ترامب فعل خلال دقائق ما لم يفعله أوباما في ثماني سنوات

كتب بوعز بسموت في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبريّة:

«هذا هو يومكم، وهذه أعيادكم وهذه دولتكم»، هذا ما قاله أمس الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، دونالد ترامب، لمئات الآلاف الذين جاؤوا من أرجاء الولايات المتحدة إلى واشنطن كي يكونوا جزءاً من هذا اليوم التاريخي: مراسيم أداء القسم للرئيس الأكثر تميّزاً في تاريخ الولايات المتحدة، دونالد ترامب.

إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الجديد أمس على منصة الكابتول لم يبق أميركا غير مبالية، سلباً وايجاباً، ومن ينتقدونه في وسائل الإعلام وفي اوساط الليبراليين، اعتبروا أن هذا الخطاب فيه شيء من العنصرية والقوة ودعوة للانقسام والانفصال عن العالم والقومية المتطرفة والعودة إلى الثلاثينات من القرن الماضي. وهناك من لاحظ الشبه بين ترامب وباين في أعقاب وعوده بإعادة القوة إلى الشعب. وباين هو الشخص السيئ في فيلم «بات مان».

لكن المواطن الذي احتفل في الشارع والذي صوّت لترامب في 8 تشرين الثاني، اعتبر خطاب الرئيس تعبيراً عن الوطنية والتفاخر الأميركي ودعوة الوحدة عندما تكون أميركا موحدة لا يمكن وقفها، كما جاء في الخطاب . المواطن يعتبر أن ترامب لا يشبه باين، بل هو أقرب إلى «سوبرمان».

وقد شمل الخطاب تحليلاً تاريخياً: للرئيس أندرو جاكسون القوة للشعب ، والرئيس توماس جفرسون بغضّ النظر إذا كنّا سوداً أو بيضاً، جميعنا لنا دم وطني، جاء في الخطاب ، والكثير من الاستقلالية عن المؤسّسة والحزب من قبل الرئيس الـ45، الامر الذي لم يكن موجوداً منذ الخمسينات، منذ عهد آيزنهاور في البيت الابيض.

التحرّر من الحزب والمؤسسة مكّن ترامب في خطابه الأوّل بعد أداء القسم من مهاجمة المؤسّسة التي تدافع عن نفسها على حساب الانسان العادي، خصوصاً المواطن المنسيّ الذي يريد ترامب أن يمثله. لا شك في أنّ حملة دونالد ترامب مستمرة. ويبدو أنها لن تنتهي أبداً، حتى بعد 4 إلى 8 سنوات في البيت الابيض. «لقد كان هذا خطاب عنّا لا عن المؤسّسة»، قال لي جون أندرسون، الذي وصل من أجل سماع خطاب ترامب ومشاهدة المراسيم.

المواطن الأميركي الذي التقيت معه هنا، من تكساس ومن أوهايو ومن ميشغن، اعتبر خطاب ترامب مصدراً للفخر وعودةً إلى الجذور، العودة إلى ما كانت عليه أميركا التي تطمح لأن تكون نموذجاً للعالم الحرّ، لا أميركا التي تهرب من دورها الأخلاقي. أميركا التي تعتبر نموذجاً أخلاقياً للعالم، لا العالم الذي يشكل نموذجاً أخلاقياً لأميركا.

رئاسة ترامب تثبت أن هناك شيئاً ما تشوّش لدى المواطن الأميركي خلال سنوات أوباما الثماني. وترامب يريد إعادة القيم الأميركية من المخزن إلى الرفّ. وفي يومه الأول في الغرفة البيضوية أعاد ترامب تمثال رأس ونستون تشرتشل الذي أزاله أوباما ووضع مكانه تمثال مارتن لوثر كينغ، حيث وجد ترامب مكاناً للاثنين.

الله أيضاً عاد إلى الغرفة البيضوية. الرئيس الملياردير والعلماني منح الايمان مكانة محترمة في إدارته، وهذا سبب آخر للغضب الليبرالي. لقد اعتقدوا أن أوباما قد أعفاهم من هذه المؤسّسة التي تسمّى «الدين». ولكن الفجوة بين الأميركي العادي وبين المخلّل الذي يوجد في الاستوديوات، ستستمر على مدى ولاية دونالد ترامب. وقد وجد الرئيس الجديد طريقة جديدة من أجل تجاوز ستوديوات «CNN»، و«MBC»، و«ABC»، وصحيفة «نيويورك تايمز»، حيث كانوا في حداد قبل يومين، من خلال 140 خطّاً. وترامب ينوي الاستمرار في التغريد.

خطاب ترامب في تلّ «كابتول» كان خطاباً مفصلياً واستمراراً مباشراً لخطاب إعلان ترشحه للرئاسة في حزيران 2015. لقد فعل ترامب كل ما كان سيفعله رجل أعمال أو سياسيّ من أجل الحصول على التأييد: طرح مشكلة والتحدّث عن الحلّ وإثبات أنه الأفضل، لا بل الوحيد، الذي يمكنه حلّها. وهذا ما فعله أثناء حملته من خلال حلّ الجدار الخاص بالمكسيك ومنع الهجرة من الدول الخطيرة مثلاً، وهذا ما فعله الآن بالضبط. إذا كان يمكن إعطاء عنوان لخطابه فهو «أنا هنا، وأعرف كيف يمكن تجفيف المستنقع، وأنا الشخص الأكثر ملاءمة لفعل ذلك لأنني لا أتعلّق بأيّ واحد في هذا المستنقع».

إن من يزعم أن ترامب لم يتغيّر مقارنة مع الحملة، مخطئ. فقد ألقى ترامب خطابه بلا انفعال واقترح هدفاً إيجابياً وتحدث عن الوحدة مرّات عدّة. «سواء كان الشخص أسود أو أبيض، نحن جميعاً لنا دماء وطنية. لقد حان الوقت لتذكر هذه الحكمة وعدم نسيانها، مثلما أن جنودنا لن ينسوها أبداً»، قال. واقتبس ايضاً من الدين: «ها هو الجيد والسيّئ في عودة الاخوة معاً». هل هذا خطاب انفعاليّ؟ لقد رأينا من جديد الفجوة بين وسائل الإعلام الممأسسة وبين الانترنت، حيث قيل هناك إن هذا هو الخطاب الافضل حتى الآن على مستوى الظهور وعلى مستوى الجدية في المضمون. لم يكن أي شيء استفزازياً في الخطاب كما كانت الحال في الحملة الانتخابية. ومن اعتبر دعوة «أميركا أولاً» تذكيراً باللاسامية سنقوم بإرساله إلى الليبراليين كارهي «إسرائيل» في أوروبا وفي الجامعات الأميركية أو إلى الجمهور الذي رأيته منذ يومين وعدد ممّن يضعون القبعات الذين جاؤوا لتقديم التحية لترامب، بمن فيهم حاخامات كثيرون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى