لحزب الله هواجسه وشارعه أيضاً… فزاعة الفراغ سقطت
روزانا رمّال
تؤكد مصادر متابعة لـ»البناء» أنّ حزب الله ليس بصدد تعقيد المشهد المتعلق بقانون الانتخاب في لبنان والوقوف عند خيارات الأفرقاء ودراستها، لكنه ايضاً ليس بصدد التفريط بنتائج أرختها التطورات الإقليمية لصالحه إيجاباً عبر تجيير مكاسب محلية تعيد عقارب الساعة الى الوراء وتضع البلاد أمام مخاطر تكتل أكثريات وتدوير حسابات جديدة عند أي مطب أو مفصل تقرر فيها الادارة الأميركية وحلفاؤها برئاسة ترامب تحدي الحزب في الداخل وفرض مزيد من الضغوط عليه بخصوص وجوده في سورية وهو المرجح حسب مشروعَي قرارين مطروحين في مجلس النواب الأميركي اليوم يتضمنان عقوبات مالية جديدة، الأول ضدّ الحكومة السورية، والآخر ضد حزب الله الذي لم يعد يخفي توقعه لبدء الضغط في مسألة خروجه من سورية. وقد بدأت مؤشرات تركية أوائل الشهر تحاكي ذلك توخياً لوضع اعتماد تركي بين يدي الإدارة الجديدة لترامب. لذلك فإنه من المتوقع حسب المصادر أن «يتابع حزب الله الحركة الناشطة على خط الضاحية, بعبدا والمختارة بشكل أساسي للتوصل الى حل لا يهدي فيه انتصارات مجانية ولا تكشف البلاد أمام معادلات تقوّض التغيير المفترض، ضمن فرصة العهد الجديد الذي قاتل حزب الله سياسياً وتقنياً بعد سنتين من الشغور لدعم وصوله سدة الرئاسة».
يختم المصدر «مخطئ من يظن ان حزب الله سيتجه في هذا الإطار نحو تجاهل اولويات حماية الامن الداخلي المنطلق من استقرار سياسي لا يعطي فرصة الانقضاض عليه مجدداً، عبر تحالفات طارئة غب الطلب على غرار ما كلفه الحلف الرباعي رغم تبدّل الظروف اليو»، أو انه سيقع اسير فزاعة الفراغ مقابل التمديد أو الستين التي أسقطها اولاً في زمن الشغور الرئاسي عندما تمسّك بعون حتى آخر لحظة بدلاً من أخذه نحو خيارات أمر واقع كما كان مرسوماً».
على هذا الاساس يبدو أن ثقة حزب الله وضماناته التي استبشر منها خيراً من عهد الرئيس العماد ميشال عون ستبقى الوجه الحاكم لقانون الانتخاب. وبهذا الاطار يبدو الرئيس عون متمسكاً الى حد كبير بتغيير القانون فأجواء بعبدا تدرك تماماً أنها فرصة العهد «الوحيدة» لإثبات أنه ليس عدداً يُضاف الى منظومة الحركة السياسية السابقة القائمة على اقتسام المصالح والانخراط ضمن اللعبة اللبنانية، بحيث لا يحضر فيها الا المزيد من التكريس للنظام الطائفي وتكبير وحوش المال والسلطة.
مسألة الاصلاح التي يلبسها «التيار الوطني الحر»، كما هو مفترض بإعلانه عن المساعي نحو التغيير القريب هي ملف قائم بحد ذاته يتداوله المعنيون في الضاحية، بعدما وصلت الأمور في شهر آب 2015 لحظة الاندفاعة الشعبية «الحراك المدني» لمرحلة التساؤل عن دور المقاومة في الإصلاح التي لا يجب أن تقتصر على القتال الفعلي باستخدام السلاح بدل مقاومة الفساد ايضاً, الف سؤال وسؤال يتردّد يومياً بين شكاوى من تراكم النفايات في الضاحية الجنوبية ومسائل فساد على المكاتب المعنية الإنمائية أو الخدمية في الحزب ومحسوبيات ومتغيرات جرت في الانتخابات البلدية التي أفرزت قوى من ضمن الشارع الشيعي تطمح للتغيير وإحداث خرق من دون أن تتنازل عن مستوى تعلقها بالمقاومة كمسلَّمة كبرى.
لا يتوقف الشارع الشيعي عن المطالبة بتحسين الواقع المعيشي والإنمائي و»التمثيلي» أيضاً في مجلس النواب. وهو يدرك أن القوى الأكثر نفوذاً في البلاد تكمن في تحالفَي حزب الله وحركة امل بالمعنى الفعلي للتأثير المحلي ولن يكون مقنعاً عجز حزب الله هذه المرة عن إحداث تغيير بحجم تحديث قانون الانتخاب وهو الذي استطاع فرض شروطه وصموده لحين ايصال الرئيس الأمثل لرئاسة الجمهورية بالنسبة اليه.
لا تخفي قيادات في حزب الله إمكانية أن يتمّ إحداث خروق طفيفة في المقاعد النيابية بعد تحديث قانون الانتخاب، لكنّها تشدّد على ان هذا لن يؤثر على الكتلة ولا تمثيلها بل سيؤثر إيجاباً على نسيج الحالة الشيعية. وهو الأمر الذي يشكل أيضاً فرصة لإعطاء الطوائف كافة الحق في التمثيل.
يفيد التذكير بما كان قد طالب به الأمين العام لحزب الله من القوى التي نزلت على الشارع في عام 2015. وهو السعي للتغيير بصندوق الانتخاب والمطالبة بقانون جديد. وهو سيكون اول الداعمين لأي شكل من أشكال المساهمة في تعزيز العملية الديمقراطية, ولا تغيب عن نصرالله المطالبة في اغلب خطاباته المتتالية أخيراً بنظام جديد يعتمد على النسبية، ولا يمكن اعتبار ان الحزب متنصّل مما ينادي به علناً، كما يحاول جزء كبير من الأفرقاء الإيحاء، معتبرين أن الأغلبية تنادي بالنسبية على المنابر مع نيات خفية بالتمسّك بقانون الستين. الأمر نفسه الذي حاول كثر اللعب من خلاله على خط الضاحية بنشعي الرابية بالقول إن حزب الله يريد سليمان فرنجية رئيساً باطناً، ويوحي بأنه يريد عون في تصريحاته العلنية.
يقول الرئيس عون أمس خلال مجلس الوزراء المنعقد «إذا تمّ تخييري بين الفراغ والتمديد لمجلس النواب فسأختار الفراغ, أقسمت على الدستور واتفق كل الأفرقاء على إعداد قانون جديد للانتخاب، وإذا لم نستطع بعد 8 سنوات من وضع قانون جديد فأين مصداقيتنا؟».
كلامٌ واضح. وحزب الله ليس بعيداً عن تأييده بعدما تصالح مع الفراغ الرئاسي يوماً منتظراً النتيجة الأمثل. وعون ليس بعيداً ايضاً عن التمسّك بمواقف اعتاد اللبنانيون على تشبثه بها في لحظات المعارك السياسية بالبلاد.