الجعفري: نجحنا في تثبيت وقف إطلاق النار تمهيداً للحوار.. وننتظر انضمام المعارضة للجيش السوري
قال رئيس وفد الحكومة السورية إلى مفاوضات أستانة بشار الجعفري، إنّ اجتماع أستانة نجح في تثبيت وقف إطلاق النار تمهيداً لإطلاق الحوار السوري، مؤكّداً أنّ الهدف من الاجتماع تدعيم نظام وقف الأعمال القتاليّة في سورية.
وشدّد الدبلوماسي السوري على ضرورة التزام تركيا بمحاربة «داعش» والنصرة، نافياً «مناقشة أيّة مقايضات في اجتماع أستانة»، داعياً الفصائل المسلّحة التي لم تحضر في أستانة إلى الانضمام إلى ترتيبات وقف إطلاق النار.
وفي مؤتمر صحافي، قال الجعفري إنّ بيان محادثات أستانة صادر عن الدول الثلاث الراعية وليس عن المشاركين فيها، لافتاً إلى أنّ «حذف فقرة النهج العلماني للدولة السورية من البيان الختامي تمّ بناءً على طلب تركيا».
الجعفري الذي قال إنّ إيران أدّت دوراً مسهّلاً للتوصّل إلى الصيغة النهائيّة للبيان الختامي لمحادثات أستانة، دعا «الدول التي شاركت في سفك دماء السوريّين إلى تغيير سياساتها»، مسمّياً تركيا وقطر والسعودية. وقال رئيس الوفد الحكومي السوري، «إنّ الإرهاب وصل إلى عقر دار الدول الداعمة للمنظمات الإرهابية».
وبخصوص التنظيمات الإرهابية، أشار إلى أنّه: «في البيان الختامي هناك فقرة تقول إنّ الدول الموقّعة عليه تتشارك في محاربة الإرهاب، وتسمّي «داعش» و«جبهة النصرة» منظمّتين إرهابيتين، ونفترض أنّ هذا الكلام سيطبّق عمليّاً من قِبل تلك الدول، وتركيا من بينها».
وتابع رئيس الوفد: «نقول للدول الإقليميّة الداعمة للإرهابيين، كفى لعباً بالنار، والوقت متاح لها لأن تغيّر سياساتها اتجاه سورية».
وقال إنّ المجموعات الإرهابية اختارت نبذ العنف عندما قرّرت حضور اجتماع أستانة، داعياً المجموعات المسلّحة التي لم تحضر الاجتماع إلى الانضمام لنظام وقف إطلاق النار.
وحول العمليات العسكرية في وادي بردى، أكّد الجعفري أنّه تمّ تحرير كلّ مناطق الوادي عدا عين الفيجة، والتي فيها «جبهة النصرة» التي تستخدم المياه كسلاح ضاغط على الحكومة السورية، معلناً استمرار العمليات العسكرية ضدّها.
من جهةٍ ثانية، قال الجعفري في تصريح لوكالة «سبوتنيك»، بعد مؤتمره الصحافي، إنّ «الحوار في أستانة كان إيجابياً». ورأى أنّ «كلّ جهد يصبّ في مصلحة وقدرة السوريّين حكومة وشعباً على مواجهة الحرب ضدّ الإرهاب المفروضة على سورية، هو جهد محمود ويجب أن نشكره».
وأضاف الممثّل الدائم لسورية لدى الأمم المتحدة، «الآن بالنسبة للمستقبل سنرى كيف يمكن أن نطبّق هذا الإعلان ونتائج اجتماع أستانة على الأرض».
وعن حقيقة حدوث اتفاق بين الفصائل المتحاورة من الحكومة السورية والمعارضة بشأن محاربة الفصائل الإرهابية في سورية جنباً إلى جنب، أكّد الجعفري على «وجود هذا الاتفاق».
من جهته، عبّر وفد المجموعات المسلّحة إلى أستانة عن عدم رضاه على البيان الختامي للمحادثات، لأنّه «تجاهل دور إيران العسكري» بحسب تعبيره.
وقال رئيس الوفد محمد علّوش، «إنّ روسيا انتقلت من طرف داعم للنظام إلى طرف ضامن يحاول تذليل العقبات»، مشيراً إلى أنّ «موسكو وافقت على طلبنا إخراج جميع المعتقلات من السجون في سورية»، بحسب قوله.
وكان المشاركون في مفاوضات أستانة أصدروا أمس بياناً ختامياً، أكّدوا فيه التزامهم الكامل بمبدأ وحدة أراضي سورية، مشدّدين على أنّ الحلّ الوحيد للأزمة هو المفاوضات.
وتضمّن البيان الختامي بنوداً أساسية، أبرزها: «التوصّل لاتفاق حول إنشاء آليّة ثلاثية تقوم بمراقبة نظام وقف إطلاق النار وضمان الالتزام الصارم به من قِبل أطراف النزاع ، ومنع أيّة استفزازات، وتحديد مدى تطبيقه».
وأكّد البيان أيضاً استعداد الدول الراعية الثلاث «روسيا وتركيا وإيران» دعمها لمشاركة المعارضة السورية، بما في ذلك المسلّحة، في مفاوضات جنيف، مؤكّدة أنّها ستنطلق في شباط المقبل.
وشدّد البيان على ضرورة ضمان فصل المعارضة المسلّحة عن الإرهابيّين في سورية.
وفي السِّياق، أكّد المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أمس، أنّ الطريق الوحيد لتأمين السلام في سورية يمرّ عبر المفاوضات الشاملة.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي عقده في ختام مفاوضات أستانة: «إنّ الأولويّة القصوى في المؤتمر كانت لتأمين وقف إطلاق النار في سورية».
وأشاد المبعوث بالأطراف المشاركة في اللقاء، والذي اختتم أعماله، مُعرباً عن تفاؤله بالبيان الختامي، والذي أقرّ آليّة لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار تمهيداً للعودة إلى المحادثات السياسية. وأضاف دي ميستورا، أنّ «روسيا وإيران وتركيا ساهمت بنجاح المؤتمر، عندما أكّدت التزامها كأطراف ضامنة»، موجّهاً التقدير أيضاً لوفدَي الحكومة السورية والمعارضة الذين «جلسا في قاعة مشتركة للمرة الأولى منذ زمن طويل، وهي جرأة سياسية»، بحسب دي ميستورا.
ورأى أنّ «آلية مراقبة وقف إطلاق النار ستحول دون وقوع انتهاكات في المستقبل، وهي نتيجة بالغة الأهميّة، والأمم المتحدة مستعدّة للمساعدة في هذه الآليّة»، متابعاً «حين تستقرّ الهدنة يجب إرسال القوافل الإنسانيّة، لأنّ النزاع السوري ترافق مع الكثير من المعاناة ونقص المساعدات الإنسانية».
وأكّد أنّ «الهدنة ستُساهم في تأسيس الأجواء لمشاركة سياسيّة لجميع المكوّنات السوريّة، وهذه قفزة نوعيّة لبداية المفاوضات الشاملة في جنيف الشهر المقبل».
وشدّد المبعوث الأمميّ على ضرورة عدم تضييع الوقت في تعزيز الهدنة، بل استثماره لإطلاق العملية السياسية، مؤكّداً أنّه لا يوجد أمر معقّد مثل الأزمة السورية، مشيراً إلى أنّ أفضل آليّة لوقف إطلاق النار هي تأثير الأطراف على الجهات المقاتلة.
من جهةٍ أخرى، أشاد دي ميستورا بالوفد الروسي الذي بذل جهداً كبيراً لإنجاح اجتماع أستانة، خاصة رئيس الوفد ألكسندر لافرينتييف، حيث وصفه دي ميستورا بأنّه «وسيط على درجة عالية من الاحتراف».
ميدانيّاً، أعلن المتحدّث بِاسم البيت الأبيض شون سبايسر، أنّ الولايات المتحدة منفتحة على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة مع روسيا ضدّ مسلّحي «داعش» في سورية.
وفي مؤتمره الصحافيّ الأول بعد تسلّم ترامب سدّة الرئاسة، شدّد سبايسر على أنّ واشنطن ستتعاون مع أيّ بلد يشاركها هدف إلحاق الهزيمة بـ«داعش».
وفي السِّياق الميداني، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ 6 قاذفات روسية بعيدة المدى قصفت الثلاثاء، معامل للمتفجّرات ومستودعات للأسلحة والآليات العسكرية لتنظيم «داعش» الإرهابي في محافظة دير الزور السورية.
وجاء في بيان صادر عن الدفاع الروسية، الثلاثاء 24 كانون الثاني، أنّ «ست قاذفات بعيدة المدى من نوع «تو-22 أم 3»، أقلعت في 24 كانون الثاني 2017 من مطار في أراضي روسيا، ووجّهت بعد عبورها أجواء إيران والعراق ضربة جويّة لمعامل لصنع المتفجّرات والذخيرة قرب بلدة الصالحية، ومستودعات للأسلحة والذخيرة لمسلّحي «داعش»، ومواقع تجمّع آليّات عسكرية للتنظيم الإرهابي في محافظة دير الزور».
وأشار البيان إلى أنّ وسائل الرقابة الموضوعيّة أثبتت إصابة كلّ الأهداف المحدّدة.
وأضاف أنّ مقاتلتَي «سو-20 أس أم» و«سو-35 أس»، قامتا بدعم عملية القصف بعد إقلاعهما من مطار «حميميم»، مؤكّداً عودة كافّة الطائرات الحربية الروسية إلى قواعدها بعد تنفيذ مهمّتها بنجاح.
من جهةٍ أخرى، وفي وقت يواصل الجيش السوري وحلفاؤه تحقيق إنجازات ميدانيّة متسارعة على جبهات متعدّدة، وبعد الانتصار التاريخي الذي تحقّق في مدينة حلب، سيطرت حالة من التخبّط والإرباك الشديدَين على المجموعات الإرهابية في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وصلت إلى حدّ وقوع اشتباكات بينهم.
وقد شنّ مسلّحو «جبهة النصرة» الإرهابيّة هجوماً مفاجئاً ضدّ جماعة «جيش المجاهدين – الجيش الحر» في ريفَي حلب وإدلب شمال غربي سورية، حيث حاصرت «الجبهة» مقرّ الجماعة في بلدة معرشورين شرق مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وطالبت مسلّحيها بتسليم أنفسهم وسلاحهم.
كما أصدر الارهابي السعودي عبدالله المحيسني الذي يشغل مسؤولية «الشرعي العام» لما سُمّي «جيش الفتح» و«شرعيّون» آخرون، «فتوى» توجب على «جبهة النصرة» وقف قتال «جيش المجاهدين – الجيش الحر»، وأشاروا إلى أنّ اعتداء «النصرة» يُعتبر «محرّم ولا يجوز شرعاً».
وطالبوا «جبهة النصرة» بسحب أرتالها والنزول العاجل لـ«محكمة شرعية».
من جانبه، أعلن «جيش المجاهدين – الجيش الحرّ» في بيان له، أنّه يعتبر هجوم «جبهة النصرة» عليه خدمة للجيش السوري «لإشغال المجاهدين باقتتال داخلي ينتج عنه خلخلة للصفّ الداخلي».
وأكّد «جيش المجاهدين» في البيان: «لن نقف مكتوفي الأيدي، وسندافع عن الأرض التي ارتوت حتى حُرّرت بدماء شهدائنا،»، داعياً جميع الفصائل «للوقوف وقفة رجل واحد» بوجه فكر الجماعات المتطرّفة.
وفي سياقٍ متّصل، أشارت تنسيقيّات المجموعات المسلّحة إلى أنّ «جيش المجاهدين» أعلن انضمامه رسمياً إلى حركة «أحرار الشام» الإرهابية.
وأضافت أنّ «جبهة النصرة» أعلنت منذ فجر الثلاثاء بدء عملية استئصال لعدد من كبرى الفصائل المقاتلة في ريفَي حلب وإدلب بحجّة أنّ هذه الفصائل تسبّبت في سقوط مدينة حلب، إضافةً إلى وجود عدد كبير من المفسدين في صفوفها.