الجعفري يتّهم وفد الجماعات المسلّحة بمحاولة تقويض محادثات أستانة بالدفاع عن «النصرة»
اتّهم رئيس وفد الحكومة السورية إلى مفاوضات أستانة الدكتور بشار الجعفري وفد الجماعات المسلّحة بعدم احترام الاتفاقيات الموقّعة والدفاع بدلاً من ذلك عن «جبهة النصرة»، قائلاً من جهة ثانية إنّ أجندة المحادثات لا تزال حتى الآن غير جاهزة.
وفي مؤتمر صحافي بعد الجلسة الأولى من محادثات أستانة، وصف الجعفري الجلسة بأنّها كانت جيدة، قائلاً «إنّ اجتماعات أستانة ستكون حدثاً مهمّاً للتحضير للتسوية السياسية».
الجعفري قال إنّ وفد الجماعات المسلّحة «الإرهابية» خرج عن اللباقة الدبلوماسيّة لدى خروجه من القاعة، كما أنّ كلمة رئيسه «اتّسمت بالخفة وبالاستفزاز، وبالدفاع عن جرائم الحرب التي ترتكبها جبهة النصرة» مؤكّداً «أنّنا لن نكون جزءاً من أيّ سيناريو لإفشال المؤتمر».
رئيس وفد الحكومة السورية رأى أنّ «عدم حرفيّة وفد الفصائل المسلّحة وسوء استخدامه من قِبل مشغّليه يرمي إلى تقويض لقاء أستانة»، مشيراً إلى أنّ «تركيا هي الجهة الراعية للجماعات الإرهابيّة في المؤتمر».
الجعفري قال إنّ الجلسة الصباحية كانت عبارة عن بيانات رسميّة للوفود، و«لم ندخل بعد في صلب المحادثات»، مشيراً إلى أنّ الوفد السوري حضر إلى أستانة بناءً على أجندة، لكنّ هذه الأجندة «غير ثابتة وغير جاهزة» حتى الآن على حدّ قوله.
وكانت جولة مباحثات أستانة حول سورية أنهت يومها الأول أمس من دون تحقيق خرق يُذكر، علماً أنّ مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا قال إنّه «ينتظرنا عمل كثير هذه الليلة».
وكان أُفيد بانتهاء الجلسة الأولى غير المباشرة بين وفدَي الحكومة السورية والجماعات المسلّحة في إطار المفاوضات التي انطلقت أمس في العاصمة الكازاخية من أجل التوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية المستمرّة منذ أكثر من خمس سنوات.
وتفاوض الوفدان اللذان تواجدا في غرفتَين منفصلتين من خلال وسيط، حيث أوكِل دور الوساطة للمبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا وممثّلي الوفدين الروسي والتركي. كما شهد اليوم الأول محادثات ثلاثيّة عُقدت بين الوفد التركي والروسي والإيراني.
وبدأت المباحثات في كازاخستان بجلسة افتتاحية عامّة استُهلّت بكلمة للرئيس الكازاخي ألقاها وزير خارجيّته خيرات عبد الرحمنوف، الذي أمل أن تحقّق المباحثات خرقاً في الأزمة السورية، مشيراً إلى «أنّ بلاده تعمل كوسيط محايد في مختلف اللقاءات». وقال عبد الرحمنوف «إنّ الحوار هو السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية».
وفي كلمته، شدّد رئيس الوفد السوري بشار الجعفري على ضرورة أن يكون الاجتماع سوريّاً سوريّاً بامتياز، قائلاً «إنّ الهدف من الاجتماع تثبيت وقف الأعمال القتاليّة في كامل سورية، باستثناء داعش والنصرة». وأشار إلى أنّ «التثبيت يتمّ من خلال الفصل بين التنظيمات الموقّعة والراغبة بالتوجّه إلى المصالحة».
ورأى الجعفري أنّ محاربة الإرهاب في سورية تتطلّب إغلاق الحدود مع تركيا، معتبراً أنّ اجتماع أستانة هو ثمرة لجهود مشتركة من قِبل أطراف عدّة، ولا سيّما الأصدقاء في سورية وإيران، على حدّ قوله.
من جهته، اشترط رئيس وفد الجماعات الإرهابية محمد علوش وقف العمليات العسكرية في كامل سورية وإيصال المساعدات والدفع بالانتقال السياسي، مضيفاً أنّه «لم تكن هناك مفاوضات مباشرة مع وفد الحكومة السورية حتى الآن».
رئيس الوفد الروسي شدّد على ضرورة أن تكون حماية وحدة الأراضي السورية وعدم التحوّل إلى دولة عقائدية من أولى الأولويّات، آملاً التوصّل إلى أجواء مناسبة تمهّد لاستئناف مفاوضات جنيف. وأضاف ألكسندر لافرينتيف: «تمكّنا من إحداث تغييرات في سورية بعد هزيمة «داعش» و«النصرة» في مناطق عدة»، ومن خلال «إقرار الهدنة وتوقيع ثلاث اتفاقيّات».
من جهته، قال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري، الذي يمثّل وفد بلاده في المحادثات: «إنّ استراتيجية العواصم الثلاث طهران وموسكو وأنقرة لتسوية سياسيّة للأزمة السورية ستستمر لحين التوصّل إلى نتيجة».
وأكّد أنصاري ضرورة الحفاظ على وحدة سورية واستقلالها، وحقّ الشعب السوري أن يقرّر مستقبله بنفسه.
الموقف الأميركي عبّر عنه سفير الولايات المتحدة في أستانة جورج كرول، الذي قال: «إنّ أميركا متمسّكة بالتوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة السوريّة يجمع أكبر قدر من السوريّين»، مشيراً إلى أنّه «سيكون هناك لقاء سوريّ في جنيف الشهر المقبل»، في إشارة إلى المحادثات المرتقبة.
بدوره، رأى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أنّ نجاح مفاوضات أستانة يفتح الطريق أمام استئناف محادثات جنيف، داعياً الدول الضامنة للقاء أستانة إلى إيجاد آليّة لمراقبة نظام وقف إطلاق النار. وأكّد دي ميستورا على ضرورة حلّ المسائل الإنسانية في سورية، قائلاً إنّ «الأمم المتحدة لا تريد ليبيا أخرى».
وبعد انتهاء الجلسة الأولى، قال رئيس الوفد الروسي «إنّ موسكو راضية بصورة عامّة عن نتائجها».
وتأخّر انطلاق الجلسة الافتتاحية 40 دقيقة بسبب خلافات كبيرة على الكلمات، وفق مصادر قريبة من وفد المجموعات الإرهابية، الذي اعترض على شكل الجلوس إلى طاولة واحدة مستديرة، وعلى وجود كلمة للمندوب الإيراني.
هذا، وأعلن التلفزيون الكازاخي الرسمي أنّ وفدَي الحكومة والمعارضة السوريَّين التقيا وزير الخارجية الكازاخي في أستانة، حيث ستجري المحادثات وراء الأبواب المغلقة ليومين.
ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن نائب وزير خارجية كازاخستان، أنّه «لا يوجد ممثّل لجميع وفود المعارضة، وهم لا يمتلكون استراتيجيّة منسّقة موحّدة»، موضحاً أنّ «لدينا 15 فصيلاً مشاركاً، ولا يحقّ لأحد أن يتحدّث نيابةً عن المعارضة كلّها». وأضاف: «نأمل أن نتمكّن من مساعدة الأطراف على إيجاد أرضيّة مشتركة وتعزيز وقف إطلاق النار»، مشيراً إلى أنّ «الغرض الرئيسي من المحادثات في أستانة هو تشكيل أساس متين لاستئناف المفاوضات على نطاق كامل في جنيف، والذي سيُعقد في مطلع شباط المقبل تحت رعاية الأمم المتحدة».
وقُبيل انطلاق المحادثات، اجتمع وفد الحكومة السورية مع الوفدين الإيراني والروسي، كلّ على حِدة. كما التقى مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا، وانتهى الاجتماع بالتأكيد على «ضرورة الإعداد الجيّد والترتيبات النهائيّة قبل افتتاح اجتماع أستانة».
وسبق ذلك اجتماع عقده وفد الحكومة السورية الأحد مع الوفد الروسي بعد لقاء ثلاثي روسي إيراني تركي في العاصمة الكازاخية. وبحسب مصادر إعلامية، فإنّ الاجتماع الثلاثي استمرّ لخمس ساعات. كما عقد وفد الحكومة السوريّة برئاسة بشار الجعفري لقاءً دام ساعتين مع الوفد الروسي.
وكان رئيس الوفد الروسي للمفاوضات ألكسندر لافرينتيف، أكّد أنّ روسيا ستعقد محادثات مع وفدَي الحكومة السورية والمجموعات المسلّحة. وأشار إلى أنّ الاتفاق على المحاور المختلفة وعلى الوثيقة الختامية للمحادثات ما زال مستمرّاً.
وشدّد على أنّ روسيا مستعدة لتقديم الدعم اللازم للتوصّل إلى نتائج جيدة للحلّ في سورية، وأنّها تفضّل الحديث عن نقاط اللقاء في المحادثات وليس عن العوائق.
ميدانيّاً، تتواصل العمليات العسكرية التي ينفّذها الجيش السوري على عدد من جبهات القتال ضدّ «داعش»، وأعلن مصدر عسكري سوريّ أنّ وحدات الجيش حقّقت تقدّماً جديداً في منطقة المقابر جنوب مدينة دير الزور.
وقال المصدر أمس، إنّ وحدات الجيش أحكمت سيطرتها على إحدى التلال الحاكمة بعد تكبيد الإرهابيين خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد، وأشار إلى أنّ وحدات من الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة وسّعت يوم الأحد من نطاق عملياتها فى منطقة المقابر، وطوّقت إرهابيّي «داعش» فى منطقة المعامل وسريّة جنيد وقضت على العشرات منهم ودمّرت أسلحة وذخائر كانت بحوزتهم، كما تمكّنت وحدة من الجيش من القضاء على مجموعات إرهابيّة تسلّلت إلى الخنادق القريبة من منطقة البانوراما على المدخل الجنوبي لمدينة دير الزور.
واستهدف الطيران الحربي مواقع مسلّحي «داعش» في محيط مطار دير الزور العسكري وقريتَي الجفرة والمريعيّة وأطراف دوار البانوراما عند مدخل المدينة الجنوبي مع استمرار الاشتباكات بين الجانبين في محور دوار البانوراما، وسط أنباء عن استقدام الجيش السوري مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.
وألقت طائرات شحن عدّة حاويات تحوي مواد غذائية ومساعدات إنسانية على منطقة السكن الشبابي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية جنوب مدينة دير الزور، بينما نفّذت طائرات حربية عدّة غارات على مواقع «داعش» في مدينة الميادين وفي مدينة موحسن وبلدة البوليل بالريف الشرقي لدير الزور.
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الروسيّة عن إقلاع 6 قاذفات استراتيجيّة من الأراضي الروسية قصفت مواقع لـ«داعش» في دير الزور.
وقال مصدر في الوزارة الاثنين 23 كانون الثاني: «أكّدت وسائل الرقابة الموضوعيّة إصابة الأهداف المحدّدة»، موضحاً أنّ القاذفات من طراز «تو 22 أم 3» دخلت أجواء سوريّة عبر أجواء إيران والعراق.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية، أنّ القاذفات بعيدة المدى نفّذت مهمّتها بدعم من مقاتلتين من نوع «سو-35 أس أم» و«سو-35 أس» أقلعتا من مطار «حميميم»، مشيرةً إلى أنّ كافة الطائرات الحربية الروسية عادت إلى مطاراتها بعد تنفيذ المهمّة بنجاح.
وفي تدمر، دارت اشتباكات عنيفة بين وحدات من الجيش السوري وعناصر تنظيم «داعش» في محور مفرق القريتين وأطراف محيط مطار التيفور العسكري، ترافقت مع قصف مكثّف من قِبل الجيش السوري على مناطق ومراكز «داعش» في محيط المحطة الرابعة.
في سياقٍ آخر، تجدّدت الاشتباكات بشكلٍ متقطّع في عدد من المحاور بمحيط عين الفيجة ومناطق أخرى في وادي بردى، بين وحدات من الجيش السوري ومسلّحي «جبهة فتح الشام» والفصائل المتحالفة معها، ووفقاً لمصادر إعلاميّة فإنّ الاشتباكات تترافق مع قصف صاروخي من قِبل الجيش السوري على مواقع المسلّحين .
واستهدف الجيش السوري مواقع المسلّحين بجبل الأكراد في الريف الشمالي للّاذقية بقصف مدفعيّ وصاروخيّ، من دون ورود أنباء عن سقوط خسائر بشريّة.