الاستراتيجية الأميركية… ومن سيربح المليون؟
د. سليم حربا
لعل برنامج الإعلامي الكبير جورج قرداحي كان ملهماً لصانع الإستراتيجية الأميركية ودوائر ومربعات صنع القرار في بلاد العم سام الذي لا يسأم في السعي للفوز بالجائزة الكبرى على رغم إخفاقه مرات ومرات في الإجابة على البديهيات كالفرق بين أسباب الإرهاب ونتائجه وبين مكافحة الإرهاب ومكافأته وبين الوهابية والديمقراطية وبين الإرهاب والمعارضة وبين العدوان والقانون وبين الحب والموت في زمن الكوليرا وبين الداء والدواء وبين الجد واللعب، وانطلاقاً من شعار الحزب الديمقراطي الأميركي الحمار ومزايا أبو صبر في التحمل والصبر يُقحم الأميركي نفسه في السباق متنكراً لتكتيك أبو صبر الذي إذا وقع في حفرة لمرة تجاوزها لاحقاً والعم سام نفسه وعائلته الذين وقعوا في حفرة المعارضة المعتدلة التي التهمت المال والسلاح وسفكت الدماء وكانت والإرهاب صنوان لم ولن يفترقان إلا إذا التقى الخطان المتوازيان وفق نظرية البغدادي الذي يقول انه فيثاغورث الإرهاب لهذا الزمان، وتقف أميركا باستراتيجيتها للإجابة على السؤال كيف للعالم أن يحارب الإرهاب؟ وتتعدد الخيارات وأولها يقول: الذي دعم الإرهاب أولى بمحاربته لإعادة تركيبه وترويضه، وتقسيمه إلى إرهاب مشروع يمثله الأصدقاء من المعارضة المعتدلة وآخر غير مشروع يمثله المتطرفون من داعش في العراق وحسب، والخيار الثاني يقول: استناداً إلى القانون والميثاق الأممي والقرار 2170 وخطورة الإرهاب وضرورة التنسيق مع البلدان التي حاربته ودفعت شهداء ودماء، ولا يوجد إرهاب معتدل وآخر متطرف وتعددت المسميات والإرهاب واحد.
أما الخيار الثالث: فلا ضرورة لمكافحة الإرهاب وتركه يتمدد ويتورم وينتشر أفقياً وشاقولياً وساطورياً وكيميائياً، والخيار الرابع: أن يتوقف دعم الإرهاب وقطع الأسباب وإغلاق الأبواب وترك الدول ذات الإرادة الصادقة والإدارة الحكيمة بمكافحة الإرهاب تتولى مسؤولية محاربته نيابة عن العالم.
ويحتار العم سام قبل أن يختار ويستحضر عبقريته الإستراتيجية من العراق إلى أفغانستان مأخوذاً بجدوى الربح والخسارة في مصالحه ومصالح الكيان «الإسرائيلي» وديدنه في مخالفة القانون الدولي وهلعه من النفوذ الروسي والصيني والإيراني وامتصاص نقمة الشعب الأوروبي والأميركي للثأر لفولي وساتلوف وهينج، وحقده التاريخي على الشعب السوري والعراقي وخوفه وهلعه على أدواته في الخليج وإحساسه بأنه يقامر في ما تبقى له من رصيد من النظام العالمي، ويتردد ويرتبك ويطلب حذف إجابتين ويبقي خيارين، إما أن يدّعي محاربة الإرهاب ويخالف القانون والميثاق ويضرب بعرض الحائط التعاون مع سورية وروسيا وإيران وبركس ويراهن على وهم المعارضة المعتدلة كحصان طروادة، وإما أن يعود إلى عقله وحساباته والميثاق الأممي وتوازنات القوى ويلجم أطماعه وأدواته التي تدعم الإرهاب ويتجاوز ترهاته ومسمياته وفانتازيا معارضته المعتدلة، وتبقى الحيرة والارتباك الأميركي ويسأل جمهور المعمورة ويأتي الجواب بغض النظر عن مسرحية مجلس الشيوخ والنواب بأنه يجب احترام القانون والميثاق وإشراك كل الدول في مواجهة الإرهاب بكل مسمياته والنتائج والأسباب لأن هذا الإرهاب يهدد الجميع، وتبقى الوسيلة الأخيرة للمساعدة ويتصل بصديقه أردوغان فلا رد ولا جواب، فداعش وأخواتها فوق كل حساب، إلى بريطانيا وألمانيا ولا أصحاب، ويصيح العم سام صيحة أرخميدس عندما اكتشف قانون الجاذبية وجدتها إلى أحفاد محمد ابن عبد الوهاب ويأتيه الجواب يا طويل العمر لا تتردد نحن دعمنا ونحن نحارب وما أكثر العبر والتجارب من القاعدة وأجيالها ولا تقلق فبيت مال المسلمين تحت أمرك المهم أن ترد الجميل للإرهاب وتقسّم سورية والعراق وأما المعارضة المعتدلة من النصرة والجبهة الإسلامية وجيش الإسلام وباقي الربع من نشامى الإرهاب فلهم في مملكتنا الصدر والمضارب والبنوك بلا حساب، والعالم يحبس أنفاسه ويقول هل يتورط الأميركي ويقع في الحفرة ذاتها بتسرعه وحقده وغباء إستراتيجيته وقصور تكتيكه ولكن هذه المرة ستكون السقطة في مثلث برمودا لأن الخطأ الإستراتيجي في منطقه تعتبر زئبقة الميزان لأمن واستقرار العالم سيكون عصي على التصحيح ولأن أضلاع مثلث برمودا المعارضة المعتدلة تمسك بها داعش وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية وتفتح فمها وتقول هل من مزيد. وللتذكير فقط فإن سورية حطّمت عشرات الآلاف، والخمسة آلاف وهابي جديد لا يقلقها أم أننا يجب أن نذكر دوماً ونُعيد، المهم أن الوقت بدأ ينفذ والعالم ينتظر الجواب النهائي فهل ستخسر أميركا أكثر من المليون.