الأسد لعبد اللهيان: نجاح اتفاق وقف الأعمال القتالية مدخل للاستقرار.. ودور بنّاء لإيران

بحث الرئيس السوري بشار الأسد أمس مع حسين أمير عبد اللهيان، المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني، تطوّرات الأزمة السورية.

وذكرت وكالة «سانا» أنّ الجانبين أكّدا «دعمهما لاتفاق وقف الأعمال القتالية الذي يستثني «داعش» و«جبهة النصرة» والمجموعات المسلحة الأخرى المرتبطة بهما».

وأضافت أنّ الأسد وعبد اللهيان «اعتبرا أنّ نجاح هذا الاتفاق يشكّل مدخلاً لعودة السلام والاستقرار إلى سورية عبر الاستمرار في محاربة الإرهاب وخلق الظروف الملائمة لإطلاق حوار يقوده السوريّون ويقرّرون من خلاله مستقبل بلدهم».

وأكّد الرئيس الأسد على أهميّة «الدور البنّاء» الذي تقوم به إيران، والمتمثّل بـ«دعم صمود الشعب السوري في مواجهة الحرب الإرهابيّة المفروضة عليه، والسَّعي لإيجاد حلّ سلمي يحفظ سيادة سورية ووحدتها أرضاً وشعباً».

وأشار عبد اللهيان إلى أنّ «الدعم الإيراني لسورية في شتّى المجالات ثابت ومبدئي بحكم العلاقة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، وقناعة إيران الراسخة بأنّ الإرهاب الذي يستهدف سورية يشكّل خطراً داهماً على جميع شعوب المنطقة».

يُذكر أنّ الرئيس السوري التقى في الثامن من الشهر الحالي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني لبحث إيجاد حلّ للأزمة السورية، كما اجتمع الأسد مع رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجيّة في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي في الرابع من الشهر ذاته.

كما بحث عبد اللهيان مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم نتائج اجتماع أستانة، وعقد لقاء مع رئيسة مجلس الشعب السوري هديّة عباس.

من جهةٍ أخرى، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف آفاق تسوية الأزمة السورية بأنّها «لا بأس بها»، مقدّماً نصيحة للسوريّين مفادها ضرورة تكثيف الجهود للتوصّل إلى توافق.

وجاءت تصريحات لافروف المقتضبة، أمس، تعليقاً على نتائج المفاوضات في أستانة الكازاخستانية وجدول أعمال لقائه المرتقب بمعارضين سوريّين اليوم الجمعة بموسكو.

وردّاً على سؤال حول الخطوات التالية التي يجب اتّخاذها على مسار التسوية السورية، قال لافروف: «العمل، العمل، العمل»، في إشارة ضمنيّة إلى عبارة لينين الشهيرة، إذ أشاد في إحدى مقالاته بالعمّال «الأبطال» الذين، على الرغم من الأشغال الشاقّة في المعامل، يجدون في أنفسهم الإرادة الكافية لكي «يتعلّموا ويتعلّموا ويتعلّموا».

وبشأن قائمة المعارضين السوريّين الذين سيشاركون في اللقاء مع لافروف في موسكو الجمعة، قالت ماريا زاخاروفا، الناطقة بِاسم وزارة الخارجية الروسية، إنّه لا توجد معلومات دقيقة بهذا الشأن حتى الآن، لكنّها أكّدت أنّ الجانب الروسي بعث بالدعوات إلى ممثّلي المعارضة «الداخلية» والمعارضة التي تنشط خارج سورية، على حدّ سواء.

وسبق للافروف أن قال إنّ الهدف من اللقاء هو إبلاغ المعارضين الذين لم يحضروا مفاوضات أستانة يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، بما جاء في هذا المحفل الدولي المكرَّس لتثبيت الهدنة في سورية والتمهيد لاستئناف المفاوضات السوريّة في جنيف.

بدورها، أكّدت زاخاروفا أنّه سيكون بإمكان المعارضين السوريّين أن يطرحوا على لافروف أسئلة حول المسوّدة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد، والتي تمّ توزيعها في أستانة. لكن الدبلوماسيّة الروسية شدّدت على أنّ الهدف من طرح المبادرة الروسية، ليسَ فرض إملاءات ما على السوريّين، بل التشجيع على بدء الحوار، ولذلك تنتظر روسيا من المعارضين السوريين ليس ردود أفعال على اقتراحاتها، بل الشروع في المناقشة بين بعضهم بخصوص هذا الموضوع.

ودفعت التطوّرات الأخيرة التي شهدتها الأزمة السورية، بل وساحة العلاقات الدولية كلّها، بريطانيا إلى تغيير سياستها جذريّاً اتجاه سورية ورئيسها بشار الأسد.

وللمرة الأولى تقريباً منذ اندلاع الأزمة السورية، اعتبرت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها بوريس جونسون، مشاركة بشار الأسد في انتخابات الرئاسة السورية المقبلة أمراً ممكناً في حال التوصّل إلى تسوية سلميّة للنزاع، وذلك بعد أن كانت تصرّ على مدى نحو الـ 6 سنوات الماضية على ضرورة تنحيته من منصب الرئيس، بل ومن مجال السياسة السورية كلّها.

