحرّكات التي أدّت إلى إطلاق سراحه، تُظهر مرّة جديدة حالة الفلَتان الأمني التي نعيشها منذ فترة طويلة».
وقال في بيان: «أن يُقْدم مجرمون معروفون بالأسماء والعناوين على خطف مواطن آمن مسالم من أمام منزله وفي وضح النهار، وفي منطقة تشهد حركة دائمة وحضوراً أمنيّاً، هو طعنة للعهد الجديد ولحكومة رفعت شعار استعادة الثقة، وهو مؤشّر خطير لما يمكن أن يحدث في المقبل من الأيام».
وسأل: «كيف يمكن لسائح، في ظلّ حال الفلَتان والفوضى، أن يتجرّأ على زيارة لبنان؟ وكيف يمكن لمغترب أن يأتي إلى أهله وأصدقائه؟ وكيف يمكن لمستثمر أن يغامر بثروته عندما تتغاضى الوزارات والقوى الأمنيّة عن القيام بواجباتها؟ وكيف يمكن لمواطن أن يؤمّن على حياته بينما المجرمون والعصابات المسلّحة يسرحون ويمرحون من دون رادع أو وازع، معتدين على حريّات المواطنين وأملاكهم وأرزاقهم واستثماراتهم؟».
وهنّأ ريشا على إطلاق سراحه وعودته سالماً إلى أهله ومحبّيه، وحيّا «أهلي في زحلة وفي كلّ المناطق على وقفتهم التضامنية الرائعة»، مثنياً على «الموقف المشرّف لدولة الرئيس نبيه برّي، ولكلّ الفعاليات البقاعية التي رفضت وترفض الممارسات المسيئة للجميع»، وناشد «المعنيّين التعاون من أجل اقتراح تعديلات قانونية تُنزل أشدّ وأقصى العقوبات بكلّ من يبادر إلى احتجاز حرية المواطن والتعدّي على أملاكه واستثماراته».
وفي السِّياق نفسه، أكّد الوزير السابق خليل الهراوي، أنّ «عملية خطف المواطن سعد ريشا وعودته سالماً إلى أحضان عائلته جاءت لتؤكّد مجدّداً تضامن المجتمع البقاعي وخروجه من الانقسامات الطائفيّة والمناطقيّة، بدليل أنّ ردود الفعل العفوية للشباب، التي سُجّلت في أعقاب عملية الخطف، سرعان ما لاقتهم فيه فاعليات كلّ القرى إلى أيّ فئة انتمت».
وقال الهراوي في تصريح: «وما دعوة مُفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، ووقفة أهالي بلدة بريتال التضامنيّة وموقف القوى السياسية والروحية والاجتماعية الحازم من عمليّة الخطف والخاطفين والخارجين على القانون، إلّا تأكيد على وحدة الحال والمصاب عند أيّ حدث أو مكروه».
وإذ شكر «كلّ القوى السياسية والأجهزة الأمنيّة، ولا سيّما رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب ورئيس الحكومة على مواكبة عملية الخطف لحظة بلحظة»، لفتَ الهراوي الانتباه إلى أنّ «البقاعيّين أثبتوا حرصهم على أمنهم الاجتماعي وتضامنهم مع بعضهم البعض ونبذهم كلّ خارج على القانون ولكلّ معكّر لاستقرارهم، لذا بات على الدولة أن تواكبهم في مسارهم هذا، فتطبّق الخطة الأمنيّة التي عُهد إلى وزارة الداخلية تطبيقها وصولاً إلى استقرار أمنيّ كامل وشامل يعيد للبقاع دوره الريادي في مجالَي السياحة والاقتصاد».
بدورها، هنّأت بلدية زحلة معلقة وتعنايل ريشا وعائلته بعودته سالماً، شاكرةً جميع الزحليّين والبقاعيّين الذين أظهروا تضامن وتماسك العائلة البقاعيّة بكلّ أطيافها.
ووجّهت «الشكر الأكبر إلى رئيس الجمهورية وأساقفة المدينة ونوّابها وفاعلياتها على اهتمامهم ومتابعتهم الحثيثة للموضوع، إضافة إلى الجيش اللبناني وكلّ القوى الأمنيّة ضباطاً وأفراداً على المجهود الكبير الذي قاموا به، متمنّين عليهم الإسراع بتطبيق الخطة الأمنيّة في منطقتنا، عسى أن يتحرّر بلدنا من المجرمين المستهترين بحياة الوطن والمواطن».
وختمت البلدية موجّهةً «شكراً خاصّاً إلى الرئيس نبيه برّي للجهود التي قام بها، والتي ساهمت بشكل مباشر في عودة سعد ريشا سالماً معافى إلى أهله ومحبّيه».
لقاء موسّع في مطرانيّة زحلة المارونيّة
من جهةٍ أخرى، استقبل راعي أبرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوّض، في حضور أساقفة زحلة: المطران عصام يوحنا درويش، المطران أنطونيوس الصوري والمطران يوستينوس بولس سفر، في دار المطرانية في زحلة – كسارة، راعي أبرشيّة بعلبك للروم الملكيين الكاثوليك المطران إلياس رحّال وراعي أبرشيّة بعلبك ودير الأحمر المارونية المطران حنا رحمة، ووفداً من اللقاء التشاوري الوطني والعشائري لعائلات بعلبك – الهرمل والمجتمع المدني، يتقدّمه المُفتي الشيخ عبدو قطايا، والشيخ عمر يحيى ممثّلاً مُفتي بعلبك الشيخ خالد صالح، والشيخ مشهور صلح والشيخ سعدون حمية.
وأعلنت مطرانيّة زحلة المارونية، في بيان، أنّ اللقاء هدف إلى تبادل التهنئة بإطلاق سراح ريشا وعودته سالماً، والتنديد بكلّ الأعمال الإجرامية التي يتعرّض لها المواطن اللبناني.
وتمّ «الاتفاق على القيام باجتماعات مماثلة، إذ إنّها تعطي صورة حقيقيّة عن لبنان الحضاري القائم على العيش المشترك بين المسيحيّين والمسلمين».
وطالب المجتمعون الدولة بـ«اتخاذ التدابير الاحترازيّة التي تمنع مثل هكذا اعتداءات في المستقبل».
وبعد اللقاء، ذهب المجتمون لزيارة ريشا في منزله لتهنئته بعودته سالماً.
ولاحقاً، أصدر «اللقاء التشاوري الوطني لعشائر وعائلات بعلبك الهرمل»، بياناً عن الزيارة، جدّد فيه الإعراب عن «استيائه ورفضه لعمليّات الخطف التي تديرها عصابات منظّمة بعيدة كلّ البعد عن القِيم الإنسانية، وعادات وأصالة عائلات وعشائر المنطقة»، وتشديده على «أنّ الخاطفين لا يمثّلون إلّا أنفسهم فقط».