وقال جونسون، في كلمة ألقاها أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس اللوردات البريطاني أمس، إنّه «ليست هناك خيارات جيدة للحلّ» بالنسبة لسورية، لكنّه أضاف في الوقت ذاته: «يجب عليّ أن أكون واقعياً، علماً بالتغيّرات التي مرّ بها الوضع على الأرض، وربما يتعيّن علينا إعادة التفكير في سُبُل تعاملنا مع هذه القضية، وعليّ الاعتراف بأنّ سياستنا السابقة لا تنمّ عن ثقة كبيرة».

وبيّن جونسون قائلاً: «كنّا منذ فترة طويلة ملتزمين بالبند القائل إنّ رحيل الأسد أمر ضروري، لكنّنا لم نكن أبداً قادرين على تحقيق ذلك، وهو الأمر الذي تسبّب في الصعوبات التي نواجهها حالياً»، بحسب تعبيره.

على صعيدٍ آخر، كشف خالد عبد المجيد أمين سرّ تحالف القوى الفلسطينيّة عن تحوّلات تجري في منطقة الحجر الأسود بريف دمشق، حيث قام أكثر من ألف مسلّح بسحب مبايعتهم لأبي بكر البغدادي ومن تنظيم «داعش» الإرهابي، وأطلقوا على أنفسهم أبناء الحجر الأسود، تمهيداً لتسوية أوضاعهم وبقائهم في المنطقة قريباً.

وبيّن عبد المجيد، أنّه في ظلّ المصالحات والتسويات التي تجري في ريف دمشق، وفي محيط المدينة التي تقوم فيها الجهات المختصّة، تمّ إنذار المسلّحين الذين رفضوا تسليم سلاحهم بناءً على التسوية مؤخّراً في بيت سحم ويلدا وببيلا.

علماً أنّ المسلّحين الآخرين تمّت تسوية أوضاعهم، فوُجّهت لهم إنذارات من أجل تسليم سلاحهم وإنهاء الوجود المسلّح من المنطقة. ومن المفترض أنّه خلال أيام سيتم تنفيذ ذلك، ليأتي بعدها دور المنطقة الجنوبية «الحجر الأسود، ومخيم اليرموك، وبعض أحياء التضامن».

ولفتَ عبد المجيد إلى أنّه لا يمكن حلّ مشكلة مخيم اليرموك من دون تسوية الوضع ومعالجته في الحجر الأسود، وأضاف: «المعلومات المتوفّرة لدينا أنّه بعد إنجاز المصالحة في بيت سحم ويلدا وببيلا، ستتمّ تسوية ومعالجة الوضع في مخيم اليرموك والحجر والأسود، حيث أنّ عدداً من المسلّحين سيغادرون إلى مدينة إدلب، في حين يبقى عدد داخل الحجر الأسود لتسوية أوضاعهم.

علماً أنّ القوائم التي قُدّمت في الاتفاق الماضي بلغت نحو ألفَي مسلّح في المنطقة الجنوبية، ونحن نتابع من أجل أن يكون تنفيذ الاتفاق القديم الذي وقّعت عليه المجموعات المسلحة في شهر شباط المقبل».

من جانبه، أكّد المتحدّث بِاسم مركز المصالحة الروسي في سورية، أنّ سكّان منطقة وادي بردى في سورية عادوا إلى الحياة المدنيّة، حيث قام أكثر من 2600 مقاتل بتسليم أسلحتهم، مشيراً إلى أنّ جزءاً من المتطرّفين الرافضين تسليم أسلحتهم لجأوا إلى المناطق الجبلية ويواصلون القصف الدوري للأراضي والمناطق السكنيّة المحيطة.

وفي سياقٍ ميدانيّ آخر، استعاد الجيش السيطرة على مواقع الحرس الجمهوري في منطقة المقابر على المحور الجنوبي لمدينة دير الزور، التي سيطرت عليها جماعة «داعش» الإرهابيّة سابقاً.

وقال مصدر، إنّ الجيش استعاد السيطرة على هذه المواقع بعد اشتباكات عنيفة استُخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة، كبّد فيها مسلّحي «داعش» خسائر كبيرة، مشيراً إلى أنّ العمليات القتاليّة لا زالت مستمرّة حتى لحظة إعداد هذا الخبر.

وأضاف أنّ الطائرات الحربيّة الروسية والسورية تواصل شنّ غاراتها على مواقع وتحرّكات مسلّحي «داعش» في محيط منطقة المقابر وسريّة جنيد على المحور الجنوبي لمدينة دير الزور، وتحقّق إصابات مباشرة في صفوفهم.

كما أوضح أنّه لا صِحّة للأنباء التي تشيعها مواقع وتنسيقيات المجموعات المسلّحة عن قطع طريق أثريا – خناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي.

وتابع أنّ الجيش السوري تصدّى لمحاولات مسلّحي «داعش» الالتفاف في منطقة الطويحيني المقابلة لتلال الحمامات في ريف حلب الجنوبي الشرقي، حيث تتواجد مواقع الجيش التي توفّر الحماية لطريق خناصر- حلب، التي لم تتأثّر بالأعمال العسكريّة هناك، منوّهاً إلى أنّ هذه التلال تبعد مسافة 6 كيلومترات عن طريق خناصر – حلب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى